عبر تزيين الشوارع ورصف بعضها وإجراءات أخرى
الحوثيون يحاولون تحسين صورتهم في صنعاء وسط عاصفة من الأزمات (استطلاع)
- صنعاء - خاص الجمعة, 16 مارس, 2018 - 09:35 مساءً
الحوثيون يحاولون تحسين صورتهم في صنعاء وسط عاصفة من الأزمات (استطلاع)

[ ناشطون اعتبروها محاولات بائسة لتحسين الصورة ]

تحاول مليشيات الحوثي في صنعاء، أن تترك بصمات لها في شكل المدينة وفي بعض اجزائها، ولكنها محاولات باعثة للاستفزاز من جهة، والاشمئزاز من جهة أخرى بحسب تعبير مواطنين وناشطين سياسيين، حيث يحاول الحوثيون من بعد أحداث سبتمبر ومقتل الرئيس السابق صالح، الظهور عبر تجديد رنج الشوارع الرئيسية والفرعية، وإصلاح الشوارع التي تعرضت للتكسير، والمليئة بالحفر، حيث تحاول القيام برصفها من جديد، إلى جانب ذلك فتح الشوارع المغلقة، والقيام بتشجير بعض الشوارع الأخرى، عن طريق مكتب الاشغال العامة الذي عاد إلى العمل في ظل سيطرة الحوثيين على الدولة.

والى جانب ذلك حاولت مليشيات الحوثي استئناف العمل في جسر مذبح، وإعادة الشغل والنشاط إليه بعد سنوات من توقفه، وفي ذات الوقت حاولت المليشيات إيجاد حلول للأزمة المرورية التي أحدثها تعرقل المشروع، وعملت على فتح طرق فرعية جانبية في ذات الوقت، معتقدة في ذلك أن تلك الخطوات ستجلب لها نوعا من الرضا، في الشارع اليمني الذي ضاق ذرعا بفساد الجماعة ونهبها للموارد ووقوفها وراء الأزمات المتتالية التي كانت اخرها أزمة الغاز والتي ضربت حياة الناس اليومية في العمق، وحولتها الى جحيم لا يطاق.

وفي الوقت الذي تقول فيه مصادر مطلعة في صنعاء لـ "الموقع بوست"، بأن ما يقوم به الحوثيون تعود موازنته الى صندوق تمويل دولي مدعوم من بعض الدول، تقول مصادر أخرى بأن ذلك يتم من الموارد التي يقوم بجبايتها الحوثيون بشكل يومي من الضرائب والجمارك ومن فوارق السعر في المشتقات النفطية، وما على ذلك من الموارد، وهدفها أنها تريد فعل شيء، بعد أن أصبحت في واجهة التفرد بالسلطة وبالقرار بعد مقتل الرئيس السابق صالح، وإقصاء المؤتمر الشعبي العام من المشاركة في القرار السياسي، بشكل أو بآخر.

استفزاز كبير للمواطن

يقول الصحفي، إبراهيم الشرعبي، في حديثه لـ "الموقع بوست": "ما تقوم به مليشيات الحوثي في صنعاء، من مشاريع متعددة في العاصمة اليمنية صنعاء مثل التشجير ورصف الطرقات، وخصوصا بعد مقتل حليفهم السابق علي صالح، هي عملية إثبات وجودهم كدولة بعد أن أصبح كل شيء مرمي على عاتقهم وتفردهم في السلطة، ولهذا يريدون أن يكسبوا قاعدة شعبية وتغطية لما يحدث في مؤسسات الدولة من تدهور كبير، وأعتقد أن فتح مشاريع مثل تلك المشاريع وفي هذا التوقيت يشكل استفزاز كبير لأي فرد من هذا الشعب، أموال هائلة تنفق والموظف المحروم من راتبه لا يمتلك حتى كيس دقيق في منزله، سنرى إلى أي مدى ستصل هذه الحرب وكم سيصمد هذا الشعب، أصبح الشعب مظلوم حتى من الخارج بشكل أكبر مع الأسف".

رشوة لابتلاع الدولة

من جهته الناشط السياسي، عبد الهادي العزعزي، وفي تعليقه لـ "الموقع بوست"، عن مساعي الحوثي لمثل هذه الأعمال، وعن المغزى الذي تهدف من ورائه الجماعة، حيث يقول العزعزي: "كانت هذه الاعمال الثمن البخس لاستكمال تجريف الدولة لصالح جماعتهم. الجماعة مارست مصادرة لما تبقي من الجمهورية وأصولها المالية، وكانت هذه اخر رشوة تقدم على طريق ابتلاعهم للبلد، سفلتة ورصف وتشجير للشوارع، وكل هذه لا تساوي 5%من فارق أسعار النفط والغاز والنهب والسلب وتوقف الرواتب، ونهب الاغاثة والضرائب ومصادرة الجيش والأمن والصحة والتعليم والأصول المالية للمؤسسات والشركات، واخيرا رشوة مقابل غدرهم بشريكهم ورجاله ومصادرة أملاكهم".

صورة مشوهة

يبدو أن الصورة الإيجابية التي تريد جماعة الحوثي ان ترسمها في أذهان الناس عنها، غير ممكنة خصوصا في ظل الظروف الراهنة الظروف الصعبة والمعقدة، وفي ظل الأزمات المتكررة.

ويجمع ناشطون ومواطنون وصحفيون ومراقبون، على أن الصورة الإيجابية لا يمكن أن تخلق إلا عبر توفير الخدمات الأساسية من غاز وغذاء ومشتقات نفطية، وهذا ما لا تقدر عليه جماعة الحوثي، بالإضافة إلى التزامها بصرف رواتب اليمنيين المنهوبة والمنقطعة منذ أكثر من عام حتى الان.

يقول الصحفي، شاكر أحمد خالد، في حديثه إلى "الموقع بوست": "في تقديري ان هذه الاعمال التي يقوم بها الحوثيون في صنعاء ليس الهدف منها ترك صورة ايجابية عنهم لدى المواطنين، وإذا ارادت مليشيا الحوثي مثل هذه الصورة فالطريق اليها معروف وهو العمل على توفير الخدمات الاساسية وفي مقدمتها الغاز الذي يعاني من انعدامه سكان العاصمة هذه الأيام".

ويضيف شاكر "لقد عادت بهم الاوضاع الى عهد الامامة وتدرك مليشيا الحوثي هذه الحقيقة وتلمس تذمر مكتوم للسكان، لذلك تلجأ إلى مزيد من القمع وتكميم الافواه لادراكها ان السيطرة الحالية لها جاءت بواسطة هذه القوة وليست رضى المواطنين".

وبحسب شاكر "لو ارادت المليشيا تحسين صورتها لتوقفت اقل شيء عن استفزاز مشاعر المقهورين والجوعى بشعاراتها الفارغة والطائفية في شوارع صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها".

وتابع المتحدث قوله: "لا ندرك ان مثل هذه الاعمال اضحت ظاهرة موجودة في صنعاء، وان وجدت فعلا فالهدف يبدو ان المليشيا تعتقد أن السيطرة على العاصمة ومناطق شمال الشمال على الأقل أصبحت مأمونة ومضمونة خاصة بعد سحق القوات التابعة للرئيس السابق".

وزاد "تدرك المليشيا ان صنعاء هي العاصمة وهي مهبط الوفود الدولية والزيارات الخارجية. تحسين صورتها أمام الخارج من بين هذه الاهداف في ظل تواطؤ دولي واضح لتسيد هذه الجماعة مصير اليمنيين من جديد رغم فاتورة الدم والإرث التاريخي الظلامي مع أسلافها".

اليمنيون يصبرون لكنهم لا يموتون

بحسب حديث الناشط السياسي، علي أبو لحوم، فأن "الانقلاب الحوثي غدر بشريكه بالانقلاب على صالح وتمخض عن هذا الحدث بعدين ستتأثر بهما الحياة العامة على المدى الطويل، الأول سياسي والآخر قبلي.

السياسي ما نعيشه الْيَوْمَ من حالة قطيعة لمكوّن الحوثي المغتصب للسلطة والمتفرد بها الْيَوْمَ والقبلي ما تراه الْيَوْمَ في تفكير الناس وسلوكهم، فكل الناس في مناطق سيطرة الحوثيين يحملون نحوهم مشاعر نقيضة لما تبدو عليهم، لم يَرَ الناس اَي بشائر للخير والتغيير كما كان يلوح بها الحوثي، واكتشف الناس أن ليس له من أهداف قريبة وبعيدة سوى قتل اليمنيين سواء من كانوا في صفوفهم أو ضدهم".

ويتابع أبو لحوم حديثه لـ "الموقع بوست": "الحوثيون الْيَوْمَ يدركون ان اليمنيين لا يرغبون ببقائهم أطول ولذلك يحاولون بشتى الطرق إرضاءهم حتى ولو شكلاً، وما تحسين الطرق وترميم الشوارع التي تأثرت من المواجهات سواء دليل على ذلك".

ويضيف: "لا يستطيعون العمل بأكثر من ذلك والنَّاس لا يفكرون الْيَوْمَ سوى بلقمة العيش وتوفير الخدمات الاساسية لكن الحوثيون يقفون عاجزين عن تلبية اساسيات المواطن العادي لسببين، الأول إن الأمور خرجت عن سيطرتهم وأصبحت بأيد تجار الأزمات والحروب، والامر الاخر ان مراكز النفوذ لديهم مستفيدة من هذا الوضع، وبالتالي لن يصلوا الى ارضاء المواطن مهما صنعوا، وحالة الحنق والغضب الغائر تحت الرماد سيظهر على السطح عما قريب. اليمنيون يصبرون لكنهم لا يموتون".

فرقعة إعلامية

يذهب المحلل السياسي، باسم الحكيمي في حديثه إلى "الموقع بوست" عما تقوم به في صنعاء من مظاهر، وتغييرات في ألوان الشوارع وإحداث بعض التشجير هنا وهناك، بقوله: "ما يقوم به الحوثيين هي مجرد فرقعات إعلامية وطريقة فهلوية وفساد منظم لنهب أموال صندوق صيانة الطرق والجسور تحت مسميات مختلفة ولن تفلح مثل هذه الأكاذيب أمام الجموع المطوبره أمام محطات الغاز".

ومن ناحية ثانية يقوم الحوثيون بتغيير بعض أسماء الشوارع في العاصمة صنعاء وبعض الرموز والأماكن التاريخية التي ارتبطت بالمدينة منذ القدم، حيث قامت بتغيير بعض أسماء القاعات في جامعة صنعاء بأسماء قادتها وأسماء طائفية وغيرها من الأسماء التي تؤكد على مشروعها الديني الطائفي. ولوحظ بعد مقتل صالح، قيام الجامعة بتغيير اسم جامع الصالح، إلى جامع الشعب.

وفي تعليقه على هذه النقطة يقول باسم الحكيمي: "يهدف الحوثيين من تغيير أسماء الشوارع إلى تغيير في الهوية والمزاج الوطني الرافض للكهنوتية الأمامية ومحاولة إيجاد هوية ومزاج شعبي مصنوعة من ملازمهم وافكارهم الشيطانية وقد وصل بهم الى الامر الى تغيير المناهج الدراسية لكن في الاخير كلها ممارسات سيكتب لها الفشل الذريع لان اليمنيون نقشوا بدمائهم الهوية اليمنية في جذور الشجر وفي الصخور وفي وجدانهم الوطني".
 


التعليقات