ريف تعز.. هل ستنفجر الأوضاع هناك؟ ولمصلحة من؟ (تقرير)
- خاص الإثنين, 20 يوليو, 2020 - 09:34 صباحاً
ريف تعز.. هل ستنفجر الأوضاع هناك؟ ولمصلحة من؟ (تقرير)

[ نذر مواجهات عسكرية بالتربة في تعز ]

عادت مجددا منطقة الحجرية بتعز إلى الواجهة، بعد خروج متظاهرين في مدينة التربة رفضا للتحشيد العسكري، وتحويل المدينة لساحة اقتتال، وفق البيان الصادر عنهم، الذي دعا أيضا إلى إزالة الاستحداثات العسكرية.

 

لم يكن ما حدث مجرد مظاهرة، فسرعان ما انفجر الوضع في المدينة، وحدثت اشتباكات مسلحة بين قوات تابعة للجيش ومتمردين من اللواء 35 مدرع ومليشيات طارق صالح، وذلك بعد محاولة الأخيرة الهجوم على منزل القيادي باللواء الرابع مشاة جبلي عبده نعمان الزريقي.

 

كما أقدم عدد من المتمردين في اللواء 35 ويتبعون العقيد عادل الحمادي، على محاصرة القائد في الجيش الوطني حبيب السامعي في مديرية المواسط.

 

وتعيش التربة في حالة توتر تتزايد من حين لآخر، لكن الأحداث الأخيرة انفجرت بعد أيام فقط من قيام الشرطة بحملة تستهدف مطلوبين أمنيين، لاقت اعتراضا من قِبل البعض.

 

وهناك اتهامات لطارق صالح بالدفع بعشرات من عناصر مليشياته -بينها قوات تابعة لكتائب أبو العباس- إلى مدينة التربة لتفجير الوضع فيها.

 

يُذكر أن هذه المظاهرة دعا لها طارق صالح والتنظيم الناصري، رفضا لقرار تعيين العميد عبد الرحمن الشمساني قائدا للواء 35 مدرع، الذي تم اغتيال قائده عدنان الحمادي في وقت سابق.

 

وانتقد حزب التجمع اليمني للإصلاح تقاعس الجهات المعنية، وعدم إخراجها كافة المعسكرات والتشكيلات المختلفة من المدينة، وإعادتها إلى جبهات القتال.

 

مخطط تقسيم اليمن

 

مع قيام طارق صالح المدعوم إماراتيا بالتحشيد والاستعداد لفرض وجوده في التربة، تتزايد المخاوف من خطورة تأثير ما يجري هناك على مستقبل المحافظة ككل التي صمدت في وجه الحوثيين طوال فترة الحرب.

 

ويقول الصحافي عمار زعبل إن ما يحدث في التربة يجب ألا يفصل عما يعتمل في اليمن في إطار عام، بأن هناك مشروعاً يحاول أن يتسيد على المشهد برمته، وأن يحجم كل المشاريع الأخرى بما فيها الدولة في صيغتها الأولى، قبل انقلاب الحوثيين، ومجيء التحالف العربي.

 

ولفت زعبل في حديث له مع "الموقع بوست" إلى أن هناك عملية تفكيك أو شرعنة للتفكيك والتقسيم، ومن ثم العودة إلى مربع الدولتين، مدللا على ذلك بقوله "مظاهرة في وقت واحد في الحجرية القريبة من باب المندب وحضرموت، وما لهما من أهمية جغرافية وبشرية، هو أيضاً من أجل إيجاد مشروع يعمل على إقصاء الكتلة البشرية الهائلة، من باب القضاء على الإخوان".

 

ويستغرب زعبل من مثل ذلك المخطط، الذي يحدث "في الوقت الذي ما زال الحوثي يمتلك الكثير من قواعد اللعبة، يراوغ ويناور سواء سياسيا أو ميدانياً، بينما مشروع الشرعية صارت لديه ميادين أخرى للصراع".

 

ومن خلال متابعته لما يجري في تلك المنطقة، يذكر زعبل أن الصراع موجود في الحجرية منذ عامين تقريباً وهو صراع في تعز أو المناطق المحررة منها، المختلف فقط هو انتقال قيادة المشهد بدلا من القيادة المباشرة للإمارات عبر قيادات حزبية وميدانية ومنها أبو العباس بكتائبه، التي انتقلت إلى اللاعب المباشر الجديد، المتمثل بطارق صالح.

 

لذا اليوم يتم الحديث عن لواء عسكري يتم تدريبه وتسليحه من أجل السيطرة على الحجرية وإدارة معركة جديدة في هذه المناطق المهمة، التي ستتيح الفرصة لطارق التمدد، ويكون نداً للشرعية إن لم تسعى الإمارات وغيرها إلى أن يكون حضوره هو الأقوى مع قوى أخرى في الجنوب كالمجلس الانتقالي وكالحوثيين في الشمال، وفق زعبل.

 

ترحيل مشكلات يقود لانقلاب

 

عملت أبوظبي طوال سنوات الحرب على إفشال الشرعية، من خلال دعم مليشيات خاضت الحروب ضد القوات الحكومية، وهي ذاتها من دعمت كتائب أبوالعباس التي أثارت عددا من المشكلات داخل تعز، ما أدى إلى صدور قرار بنقلها إلى خارج المحافظة لكن ذلك لم يمنع استمرار ممارساتها السابقة، وغدت لاحقا حليفا قويا لقوات طارق.

 

ومع توتر الأوضاع في التربة بهذا الشكل، تتزايد مخاوف الناشط عبد الجبار نعمان من إمكانية جر الحجرية إلى صراع، من خلال تسويف وتباطؤ محافظ تعز نبيل شمسان، بإصدار قرار بإخراج جميع القوات التابعة لقوات الجيش الوطني المتواجدة في المدينة وتأمينها من قبل القوات الأمنية، مع إخلاء المرتفعات الجبيلة التي تستخدم لضرب الأحياء السكنية في تلك المديرية.

 

وعن خطورة الصراع الذي قد يتفاقم هناك، أكد لـ"الموقع بوست" نعمان أنه سيتسبب بقتال بيني لن يستفيد منه أحدهم من أبناء تلك المنطقة، سوى دولة الإمارات التي تنفق الأموال لجرهم إلى الصراع الداخلي.

 

ويتهم نعمان الإمارات بالوقوف وراء أحداث التربة إضافة إلى أسباب أخرى، قائلا: "حالة الغليان الحاصلة في الحجرية تقف خلفها الأموال التي تنفقها أبو ظبي، وعلو نبرة المناطقية، والقروية، والتمترس خلف عناصر خارجة عن النظام والقانون، والقوات القادمة من الساحل الغربي تحت مسمى النازحين".

 

أما الهدف من إشعال الصراع في الحجرية فهو -بحسب نعمان- محاولة للانقلاب على الشرعية في ريف تعز وفصلها عن المدينة، كما تسعى أبو ظبي من خلال التمهيد لذلك عبر خطابي مناطقي قروي جهوي تتبناه القنوات التابعة لها وأدواتها السياسية والإعلامية في تعز.

 

وفي بيان صادر عن مشايخ وأعيان الحجرية، حذروا من افتعال أي مبررات تقود للعنف وتمرير مشروع الإمارات، رافضين مشروع تمزيق اللواء 35 مدرع ومحاولة ضمه لمليشيات طارق، محملين التنظيم الناصري مسؤولية ما قد يحدث من انقسام.

 

وأجرى الرئيس عبد ربه منصور هادي عقب ذلك اتصالا هاتفيا بمحافظ تعز، وأكد على ضرورة توحيد جهود كل أبناء المحافظة بمختلف توجهاتهم وأطيافهم لاستكمال تحرير المحافظة من مليشيا الحوثي الانقلابية، واستعادة مؤسسات الدولة وتعزيز جهود البناء والتنمية وتثبيت الأمن والاستقرار في المناطق المحررة.

 

وظلت منطقة الحجرية ملاذا آمنا لعدد كبير من سكان تعز الذين نزحوا إليها، خلال فترة الحرب، خاصة مع تضييق جماعة الحوثي الخناق على المحافظة واستمرار قصفها، لكن المخاوف تزداد من إمكانية تضرر مئات النازحين هناك إذا ما تجددت المواجهات العسكرية.


التعليقات