عدن 2018.. استمرار التدهور والاحتقان وزيادة الاغتيالات وتوغل إماراتي
- فريق التحرير السبت, 05 يناير, 2019 - 07:53 مساءً
عدن 2018.. استمرار التدهور والاحتقان وزيادة الاغتيالات وتوغل إماراتي

[ شهدت عدن خلال العام 2018 تقلبات مختلفة زادت من الاحتقان فيها ]

ودعت العاصمة المؤقتة عدن العام 2018 بوضع لا يختلف كثيراً عن سابقيه بالرغم من كونها عاصمة مؤقتة للبلاد ومقراً للحكومة منذ اندلاع الحرب في اليمن، وتدخل دول التحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية التي انقلبت عليها جماعة الحوثي في صنعاء.

 

كان العام 2018 حافلاً بالأحداث الساخنة، ابتداءً بالتوترات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في يناير/كانون الثاني، وصولاً إلى استمرار مسلسل الاغتيالات، وانتهاءً بالأزمة الاقتصادية التي استفحلت كثيراً وفقدت العملة المحلية الكثير من قيمتها، وبين كل تلك الملفات والأزمات يبقى وضع المواطن العدني هو ذاته بين خوفٍ مما هو قادم وقلقٍ مما هو حاصل، فمدينته لم تخرج بعد من دائرة الصراعات والأزمات بالرغم من كونها محررةً منذ نحو أربعة أعوام.

 

 الحكومة والإمارات

 

مثلَّ العام 2018 مرحلة متقدمة من الصراع الذي تخوضه دولة الإمارات للتضييق على الحكومة الشرعية، ففي السابع والعشرين من يناير تحولت عدن إلى ساحة لمعارك عنيفة بين قوات الحزام الأمني التابعة لدولة الإمارات وغيرها من التشكيلات العسكرية الموالية للانتقالي الجنوبي، والتي هاجمت معسكرات الشرعية ومقارها الرئيسية.

 

وتمكنت القوات الموالية للانتقالي والمدعومة إماراتياً، من اقتحام اثنين من أبرز معسكرات ألوية الحماية الرئاسية وهما اللوائين الثالث والرابع حماية رئاسية وقامت بنهب ما فيهما من عتاد عسكري، ومثلها عملت ونهبت بعد سيطرتها على مقر الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى.

 

وظلت رحى تلك المواجهات مستمرة  لثلاثة أيامٍ متوالية واستخدمت خلالها مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وكذا المدفعية الثقيلة في بعض الأماكن، وكانت حصيلتها نحو 150 قتيلاً وجريحاً من الطرفين.

 

وقد جاءت تلك المواجهات عقب بيانٍ للمجلس الانتقالي الجنوبي دعا فيه ما أسماها قوات المقاومة الجنوبية للتصعيد وإسقاط الحكومة التي كان يرأسها آنذاك أحمد عبيد بن دغر.

 

وقد توقفت تلك المواجهات عقب تدخل قيادات سلفية من ألوية العمالقة المُقاتلة في الساحل الغربي، وبهذا توقفت تلك المواجهات وعادت القوات العسكرية لثكناتها، لكن آثار تلك المواجهات لم تنتهِ، فقد غادر رئيس الوزراء -آنذاك- بن دغر للعاصمة السعودية الرياض وبقي فيها لأسابيع قبل أن يعود مجدداً للعاصمة المؤقتة، والتي لم تخرج من وضع التوتر بعد.

 

وفي 15 من أكتوبر صدر قرار جمهوري بإقالة أحمد عُبيد بن دغر من رئاسة الوزراء وتعيين وزير الأشغال العامة والطرق مُعين عبد الملك بدلاً عنه، وهو قرارٌ ظل المجلس الانتقالي الجنوبي ينتظره ومن خلفه دولة الإمارات والتي لاقت مواجهة شرسة من بن دغر، والذي أبدى مواقف شجاعة فيما يختص بتجاوزات دولة الامارات في عدن وإنشائها تشكيلات عسكرية بعيداً عن الحكومة، وكذا تجاوزاتها في جزيرة سقطرى وتمددها عسكرياً هناك.

 

ومنذ أن عُين مُعين عبد الملك والذي قال صراحةً ألا علاقة له بالسياسة، ظل المشهد السياسي في العاصمة المؤقتة راكداً وهو وضع لم تعتد عليه طيلة الفترة الماضية، لكنه نسبياً ساهم في خلق حالة من الاستقرار النسبي في شتى الصُعد.

 

الخدمات

 

وعند الحديث عن الخدمات الأساسية في المدينة الساحلية -عدن- فإن خدمة الكهرباء هي أول ما يتبادر إلى ذهن المواطن، والذي بات يخشى حضور فصل الصيف لما فيه من انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، نظراً لارتفاع الأحمال مقارنة بما تولده محطات الكهرباء حيث يتجاوز معدل العجز 40%.

 

ومنذ أن تحررت عدن في يوليو 2015، ومواطنوها يسمعون عشرات الوعود والتعهدات سواء تلك التي تقطعها الحكومة الشرعية أم الأخرى التي تقطعها دول التحالف العربي وبمقدمتها دولة الإمارات، لكن أياً من تلك التعهدات لم يلمس منها المواطن في عدن أي أثر ملموس.

 

وفي 20 من تموز/ يوليو استقبل رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي مدير عام أنظمة الطاقة بشركة جنرال إلكتريك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ورعى توقيع اتفاقية توليد الطاقة الكهربائية بين بترومسيلة الوطنية وشركة جنرال الكتريك الامريكية لبدء تنفيذ مشروعٍ  لتوليد 364 ميجاوات مقسمةٍ بين حضرموت وعدن، ولا يُعلم بعد متى سيكون مشروع الكهرباء الجديد جاهزاً.

 

وعلى مستوى توفر المشتقات النفطية فقد ظلت السوق المحلية بعدن تشكو من الأزمات المتكررة والتي لا تلبث أن تتوقف لأيام قبل أن يعود لتبقى جاثمةً لأسابيع، ومؤخراً ومع دخول المنحة السعودية شهدت سوق المشتقات النفطية استقراراً نسبياً مقارنة بما عاشته من أزمات منذ بداية العام.

 

وكانت المملكة العربية السعودية قد أوصلت أولى شحناتها النفطية المقدمة لوزارة الكهرباء في العاصمة المؤقتة أواخر أكتوبر، وهو ما أسهم بتوفير ما تخسره الحكومة الشرعية من عملات صعبة تُكلفها لشراء المشتقات النفطية لقطاع الكهرباء.

 

ولم تشهد المدينة عموماً في العام 2018 أي مشاريع تطويرية في باقي القطاعات الخدمية بالقدر الذي يُغير من مستواها بشكل جذري.

 

انعكاسات الأزمة الاقتصادية

 

وبالرغم من كون المواطنين في عدن يتسلمون رواتبهم بانتظام شهرياً سواء مدنيين كانوا أو عسكريين، على عكس ما تشهده المحافظات الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الانقلابيين، إلا أنهم نالوا نصيبهم من انعكاسات الأزمة الاقتصادية والتي تمثلت في فقدان العملة المحلية ثلثي قيمتها ومعها ارتفعت أسعار السلع والخدمات بنسب بلغت 100%.

 

وكانت المملكة العربية السعودية قد قدمت منحة تُقدر بملياري دولار للبنك المركزي اليمني وأتبعتها بمنحة مالية تُقدر ب 200 مليون دولار، وهو ما أسهم بوضع حدٍ لما يشهده الريال اليمني من انهيار.

 

وقد وصل سعر صرف العملة المحلية مُقابل العملات الأجنبية لأرقام قياسية لم يعرفها الريال اليمني منذ نشأة الجمهورية اليمنية عام 1990، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي إلى أكثر من 800 ريال، قبل أن يعود للتراجع والاستقرار عند 530 ريالاً للدولار الأمريكي الواحد.

 

ولم يعد راتب الموظف الحكومي ومثله الجندي الذي بات راتبه لا يتجاوز 110 دولارات، لا يكفي لتوفير كل الاحتياجات الأساسية، وهو ما عبر عنه المواطنون في تظاهرات شعبية نُفذت في شوارع عدن الرئيسية.

 

انتهاكات حقوق الإنسان

 

ومنذ اليوم الأول وحتى اليوم الأخير من العام 2018 واصلت رابطة أمهات المختطفين وقفاتها الاحتجاجية والمتنقلة بين مقرات الحكومة والتحالف ومنازل القيادات الأمنية، لكنها لم تُجد في الكشف عن مصير كل المخفيين قسراً.

 

لكن تلك الوقفات استطاعت الضغط للإفراج عن نحو 200 معتقل كانوا مخفيين ومن ثم نُقلوا لسجن بئر أحمد، والذي شهد منذ بداية العام خمسة إضرابات عن الطعام، نفذها المعتقلون لأجل الضغط على إدارة السجن لتفرج عمن صدرت بحقهم أوامر إفراج من النيابة العامة وكذا التحقيق مع من لم يُحقق معهم.

 

وما يزال هناك قرابة 100 معتقل تعسفياً في سجن بئر أحمد بينهم جنود في الجيش الوطني وقيادات ميدانية كالعقيد عبد الله الطيري ومرافقه بلال المقطري وهما محسوبان ضمن اللواء 83 بجبهة مريس في الضالع ومثلهما العديد من الجنود، والمعتقلون جنباً إلى جنب مع 70 أسيراً من ميليشيا الحوثيين، وهي مُفارقة عجيبة لم تحصل سوى في سجون عدن التي تُشرف عليها دولة الإمارات.

 

وشهد العام 2018 انخفاضاً في مستوى المداهمات والاعتقالات العشوائية والإخفاء القسري، مقارنةً بالعامين السابقين، وهي نتيجة حتمية للتقارير التي أصدرتها المنظمات الحقوقية الدولية كالهيومن رايتس ووتش وكذلك ضغط وسائل الإعلام الدولية والعربية قبل المحلية وهو ما جعل من قضية السجون والمعتقلات السرية والانتهاكات قضية رأي عام سمع بها العالم أجمع.

 

تزايد الاغتيالات

 

وحصدت آلة القتل عشرات الشخصيات الاجتماعية والأئمة والدعاة، وكان لحزب الإصلاح نصيب الأسد منها، حيث تعرض كوادره لتسع محاولات اغتيال، وكان أبرزها خطف واغتيال القيادي بالإصلاح ومدير عام جمعية الإصلاح الخيرية بعدن محمد الشجينة واغتيال التربوي والداعية شوقي كُمادي.

 

وكان لباقي التيارات نصيب من تلك الاستهدافات والتي تركزت في العام 2018 لتحصد أرواح أئمة المساجد والذين تعرضوا لـ12 محاولة اغتيال فشلت أربع منها في حين نجحت المحاولات الأخرى.

 

ولم تُعلق الأجهزة الأمنية ممثلةً بوزارة الداخلية وإدارة أمن عدن على كل تلك الاغتيالات خصوصاً التي استهدفت الدعاة والأئمة، فلا بيانات تؤكد على أن التحقيق جارٍ في تلك الحوادث ولا حتى إدانات وتعازٍ.


التعليقات