جبهة غامضة.. ودعوات لسحب الجنود اليمنيين من الحدود السعودية (تقرير)
- خاص الإثنين, 02 سبتمبر, 2019 - 05:02 مساءً
جبهة غامضة.. ودعوات لسحب الجنود اليمنيين من الحدود السعودية (تقرير)

[ لواء الفتح لمجندين يمنيين للدفاع عن الحد الجنوبي للسعودية ]

انقطعت أخبار ابن محمد البالغ من العمر 17 عاما منذ بضعة أيام، وزاد قلقه أكثر بعد سماعه عن تعرض معسكر الفتح بصعدة لمجازر غامضة وحصار.

 

يقول "م.ا" لـ"الموقع بوست": "وافقت على تجنيد ابني وذهابه للقتال في الحدود، بعد أن سمعت أنهم يحصلون على مبالغ جيدة يتم تسليمها لهم كل فترة، وكنت أعلم حجم المخاطرة، لكني لم أتخيل ماذا تعني إلا حين عشت ما جرى اليوم".

 

وأضاف: "كنت أعتقد أن المال الذي سيكسبه ابني سيساهم في تحسين وضع أسرتنا، لكن ما قيمة النقود الآن وأنا أرى ابني قتيلا وأعجز حتى عن توديعه إن قتل أو معرفة مصيره".

 

لم يكن ابن "م.ا" هو الضحية فقط، فهناك عشرات الشباب الذين قتلوا في معارك وظروف غامضة، أغلبهم ينتمون إلى محافظة تعز، التي سقط منها جرحى الكثير من الشباب في تلك الجبهة التي باتت تلقب بـ"الثقب الأسود".

 

وقامت السعودية بتجنيد مئات اليمنيين للقتال في حدودها عن طريق عقال الحارات ومشايخ، يحصلون على مبالغ مالية محددة مقابل كل شخص يقومون باستقطابه.

 

رفض

 

ومؤخرا تفاقم التوتر بين الحكومة اليمنية والإمارات التي استهدف طيرانها جنودا في العاصمة المؤقتة عدن، فضلا عن قيام التحالف العربي بقيادة السعودية بدعم المتمردين الذين تمولهم أبوظبي.

 

وظهر عدد من المجندين اليمنيين في اللواء الثالث حرس حدود، وهم يتظاهرون للمطالبة بعودتهم إلى محافظاتهم، مؤكدين استعدادهم للعودة إلى اليمن، وذلك عقب الدعوات التي أطلقها رئيس المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في تعز حمود المخلافي، للجنود الذين يقاتلون في الحد الجنوبي للسعودية إلى سرعة العودة إلى جبهات القتال في تعز.

 

وكان المخلافي قد ذكر أنه تجري الترتيبات لاستقبال الجنود العائدين من الحد الجنوبي للسعودية واحتوائهم في صفوف الجيش والمقاومة، واعتبر عودة الجنود من الحد واجبا وطنيا مقدسا لا يقبل التنازع.

 

أهمية سحب الجنود

 

وعقب تكرار المجازر بحق المجندين في الحدود برزت دعوات مطالبة بسحب الجنود من هناك، بعد تزايد الحديث عن وجود مؤامرة لتصفية الشباب.

 

وبخصوص تأثير ذلك على السعودية، يرى الصحفي حسن الفقي أن المجندين اليمنيين هناك قاموا بدور مهم في قتال الحوثيين، لكن الأمر تغير مع وجود سماسرة يقومون بحشدهم وفقا لشهادات مقاتلين لصحف إعلامية مختلفة.

 

وأضاف لـ"الموقع بوست": "حدث للمجندين اليمنيين محارق مستمرة في الحدود، حيث يجري استقدامهم تحت تأثير الحاجة وواقع الحرب البائس، ويتم الزج بهم في جبهات دون إخضاعهم للتدريب في جبهات مكشوفة، ومعارك دون أدنى تخطيط وإستراتيجية ما يجعلهم يسقطون قتلى بأعداد كبيرة".

 

وحذر الفقي من خطورة بقائهم هناك، فهم يقاتلون كوحدات ليست ضمن وحدات وزارة الدفاع والجيش الوطني، وهذا يعني أنهم يفقدون كل ما من شأنه أن يبقى حقا لهم وراتبا لذويهم.

 

وأكد "مهما يقال عن الرواتب التي يتقاضونها بالعملة السعودية، فإنهم يعرضون أنفسهم لمخاطر القتل والفتك باستمرار، وآخرها ما حصل مع لواء الفتح".

 

وبحسب الفقي فإن الأخطر من هذا أنه سرعان ما يتم حشد لألوية الحدود بمقاتلين مخترقين للجيش وموالين للحوثيين وقد كشف هذا الأمر أكثر من مرة.

 

وطالب الحكومة بإيقاف أو الحد من تدفق الجنود إلى الحدود، لكنه في الوقت ذاته قلل من الدور الذي يمكن أن تقوم به بسبب أن استقدام المجندين يتم عبر سماسرة يعملون على إغراء الشباب بالمال.

 

انتهاكات

 

ويعاني المجندون اليمنيون في الحدود بين اليمن والسعودية من ممارسات الرياض التي كانوا يقاتلون لحمايتها من مليشيات الحوثي.

 

ومؤخرا ذكر مصدر يمني في سكن جرحى شرورة السعودية لـ"الموقع بوست" أن السعودية ألزمت الجرحى بدفع مبالغ مالية كبيرة بالريال السعودي لإدارة السكن، مقابل وجبات الطعام، بعد تخلي مركز الملك سلمان عن دعمه.

 

وأوضح المصدر أن كل جريح ملزم بدفع مئة ريال سعودي كل أسبوع من راتبه أو من "جيبه الخاص" وذلك مقابل الطعام والشراب مدة بقائه في السكن السعودي.

 

ولفت المصدر إلى أن إدارة السكن من الجانب اليمني ومنذ قرابة عام ونصف تقريبا حاولت التواصل مع الجانب السعودي لحل إشكالية دعم سكن الجرحى في شرورة بالمواد الغذائية ووجبات للجرحى إلا أنهم دائما يجدون عدم أي تفاعل مع مطالبهم من الجانب السعودي المختصة في الجيش أو العمليات المشتركة والصحة السعودية.

 

محرقة

 

وكانت منظمة سام للحقوق والحريات قد ذكرت في تقرير حمل عنوان "محرقة الحدود"، أن السعودية تستدرج مقاتلين يمنيين، بينهم أطفال، عبر شبكات إتجار البشر للقتال في حدودها الجنوبية مع اليمن دون غطاء شرعي.

 

وأضافت المنظمة أن آلاف اليمنيين الذين اضطروا للذهاب إلى القتال هناك تحت ضغط الأوضاع الإنسانية السيئة وقُتلوا أو جُرحوا، عاملتهم السعودية كما لو أنهم غير موجودين.

 

وبيَّنت أن ما يحدث في الحدود يعد انتهاكا للقوانين المحلية والاتفاقيات الدولية التي تحظر استغلال المدنيين للقتال مع دولة ما خارج أطر القوانين العسكرية المحلية، مشيرة إلى معاملتهم كجنود وضباط وهميين، ولا يملكون أي حقوق بعد وفاتهم نتيجة المعارك.

 

وأعلنت جماعة الحوثي مقتل وإصابة أكثر من 40 شخصا من الأسرى التابعين للحكومة الشرعية، في قصف جوي بمحافظة ذمار نفذه التحالف العربي.

 

وكانت الحكومة قد رفضت تبريرات الإمارات التي استهدفت قوات الجيش في عدن أثناء قتالهم المتمردين المدعومين إماراتيا، واعتبرتها "زائفة"، مؤكدة أن ذلك الفعل غير قانوني.


التعليقات