خليجيون يروجون للإنفصال في اليمن.. دعوات تتزايد وأصوات تحذر (تقرير)
- خاص الأحد, 23 يونيو, 2019 - 10:10 مساءً
خليجيون يروجون للإنفصال في اليمن.. دعوات تتزايد وأصوات تحذر (تقرير)

[ عناصر من الحزام الأمني في عدن ]

ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات خليجية تدعو لانفصال جنوب اليمن، وتروج لخيار الانفصال، وذلك بالتزامن مع تعزيز دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحكم قبضتها على أغلب مدن جنوب اليمن بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن لترسيخ وتجذير الانفصال داخل الدولة اليمنية الواحدة.

 

وأثار المقال الذي كتبه رئيس تحرير جريدة السياسية الكويتية أحمد الجار الله تحت عنوان "طلاق الجنوب والشمال إنقاذ لليمنيين" والذي دعا فيه صراحة إلى  فصل الجنوب عن الشمال، والعودة إلى الدولة الشطرية، أثار سخطا كبيرا لدى قطاع واسع من المثقفين والاكاديميين العرب واليمنيين.

 

وتطابق مقال الجار الله مع تغريدة لنائب شرطة دبي السابق المقرب من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ضاحي خلفان، الذي دعا لتقسيم اليمن وعودته لوضع التشطير السابق، متهما الشمال في اليمن باحتلال الجنوب. وقال خلفان "إن عودة دولة الجنوب العربي بناء على رغبة أبنائها قبل احتلالها من اليمن الشمالي مطلب شرعي"، متسائلا في ذات التغريدة عن أسباب حرمان من وصفهم بأهل الجنوب من استعادة دولتهم كما كانت.

 

 

ويتفق هذا الطرح الذي تروجه شخصيات خليجية مع السياسة التي تنتهجها دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن، والتي عززت من النزعة الانفصالية بين أبناء اليمن، خاصة في المدن الجنوبية التي تسيطر عليها عبر المليشيا التي شكلتها وتمولها.

 

وشهدت مدن يمنية خلال السنوات الأخيرة في الجنوب عدة انتهاكات طالت مواطنين من المحافظات الشمالية بدوافع مناطقية، وراح ضحيها قتلى وجرحى، وتسببت بخسائر مادية للكثير ممن يعملون في تلك المدن.

 

ودخلت دولة الإمارات اليمن ضمن التحالف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية في مارس 2015م لمواجهة الانقلاب الذي نفذته جماعة الحوثي والرئيس السابق نهاية العام 2014، والذي عُرف لاحقا بتحالف دعم الشرعية في اليمن.

 

ردود فعل وأصداء

 

مقال الجار الله الذي سطره على صدر صحيفة السياسية الكويتية من قضية الوحدة اليمنية، وتصريحات خلفان، لقيت أصداء واسعة وتصدى لها العديد من الكتاب والناشطين اليمنيين والعرب على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

ولعل أبرز ردود الفعل كانت في مقال لرئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر الذي حذر فيه من يسعون لتقسيم اليمن، قائلا بأن تقسيم اليمن سيكون مقدمة ومدخلا لتقسيم بلدان من يطالبون بالتقسيم في اليمن.

 

 وعلق الناشط الكويتي فهد سيف العجمي على حسابه في تويتر بالقول إن "من يقبل ويساعد على الانفصال في اليمن لا يحق له الاعتراض غدا على أي مطالبة بتقسيم بلده وتفتيتها".

 

وأضاف العجمي بلهجة حادة مستغربا الدعوات المنادية بتقسيم اليمن والتدخل في شؤون الدول الداخلية وتحديد مستقبلها موجها كلامه لـ"الجار الله": "اليمن ليس مزرعة أبوكم تقسمونها كيف ما تبون".

 

وتابع العجمي القول بوضوح تام: "في مسألة اليمن لست محايدا على الإطلاق بل أنا منحاز للوحدة اليمنية وضد الانفصال وضد أي ميليشيا مسلحة ومع تصحيح أخطاء دولة الوحدة.. أنا مع اليمن الموحد العربي العروبي".

 

العجمي نشر عدة تغريدات في "تويتر" ترد على دعاة التشطير من الخليجيين، وقال بأن من يقبلون بمسألة الانفصال في اليمن ليسوا عربا، معتبرا أن العربي لا يحايد أبداً في قضية الوحدة اليمنية واستمرارها، مستدركا بالقول "العروبيون يقرون بتصحيح أخطاء الوحدة بلا تردد في ظل دولة الوحدة، والعروبي وحدوي بطبيعته ولا يمكن أن يكون انفصاليا تحت أي مبرر أو سبب".

 

 

مطالب وتحذيرات

 

وارتفعت وتيرة الدعوات المطالبة بالانفصال من كتاب خليجيين بالتزامن مع تصعيد عسكري ميداني للمليشيا الممولة من دولة الإمارات والمعروفة بالأحزمة الأمنية وقوات النخبة (غير حكومية) في عدة محافظات يمنية أبرزها سقطرى وشبوة.

 

وحذر مختار الرحبي مستشار وزارة الإعلام على حسابة في تويتر التحالف العربي من مغبة السكوت وغض الطرف عن سياسية الإمارات في اليمن.

 

‏وأضاف الرحبي "ما لم يتدخل التحالف ويقوم باتخاذ قرار صارم ضد عبث دولة الإمارات ودعمها لمليشيات مسلحة مناطقية خارج إطار الدولة وإيقاف ما تقوم به من نشر للفوضى في اليمن فإن اليمنيين سيقومون بطردكم من اليمن واتخاذ إجراءات ضد ما قمتم به أمام الجهات الدولية".

 

بدوره رد الصحفي اليمني أنيس منصور في  حسابه على تويتر على سياسية الإمارات الساعية إلى تقسيم اليمن ودعوات الإماراتي ضاحي خلفان لعودة التشطير بالقول "عندما يعود ساحل عمان لأحضان مسقط بعدها سيعود الجنوب اليمني ومن حق رأس الخيمة أن توقف عبث بن زايد وتعود كما كانت".

 

خروج عن الأهداف

 

الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي الدكتور تركي القبلان قال في لقاء تلفزيوني من العاصمة السعودية "الرياض" على قناة سهيل إن ما تقوم به أبوظبي اليوم على الأرض اليمنية غير منسجم تماما مع أهداف التحالف.

 

وطالب الأكاديمي السعودي الحكومة الشرعية بتجريم الأعمال والممارسات العدائية التي تقوم بها المليشيات المسلحة المدعومة من أبوظبي ضد مؤسسات الدولة اليمنية.

 

وشدد على ضرورة إنهاء الاختلالات والممارسات الخاطئة التي تقوم بها القوات الإماراتية في جنوب اليمن ولو تتطلب الأمر بإجراء محاكمات عسكرية لقادة هذه القوات.

 

وتحققت الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م بعد عدة اتفاقيات عُقدت بين المسؤولين في حكومات الشطرين، ومثل تحقيقها تجسيدا لآمال وتطلعات اليمنيين، وإنهاء لحالة القطيعة التي وضعها الاحتلال من قبل.

 

وأعقب تحقيق الوحدة بأربع سنوات حربا داخلية عُرفت بحرب صيف 1994م بعد إعلان قيادات في الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان شريكا للوحدة وحاكما لجنوب اليمن التراجع عنها، وانتهت الحرب بانتصار الوحدة اليمنية، التي تعززت مجددا رغم الطريقة التي تعامل بها نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح عقب تلك الحرب، والتي أفضت إلى ظهور ما يعرف بـ"القضية الجنوبية"، وهي القضية التي كان لها حيزا كبيرا في وثيقة مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في العام 2013م، وجاء انقلاب جماعة الحوثي مع الرئيس السابق "صالح" في سبتمبر 2014م لينهي استمرار العمل بتلك الوثيقة.


التعليقات