السعودية والسلاح.. صفقات ضخمة تتحول إلى عبء وعقوبات (فيديو خاص)
- عامر الدميني الإثنين, 24 ديسمبر, 2018 - 09:05 مساءً
 السعودية والسلاح.. صفقات ضخمة تتحول إلى عبء وعقوبات (فيديو خاص)

[ صفقات ضخمة عقدتها السعودية ]

تحولت صفقات السلاح التي أبرمتها المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة إلى عقوبات مرتدة عليها، بعد سلسلة من التطورات التي حدثت على المستوى الداخلي والإقليمي مؤخرا.
 
أنفقت الرياض مبالغ طائلة لشراء الأسلحة من الدول المصنعة للسلاح، واحتلت مراتب متقدمة ضمن الدول المستوردة للسلاح طوال العقد الماضي، لكن تجارة شراء السلاح بالنسبة للسعودية تزايدت في الثلاثة الأعوام الأخيرة، مع صعود محمد بن سلمان لوزارة الدفاع ثم ولاية العهد، ثم جاءت الحرب التي تقودها السعودية في اليمن لتضاعف مشتريات الرياض من الأسلحة المختلفة.
 
أوقفت عدة دول أوربية مبيعات الأسلحة للسعودية، ومنها ألمانيا والدنمارك وهولندا وفنلندا وجميعها أعلنت فرض حظر لمبيعات السلاح للسعودية، فيما تدعم كل من حكومات النمسا وبلجيكا وسويسرا والنرويج فرض الحظر.
 
استندت هذه الدول في مبرراتها إلى تدهور الوضع الإنساني في اليمن، وفق صحيفة الجارديان البريطانية، التي استندت في تقرير لها على البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة والتي تصف اليمن بأنه يشهد أسوأ مجاعة في العالم منذ مئة عام، مع تقديرات تشير إلى مقتل نحو 10 آلاف شخص على الأقل في اليمن منذ بدء الحرب، ووجود 85000 ألف طفل دون سن الخامسة يموتون جوعا في اليمن، بالإضافة إلى 22 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
 
ازدات عملية حظر مبيعات السلاح على السعودية من قبل عدة دول حول العالم بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلده بإسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
 
وعملت السعودية من خلال الصفقات الواسعة للسلاح على نسج علاقات مع مختلف الدول، بما يمكن اعتباره كسب مواقف تلك الدول، من خلال تلك الصفقات، وهو ما تعكسه تصريحات عادل الجبير لقناة سي إن إن الأمريكية التي أشار فيها إلى أنهم يفضلون شراء السلاح من الدول الحليفة لهم، معتبرا ذلك جزء من منظومة العلاقات الإستراتيجية مع تلك الدول، مضيفا بالقول: "سنحصل على السلاح الذي نحتاجه من أي مصدر كان".
 
ومنذ صعود ولي العهد السعودي إلى وزارة الدفاع في بلده ثم تعيينه وليا للعهد عقدت السعودية صفقات أسلحة ضخمة، وأبرمت عدة صفقات أسلحة مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا رغم معارضة منظمات حقوقية دولية بحجة استخدامها في الحرب على اليمن وارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين.
 
وتحولت تلك الصفقات لواحدة من إستراتيجيات ولي العهد السعودي لمواجهة الضغوط المتزايدة على شراء بلاده للسلاح، وكذلك ربط المصالح الاقتصادية بالصفقات العسكرية.
 
أمريكا الرقم الأعلى
 
 تأتي على رأس البلدان التي تستورد السعودية منها السلاح الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغ حجم صادرات السلاح الأمريكي إلى السعودية خلال فترة 2015 - 2017 أكثر من 43 مليار دولار، وشملت معدات وأسلحة عسكرية ومروحيات وسفن حربية ودبابات آبراهامز إضافة إلى طائرات حربية.
 
وتشير تقديرات إلى أن 18% من إجمالي صادرات الولايات المتحدة من السلاح خلال الفترة 2013م – 2017م كانت للسعودية، وخلال الأشهر الأولى من 2018م بلغ حجم صفقات السلاح من الولايات المتحدة للسعودية قرابة 3 مليارات دولار، وشملت الصفقة توريد مدافع ذاتية الحركة وطائرات عسكرية ومنظومات مضادة للدبابات، إضافة إلى دبابات وذخائر ومعدات عسكرية، وفق ما ذكره موقع وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابع للبنتاغون.
 
تقول منظمة مراقبو المساعدة الأمنية ومقرها واشنطن إن مقاولي الأسلحة الأمريكيين باعوا قنابل موجهة دقيقة وذخيرة للأسلحة الصغيرة للسعودية متضمنة 400 ذخيرة هجومية مباشرة من أجل الاستهداف الدقيق خلال العام 2017م بقيمة 610 ملايين دولار.
 
 وخلال العام 2018م  باعت إدارة ترامب شحنات للسعودية عبارة عن قنابل وصواريخ بقيمة 561 مليون دولار، وكذلك عربات مصفحة، وقطع غيار بقيمة 503 ملايين دولار، بالإضافة لقطع غيار لصيانة المقاتلات مثل "أباتشي" و"بلاكهوك" و"أف 15" بقيمة 552 مليون دولار، وهي المقاتلات التي تستخدم في الحرب باليمن، وفقا لصحيفة دايلي بيست.
 
وكانت الخارجية الأمريكية أعلنت في 23 مارس 2018م عن توقيع صفقة سلاح مع السعودية لبيع صواريخ "تاو" المضادة للدبابات بقيمة 670 مليون دولار، وعقود أخرى تتعلق بصيانة مروحيات (103 ملايين دولار)، وقطعا للعديد من أنواع المركبات البرية بقيمة (300 مليون دولار)، حسب ما نشره موقع العربية نت السعودي.
 
ويكفي للتذكير هنا أن القنبلة التي استهدفت حافلة الأطفال في ضحيان بصعدة كانت أمريكية الصنع، ومثلها الصواريخ والقنابل التي استهدفت آبار ارتوازية في منطقة أرحب شمال العاصمة صنعاء، وجميعها غارات أحدثت ردود فعل دولية واسعة.
 
روسيا وألمانيا وفرنسا
 
وفقا لقناة آر تي الروسية فقد وقعت روسيا صفقة مع الرياض لتزويد المملكة بمنظومة الصواريخ الروسية الشهيرة إس 400 "تريومف"، وفتح مصنع لإنتاج بنادق كلاشنيكوف في المملكة، وبلغت قيمة الصفقات نحو 3 مليارات دولار، وذلك عند زيارة العاهل السعودي لروسيا، لكن الرياض تخلت عن الصفقة بسبب الضغوط الأمريكية.
 
وتتراوح صفقات السلاح بين ألمانيا والسعودية بين المد والجزر، وبلغت صادرات ألمانيا من الأسلحة إلى السعودية 105 ملايين دولار خلال العام 2017م، وفق موقع ذا ديفينس بوست.
 
ورفضت ألمانيا توريد 800 دبابة بقيمة 18 مليار يورو للسعودية، وذلك بسبب "انتهاك الرياض لحقوق الإنسان"، لكن برلين وافقت في عام 2016 على تسليم 48 زورقاً من زوارق الدوريات لخفر السواحل التابع للمملكة، وعلى خلفية حرب اليمن، قررت الحكومة الألمانية وقف تصدير الأسلحة للدول المشاركة في هذه الحرب.
 
وتعد السعودية ثاني أكبر "زبون" لفرنسا في قطاع الأسلحة بعد الهند، حيث وقعت فرنسا عدة صفقات عسكرية شملت مدرعات وصواريخ مضادة للدروع وزوارق خفر السواحل وطائرات ومروحيات ودبابات لوكليرك بنحو 12 مليار يورو.
 
وفي عام 2016  باعت فرنسا ما قيمته أكثر من مليار يورو من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، وفق موقع موقع (EUobserver)، و في عام م2017 وافقت فرنسا على حقوق امتياز لبيع السلاح للسعودية بقيمة تصل إلى 14.7 مليار يورو، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
 
بريطانيا مصدر رئيسي
 
تحتل بريطانيا المرتبة الأولى بين الدول الأوروبية الأكثر تصديرًا للأسلحة للسعودية والثانية عالميًا، تبلغ حصة الرياض من صادرات الأسلحة البريطانية نحو 49%.
 
وفق موقع منظمة ضد تجارة الأسلحة باعت بريطانيا أسلحة للسعودية بقيمة 13 مليار جنيه إسترليني خلال الفترة 2015 - 2017 وشملت أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية، صدرت إيطاليا أسلحة للسعودية خلال العام 2016م بقيمة تجاوزت أكثر من 50 مليون يورو.
 
بالنسبة لكندا تعد السعودية ثاني أكبر مشتر للسلاح الكندي بعد الولايات المتحدة، وعقدت صفقة مع الرياض بقيمة 9.9 مليارات يورو ولا يزال مصيرها غامضا بعد مقتل خاشقجي، وفق ما ذكرته بلومبيرج.
 
أما جنوب إفريقيا فقد باعت ما يزيد عن 3 مليارات راند من الأسلحة والذخيرة والمركبات المدرعة وأجهزة المراقبة والتكنولوجيا العسكرية للسعودية والإمارات خلال الأعوام 2016م – 2017م، وفق ما نشره موقع ميديا ​​ريفيو نقلا عن اللجنة الوطنية لمراقبة الأسلحة التقليدية بجنوب أفريقيا.
 
كما تعد السعودية أكبر عميل للسلاح في أستراليا، ووفق موقع إس بي إس الأسترالي فمنذ بداية الحرب في اليمن منحت الحكومة الأسترالية 16 ترخيصًا لتصدير الأسلحة الدفاعية إلى السعودية بقيمة 270.2 مليون يورو ، أي بزيادة قدرها 133% عن عام 2016.
 
إسبانيا رابع مزوّد
 
وفقا لصحيفة (elpais) الإسبانية تعد إسبانيا رابع مزوّد للأسلحة والذخائر للسعودية، وتضاعفت مشتريات السعودية من الذخيرة الأسبانية ثلاث مرات تقريبا منذ بدء الحرب في اليمن، حيث ارتفعت من 34.7 مليون يورو في 2016م إلى 90.1 مليون يورو في 2017م.
 
وقامت إسبانيا، بين عامي 2015 و2017، بتصدير أسلحة إلى السعودية، بلغت قيمتها 932 مليون يورو، فضلاً عن تراخيص مصرّح بها بقيمة 1.235 مليون يورو، وفق وكالة بلومبيرج، بينما باعت أسبانيا خلال العام 2016م أسلحة بقيمة 50 مليون يورو، كما تذكر الحملة ضد تجارة الأسلحة.
 
واستأنفت إسبانيا تسليم 400 قنبلة عالية الدقة للسعودية تقدّر قيمتها بـ 9.2 ملايين يورو بعد تلويح سابق لإلغائها، كما يذكر موقع ذا ديفينس بوست، ووقعت إسبانيا مع السعودية صفقة لشراء خمس سفن حربية من شركة نافانتيا الحكومية بقيمة 1.8 مليار يورو خلال زيارة بن سلمان لمدريد في أبريل 2018م، كما تحدثت وكالة الأنباء الأسبانية.
 
دول أخرى
 
وكانت اليونان ألغت صفقة سلاح للسعودية تتضمن 300 ألف قذيفة دبابة  بعد ضغوط حقوقية بحجة أنها تشكل انتهاكا للقانون الدولي عند استخدامها في اليمن، وفق الجارديان البريطانية، بينما بلغت مبيعات الأسلحة السويدية إلى السعودية خلال الفترة 2010م-2016م  حوالي 6 مليارات كرونة سويدي، وفقا لموقع الديمقراطية المفتوحة.
 
أما فنلندا فقد منح السعودية ثلاثة تراخيص أسلحة تبلغ قيمتها الإجمالية 1،508،970 يورو (1.7 مليون دولار)، وفق موقع ذا ديفينس بوست الذي أشار إلى أن النرويج أعلنت في 9 نوفمبر 2018م إنها ستجمد جميع تراخيص تصدير المواد الدفاعية إلى السعودية بما في ذلك المواد ذات الاستخدام المزدوج.
 
أرقام سعودية
 
وفقا لـ IHS Markit تعد السعودية أكبر مستورد للأسلحة في العالم وفقاً لبيانات عام 2017م، كما أن الصادرات العسكرية الأميركية إلى السعودية تشكل 0.123% من مجموع صادراتها، وفق US Cesus Bureau
 
أما معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام فقد تصدرت السعودية في أحد البيانات التي نشرها قائمة مستوردي السلاح في الشرق الأوسط.
 
تمتلك المملكة العربية السعودية ميزانية دفاع تبلغ 76.7 مليار دولار، مما يمنح الأمة الغنية بالنفط ميزة كبيرة على منافسيها الإقليميين إسرائيل وإيران اللتين تبلغ ميزانيهماما 18.5 مليار دولار و8 مليارات دولار.
 
ويقدر عدد العاملين النشطين في البلد بـ688،000، مع 227،000 جندي، و600 دبابة ثقيلة، و780 عربة مدرعة خفيفة، و1423 ناقلة جنود مصفحة.
 
وتقول نيوزويك التي نشرت هذه المعلومات إن البحرية في المملكة العربية السعودية هي أقل تطورا بكثير، حيث إن السعودية لديها 55 من الأصول البحرية، بما في ذلك 7 فرقاطات، ومع نقص ناقلات الطائرات أو المدمرات فإن مدى وصول السعودية البحري محدود.
 
وتضم القوات الجوية السعودية 313 طائرة مقاتلة، بما في ذلك طائرات إف -15 إيجل الأمريكية وتورنادو ويوروفايتر تايفونز، كما بدأت المملكة العربية السعودية في وقت قريب تسلم طرازها الخاص من طائرات F-15SA.
 
تم الاتفاق على صفقة السلاح لعام 2017 مع الرئيس ترامب التي رأت الرياض أن تلتزم بشراء أسلحة أمريكية بقيمة 350 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة.
 
احتجاج ومعارضة
 
هذه المبيعات كانت محور اهتمام برلمانيين أوروبيين طالبوا بفرض حظر على مبيعات الأسلحة للسعودية، بسبب سجلها في انتهاكات حقوق الإنسان وحربها في اليمن.
 
وواجهت السعودية مشكلة قانونية وأخلاقية متنامية أمام الدول الأوروبية المصنعة للسلاح، كما خضعت صفقات السلاح في بلدان عديدة لتدقيق شديد مع تحديات قضائية وانتقادات متزايدة.
 
وشهدت عدة دول أوربية مظاهرات وأنشطة احتجاجية رافضة لمبيعات السلاح للسعودية، وتصاعدت تلك الأعمال أثناء زيارات ولي العهد السعودي لثلاث من كبرى الدول المنتجة للسلاح وهي أمريكا والمملكة المتحدة وفرنسا.
 
وأصدرت عدة منظمات حقوقية دولية بيانات تنديد، مطالبة العالم بوقف مبيعات السلاح للسعودية، بسبب الحرب في اليمن، ثم بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، ومن تلك المنظمات، منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومان رايتس، ومنظمات أخرى تعمل في مجال الطفولة والنساء وحقوق الإنسان.


- فيديو :


التعليقات