تعز تهزم الموت والحصار بعودة الحياة إليها (تقرير خاص)
- معاذ الحيدري الأحد, 03 مارس, 2019 - 05:34 مساءً
تعز تهزم الموت والحصار بعودة الحياة إليها (تقرير خاص)

[ تعز تهزم الموت والحصار بعودة الحياة إليها (تقرير خاص) ]

يوما بعد آخر تعود الحياة إلى مدينة تعز، بعد تحرير أجزاء واسعة منها من سيطرة مليشيات الحوثي التي عاثت فيها خرابا دون إبقاء شيء على حاله. لكن ذلك لم يمنع الناس والجيش والسلطة المحلية ورجال المقاومة من حشد قواهم في استعادة الحياة في هذه المدينة التي نالت القدر الكبير من الحرب والقصف العشوائي الذي طال السكان المدنيين صغارا وكبارا. وعلى مدى أربعة أعوام والمدينة تواجه انتقاما من قبل مليشيات الحوثي وحليفهم صالح حتى قبل مقتله.

 

عودة الحركة

 

الزائر لتعز اليوم، سيجدها غير تعز الأمس، فالمدينة تشهد تحسنا ملحوظا في مختلف الجوانب الحياتية بعد تقديم الخدمات وفق الإمكانيات المتاحة، كما شرع الأهالي بترميم منازلهم ومحالهم التجارية، الأمر الذي ساهم في عودة الحياة وسط استقرار أمني نسبي.

 

رغم جراحها النازفة التي لم تجد من يضمدها بعد، تحاول تعز أن تستعبد حياتها شيئا فشيئا. "الموقع بوست" تجول في بعض أرجاء المدينة والتقط العديد من الصور، بل سجل فيديو يوضح الحركة في المدينة، حركة السيارات والناس والأمن والباعة المتجولين، وفي الفيديو يظهر رجال المرور وهم يقومون بتنظيم السير وفك الزحام الذي يكبر في المدينة يوما بعد اخر.

 

 

وعلى الرغم من أن الكثير من المواطنين النازحين فقدوا الثقة بالأماكن والجيران وحتى الأقارب، خلال سنوات الحرب الماضية، إلا أنهم أثبتوا بأنهم ليسوا بحاجة إلى وقت أطول لانتظار اكتمال عمليات التحرير حتى يقررون العودة والتخلص من هاجس الخوف من احتمال عودة العنف والحرب.

 

عودة النازحين وانتظام الرواتب عوامل

 

"الموقع بوست" وهو يتحدث إلى كثير من الأهالي، حصل على تأكيدات تفيد بأن الناس ضاقوا من النزوح والتشرد، فقرروا العودة، خصوصا بعد أن بدأت المدينة تشهد تحسنا كبيرا في الخدمات والأمن وأيضا عمليات صرف الرواتب بدأت تنتظم نوعا ما.

 

 

يقول وكيل أول محافظة تعز، عبد القوي المخلافي، في حديثه لـ"الموقع بوست"، بأن الذي ساعد على عودة الحياه إلى تعز "الجهود التي بذلتها السلطة المحلية في إعادة التطبيع وتفعيل مؤسسات الدولة، وترسيخ الأمن وتفعيل أجهزة الأمن المختلفة وما حققه الجيش الوطني من دحر للمليشيات وتحرير المدينة وتحرير الضباب كمنفذ رئيسي للمدينة".

 

ويضيف المخلافي "كان لفتح كثير من المؤسسات وتفعيل دورها كالجامعة التي فتحت أبوابها منذ ثلاثة أعوام رغم قربها حينها من خطوط النار"، لافتا أن "انتظام رواتب الموظفين ساهم أيضا في عودة النازحين الذين نزحوا في بداية الحرب التي شنتها المليشيات، وأصبحت المدينة تستقبل بعض النازحين من مدينة الحديدة".

 

نشاط حزبي وثقافي يعود إلى الواجهة

 

من جهته يؤكد الوزير السابق والأمين العام المساعد لحزب اتحاد القوى الشعبية، عبدالسلام رزاز، وفي حديثه لـ"الموقع بوست"، أن "هناك عدة عوامل دفعت بالناس للعودة إلى تعز وأهمها تحسن الوضع الأمني، وعودة المدارس وصرف الرواتب وغيره كثير".

 

 

ويتابع رزاز "اليوم تعز تزدحم بالحياة مقارنة بالوضع قبل عامين، فعودة مؤسسات الدولة بحدودها الدنيا شجعت الكثير في العودة إلى المدينة، وهناك جهود تبذل لتحسين مستوى أداء المؤسسات وعلى رأسها المؤسسة الأمنية".

 

ويضيف الوزير رزاز "حتى على الصعيد السياسي هناك نشاط حزبي وفعاليات سياسية وحزبية داخل المدينة تراها الأعين، كذلك النشاط التجاري تحسن كثيرا رغم الحصار على المدينة من قبل الانقلابيين". ويختم رزاز حديثه قائلا: "تعز  هي حاضنة الحياة التي هزمت الموت والحصار أمام الكهنوت الحوثي، ومن يزور تعز يعيش الأمل بقوة".

 

محور تعز يؤكد دوره في هذه العودة

 

وإلى جانب تأكيدات الكثيرين بشأن مساهمة الجيش في عودة الحياة إلى تعز، يقول المسؤول الإعلامي لقيادة محور تعز، راكان الجبيحي، وفي حديثه لـ"الموقع بوست": "كان للجيش الوطني بكل وحداته في قيادة المحور وألويته العسكرية، دورا كبيرا وعاملا رديفا للأجهزة الأمنية في تعزيز حضور الدولة بالمدينة، وإعادة الحياة، والحركة، وذلك من خلال الحملات الأمنية المشتركة طيلة الفترة الماضية، رغم كل العوائق التي كانت ترمى أمام مهامهم والتحديات التي يواجهونها من ناحية الإمكانات، وتستر جهات على تلك الجماعات، ولكن تم التمكن من إزالة ذلك الاحتقان بشكل نسبي، وكبح منابع الخوف والتوتر الذي كان مصدره تلك الجماعات والعناصر المسلحة الخارجة عن القانون".

 

 

وبحسب الجبيحي، فإنه "كان للجنة الرئاسية عامل أساسي في تطبيع الحياة بالمدينة، من خلال إكمال مشوار الأجهزة الأمنية والعسكرية وبمشاركة وتنسيق جماعي وبشكل متناغم، وساهمت الحملات الأمنية المشتركة في إزالة التوتر الداخلي الذي كان يفتعل بين الحين والآخر لزعزعة استقرار المدينة ونقل صورة سلبية للخارج وللرأي العام عن المدينة، وكبح الجماعات الخارجة عن القانون، والانتشار الأمني في المربع الشرقي للمدينة وطرد عناصر التخريب". 

 

ويتابع المسؤول الإعلامي في قيادة المحور حديثه لـ"الموقع بوست": "عليك أن تتحدث إلى كثير من سكان تعز، وسيؤكدون لك بأن قولنا هذا هو ما التمسه المواطن من تحسن ملحوظ على الصعيد الأمني والاستقرار الملحوظ خلال فترة زمنية معينة، من خلال الانتشار الأمني وعودة الحياة في المناطق التي كانت وكرا للجماعات الخارجة عن النظام والقانون، والتي كانت سببا في العبث والتوتر والاحتقان الذي كان تعيشه المدينة طوال الفترة الماضية".

 

ويؤكد الجبيحي بأن القيادات الأمنية في تعز مصرة على أن تستمر المدينة في استعادة الحياة وسط تطور كبير في الجانب الأمني والاستقرار المعيشي، وفرض سلطة الدولة وأجهزتها ومؤسساتها، ممثلة بإدارة الأمن ومساهمة فعالة من الوحدات العسكرية وكذلك من الحاضنة الشعبية الرديف الأبرز في عملية تطبيع الحياة بالمحافظة.

 

 

صعوبة الحصول على سكن مؤشر

 

عودة الحياة إلى تعز تؤكدها الكثير من المؤشرات، حيث إن الباحث عن شقة سكنية بات اليوم يواجه صعوبات في الحصول عليها، الأمر الذي دفع بكثير من أصحاب المنازل إلى إعادة ترميم بيوتهم ومنازلهم، سعيا لتأجيرها، على الرغم من أن هناك وعودا بإعادة الإعمار، ولكن يبدو أن الناس قرروا إصلاح مساكنهم بأنفسهم خصوصا التي لم يطالها الخراب والدمار بشكل كبير.


التعليقات