[ فيروس "انفلونزا الخنازير" يغزو اليمن ]
"نعيش في خوف وقلق ولا طاقة لنا للمعاناة مع أي مرض جديد، يوم كوليرا، ويوم إنفلونزا خنازير وغيره وغيره"، هكذا تقول أسماء أحمد التي تعيش في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وتابعت لـ"الموقع بوست": "كانت الإصابة بالكوليرا تضطر الأهل إلى نقل المريض إلى المستشفى حتى لا يتعرض للموت، أما إنفلونزا الخنازير من الصعب فعل ذلك خاصة أننا نتعرض للزكام من حين لآخر، ونحن حاليا كأغلب اليمنيين نعيش ظروفا مادية غاية في الصعوبة".
المخاوف من ذلك الفيروس لم تعد تقتصر على صنعاء وبعض المحافظات المجاورة لها فقط، فمع دخول فصل الشتاء انتشر الفيروس المعدي إلى محافظات جديدة، وأصبحت اليوم "إنفلونزا الخنازير" (H1N1) حديث المواطنين في اليمن، بعد إعلان جهات مختلفة عن انتشار هذا الفيروس في بلادنا ووفاة بعض المصابين به.
زاد هلع المواطنين مع انتشار المرض في فصل الشتاء، الذي يتعرض فيه كثير من المواطنين للبرد والإنفلونزا العادية، التي غالبا ما يتعالجون لها باستخدام مضادات حيوية وأكل الأطعمة والمشروبات التي تساعد على التخفيف من أعراضها.
وأدى تشابه أعراض إنفلونزا الخنازير والإنفلونزا العادية إلى توقعات بأن يتفاقم الأمر بشكل أكبر، لصعوبة التمييز بينهما لدى الناس، والحاجة لإجراء فحوصات طبية للتشخيص.
إحصائيات
وانتشر هذا الفيروس في اليمن خلال العام الجاري، وأعلنت وزارة الصحة العامة والسكان الخاضعة للحوثيين في فبراير/شباط، عن ارتفاع عدد الوفيات بفيروس إنفلونزا الخنازير خلال العامين الماضي والحالي إلى 132.
ويتم الإعلان بين حين وآخر خاصة خلال الشهر الجاري، عن وفيات وإصابات بعضها مؤكدة بالفيروس، في محافظات مختلفة بينها صنعاء وتعز وإب والضالع.
وأعلن وكيل وزارة الصحة في حكومة الحوثيين محمد المنصور، وفاة 94 شخصاً بوباء H1N1، بينما أوضح ممثل منظمة الصحة العالمية في صنعاء أنه جرى تسجيل 6945 حالة إنفلونزا موسمية في اليمن و113 ألف حالة جرى تسجيلها في منطقة الشرق الأوسط و 2.6 مليون حالة على مستوى العالم.
في تعز، قال مكتب الصحة بالمحافظة أن هناك أربع وفيات من المواسط والشمياتين وحالة من ماوية كانت الأعراض عليهم سعال وارتفاع شديد في الحرارة وسعال "مدمم" ثم الوفاة.
لكنه أكد أنه لم يتم التأكد من أن تكون سبب الوفاة إنفلونزا الخنازير، مطالبين بإرسال محاليل لهم لفحص المصابين والتأكد.
طرق الإصابة والوقاية
ويدور بعض الجدل حول مصدر المرض خاصة أن اليمن لا يتم تربية فيها الخنازير أو استيراد لحومها، إلا أن أطباء يرجحون أن العدوى انتقلت إلى الداخل عبر مصابين قدموا إلى البلاد من الخارج.
وفي هذا الصعيد، يقول أخصائي أمراض الباطنية محمد الشرعبي إن هناك حالات إصابة بالمرض، لكن أحيانا يحدث تهويل للموضوع من قِبل بعض الجهات بغرض الحصول على دعم من المنظمات.
وذكر لـ"الموقع بوست" أن هذا المرض المعدي تنقله للإنسان الخنازير المصابة به، ومن ثم يتم تناقله بين البشر كونه إنفلونزا، خاصة مع تطاير الرذاذ من المصاب.
وأكد أن علاجه كأي فيروس يتم علاج أعراضه عن طريق أدوية معينة، والحرص على منع حدوث التهاب في الرئتين كأبرز مضاعفات هذا المرض.
وشدد على ضرورة إعطاء الأطفال المصابين بالإنفلونزا والذين تحقق إصابتهم بفيروس H1N1 إجازة من المدرسة لمحاصرة المرض، وعمل عيادات مجانية يتم فيها الفحص والعلاج المجاني للمرضى.
أما المحافظات التي لم يتم تسجيل حالات فيها، فحث على ضرورة عمل فحوصات لكل من يدخل المدينة في مداخلها حتى لا يتم نقل المرض، وتخصيص رقم للمواطنين للإبلاغ عن أي حالة مصابة، لكنه رأى أن هذا الإجراء يتطلب بعض الإمكانيات التي قد لا تتوفر في اليمن التي ما تزال تعاني من الحرب.
وبحسب الدكتور الشرعبي فإن الاهتمام بغسل اليدين بشكل مستمر طوال اليوم وعدم مخالطة المصاب من أهم الأمور للوقاية من الفيروس، إضافة إلى الابتعاد عن الأماكن المزدحمة والحرص على استخدام الكمامات في تلك المواقف.
ويوصي كذلك أطباء للوقاية من المرض، بتعقيم اليدين، وتجنب ملامسة العين أو الأنف دون التأكد من نظافة اليدين، فضلا عن الامتناع عن لمس الأسطح في الخارج، وعدم استخدام أدوات أكل مشتركة، وأخذ لقاح للإنفلونزا العادية بشكل دوري.
وتقول منظمة الصحة العالمية في موقعها الإلكتروني إن هذا المرض يصيب الخنازير، ويكتسبه البشر منها، وتعرض البعض للعدوى من آخرين مصابين به.
وذكرت أنه لا يوجد أيّ لقاح يحتوي على فيروس إنفلونزا الخنازير الراهن الذي يصيب البشر. ولا يُعرف ما إذا كانت اللقاحات المتوافرة حالياً لمكافحة الإنفلونزا الموسمية قادرة على توفير حماية ضد هذا المرض. وهناك لقاح لكنه مخصص للخنازير ذاتها للحد من استمرار العدوى بينها.
ومن أعراضه هذا الفيروس: التعب، ارتفاع درجة الحرارة، صداع، سعال، إسهال وتقيؤ في بعض الحالات. ويكون عرضه للإصابة به بدرجة كبيرة الأشخاص المصابون بضعف المناعة.
إمكانيات محدودة
مدير عام الترصد الوبائي بوزارة الصحة العامة والسكان، عبد الحكيم الكحلاني، أكد في تصريحات صحفية سابقة أن "المحاليل الخاصة بالفحوصات المخبرية قليلة ولا تكفي لمواجهة فيروس إنفلونزا الخنازير، وهناك تواصل مع المنظمات الإنسانية لتوفير هذه المحاليل".
وشدد على ضرورة إعادة تدريب الفرق الصحية في المحافظات لتجديد معلوماتهم وتحديث مهاراتهم للتعامل مع الوضع الصحي الراهن.
وتوفي بالفيروس عدد من المواطنين، بينهم الصحفي عصام الحرازي، وطه عزالدين، اللذان ساءت حالتهما بعد الإصابة به.