النازحون في حرض .. من جحيم القصف إلى لهيب المعاناة (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 09 يناير, 2018 - 08:21 مساءً
النازحون في حرض .. من جحيم القصف إلى لهيب المعاناة (تقرير)

[ وضع مؤلم يعانيه النازحون في حرض ]

تستيقظ الأرملة النازحة من مدينة حرض الحدودية بمحافظة حجة (شمال غرب اليمن), مريم حسن صباح كل يوم لتطعم أطفالها الخمسة، وتبدأ رحلتها اليومية في البحث عن الحطب لاستخدامه في الطهي والتدفئة خلال فصل الشتاء.

وتتشارك مريم التي تسكن في خيمة مهترئة هذه الحال مع المئات من النازحين من المناطق الحدودية الذين يسكنون مخيم المنجورة شمال مديرية عبس, بمحافظة حجة وتتفاقم معاناتهم خلال فصل الشتاء.

ويستغل النازحون في مخيم المنجورة بمديرية عبس الحدودية, الطقس المشمس صباحاً، للخروج من خيمهم قاصدين الأحراج المحيطة علهم يحظون بالقليل من الحطب، يقيهم الصقيع في ليالي الشتاء الباردة.

وتعاني أكثر من 1700 أسرة تسكن المخيم من ظروف معيشية صعبة مع حلول فصل الشتاء ويدفع الأطفال الثمن الأكبر نتيجة هذه الظروف خصوصاً مع انتشار الأمراض وغياب الرعاية الصحية.



ويفتقر مخيم المنجورة لأبسط مقومات الحياة الكريمة بالإضافة للخدمات الإيوائية والغذائية، ويعيش النازحون فيه أسوأ الظروف الإنسانية، في ظل نقص حاد في الغذاء والدواء ومياه الشرب النظيفة.

ورغم مأساوية وضع النازحين في مخيم المنجورة إلا أنهم يعتبرون أنفسهم محظوظين مقارنة بآخرين يواجهون البرد القارس في العراء بلا مأوى يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.

ظروف قاسية

تقول مريم لـ"الموقع بوست": "منذ أكثر من عامين نعاني ظروفاً قاسية في المخيم جراء حر الصيف وبرد الشتاء، وسط نقص كبير في المساعدات من أغطية وغذاء وأدوية تقي الأطفال والرضع من الأمراض".

وتضيف: "أشعر بالخوف على أطفالي الصغار في فصل الشتاء، فنحن الكبار نتحمل البرد لكن الأطفال يصابون بأمراض مختلفة في ظل عدم وجود أماكن تقيهم برد الشتاء وانعدام وسائل التدفئة التي تحميهم من البرد".

وتتابع وهي تطبخ على موقد من حجارة وحطب أمام خيمتها: "أطبخ على الحطب الذي أجمعه بمساعدة طفلي الصغير فلا يوجد لدينا غاز ولا نستطيع شراء الحطب بسبب ارتفاع ثمنه وعدم توفر النقود".

وعلى غرار الآلاف غيرها، لم تتمكن مريم حتى الآن من العودة إلى مدينة حرض الحدودية التي تشهد منذ عامين ونصف العام معارك عنيفة بين مليشيات الحوثي وقوات الجيش الوطني مسنودة بالتحالف حولتها إلى مدينة أشباح.

هروب من القصف إلى المأساة

أبو نايف نازح من مديرية ميدي الساحلية بمحافظة حجة يقول لـ"الموقع بوست":  نزحنا من ميدي بملابسنا التي على أجسادنا وتركنا كل شيء هرباً من القصف لنجد أنفسنا وسط مخيمات لا تحمينا من حر الصيف ولا برد الشتاء.

ويضيف أبونايف الذي تجاوز الأربعين عاماً أن أغلب النازحين في المخيم يعانون من الأمراض خلال فصل الشتاء   ويحتاجون لمواد إيواء وملابس وأغطية، لافتاً الى إصابة المئات من أطفال المخيم بنزلات برد كونهم لا يمتلكون الملابس الكافية التي تقيهم شر البرد.



من جانبها قالت زوجته أم نايف ولديها ستة أطفال، أن آلام النازحين ازدادت خلال  فصل الشتاء وبالأخص كبار السن والأطفال الذين يشكون صقيع الشتاء في الوقت الذي لا تجد فيه غالبية الأسر الأغطية والملابس الواقية من البرد.

وتضيف في حديثها لـ"الموقع بوست" أن مئات الأسر التي تقطن المخيم تعاني من انعدام احتياجات فصل الشتاء من ملبس ومأوى يتناسب مع طبيعة الطقس القاسية في هذا الموسم.

وضع كارثي

ووصف ناشطون أوضاع النازحين من المناطق الحدودية بالكارثية، حيث يعيش معظم النازحين في خيام مهترئة ويفتقرون إلى المأوى والماء والغذاء والخدمات الصحية والتعليمية.

وقال علي سلطان ناشط اجتماعي لـ"الموقع بوست" بأن الأطفال في المخيم يعملون من الصباح الباكر على جمع بقايا الحطب والأوراق والبلاستيك من أطراف المخيم والحقول المجاورة ليؤمنوا التدفئة لأنفسهم.

وأضاف بأن أوضاع النازحين في مخيم المنجورة تدهورت مع بداية فصل الشتاء نتيجة البرد القارس وفقر المخيم إلى المقومات الطبية والصحية، إلى جانب عدم وجود أغذية للأطفال الذين يفتقرون إلى الحليب.

ودعا المنظّمات الإنسانية المحلية والدولية للتدخل العاجل والتوجه إلى مخيمات النازحين من المناطق الحدودية ومعاينة الوضع بأنفسها، وإنقاذ مئات الأسر النازحة التي تحتاج إلى التدفئة والغذاء والمياه والرعاية الصحية.

وفرّ نحو نصف مليون شخص من المناطق الحدودية مع السعودية منهم قرابة 200 ألف شخص من حرض وميدي بعد أن حولتهما مليشيا الحوثي إلى ساحة حرب بعد تمركزها في المدينتين ومينائيها البري والبحري ما جعلها عرضة للضربات الجوية بشكل يومي.

وتقدر الإحصائيات الرسمية عدد النازحين في محافظة حجة من مختلف المديريات بنحو 485 ألف و388 نسمة أي ما يعادل 80 ألف و898 أسرة منهم 134 ألف نازح خارج المحافظة.
 


التعليقات