مأرب آخر قلاع الجمهورية.. سيناريو سقوط صنعاء واستكمال محاصرة السعودية (تقرير)
- خاص السبت, 12 سبتمبر, 2020 - 07:06 مساءً
مأرب آخر قلاع الجمهورية.. سيناريو سقوط صنعاء واستكمال محاصرة السعودية (تقرير)

[ أفراد من الجيش الوطني وقبائل في مأرب لمواجهة الحوثيين ]

تشهد محافظة مأرب منذ أيام معارك شرسة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، حدث خلالها تقدم أحد الأطراف على الآخر وتراجع كذلك من حين لآخر، ولم تتوقف تلك المواجهات حتى اليوم.

 

بالتزامن مع ذلك، هناك عدة معارك تشهدها جبهات أخرى، لكن أبرزها هو ما يحدث في الجوف التي سبق وأن أسقط الحوثيون عاصمتها، وتعد هذه المحافظة مهمة بسبب ارتباطها حدوديا مع مأرب.

 

أرسلت الحكومة تعزيزات عسكرية من محور طور الباحة بلحج إلى مأرب، لكن ليس من السهولة وصول أي قوات إلى تلك المحافظة برغم أن المعركة بالغة الأهمية، وذلك بسبب الصعوبات التي يواجهها أبناء المحافظات الشمالية في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".

 

معركة مصيرية

 

تبعد محافظة مأرب عن العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين مسافة (173 كم)، وهي ترتبط بحدود الجوف من الشمال، ومحافظتي شبوة والبيضاء من الجنوب، وحضرموت وشبوة من الشرق، وصنعاء من الغرب.

 

لذلك فهي تشكل مصدر تهديد للحوثيين كونها البوابة التي يمكن بسهولة للحكومة أن تستعيد من خلالها صنعاء، وبها ثروات نفطية وغازية كبيرة، يمكن أن توفر للحوثيين أموالا طائلة يمولون بها حروبهم.

 

إضافة إلى ذلك، فمأرب هي المقر الرئيسي لقوات الحكومة التي لا تستطيع البقاء في عدن بسبب الصراعات بين السلطة والانتقالي التابع للإمارات، ولا في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

 

نقطة تحول

 

برغم الأهمية التي تحظى بها مأرب، إلا أنها باتت مهددة بأن تواجه ذات المصير الذي سبقتها إليه الجوف، والتي شكلت سيطرة الحوثيين عليها خطرا حقيقيا آخر يهدد أمن المملكة العربية السعودية.

 

ونظرا لأهمية موقعها، وباقي الوضع في المحافظات الشمالية الأخرى، خاصة أن الجنوبية أصبحت بعضها بيد الانتقالي، فإن سقوط مأرب بيد الحوثيين يعني -كما يفيد الإعلامي شاكر أحمد خالد- سيطرة تلك الجماعة على كامل جغرافيا الشمال اليمني.

 

ورأى في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن سقوط مأرب لو حدث سيشبه سقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين عام 2014، وتكون إيران قد ثبتت قدمها في جنوب الجزيرة العربية، وضمنت الجماعة رهانا كبيرا بالسيطرة والتحكم، كما أن "انتفاشتهم" ستتوسع وتطغى، بينما ستصيب اليمنيين الحالمين بعودة الدولة في مقتل.

 

‏ووصف مأرب بـ"آخر قلاع الجمهورية"، فضلا عن احتضانها آلاف النازحين والمشردين من مختلف المحافظات الجمهورية كونها الملاذ الأخير لهم للاحتماء من الحوثيين، كما قدمت نموذجا جيدا للدولة والتنمية خلال سنوات الحرب، وهي آخر الأوراق التي تتستر بها السلطة في البقاء، وبسبب ذلك، تستميت جماعة الحوثي في حشودها ومحاولتها المتكررة لغزو مأرب، بحسب شاكر.

 

كما انتقد شاكر طريقة إدارة المعركة في مأرب التي تركت وحيدة وهي تقدم دفاعا أسطوريا عن الجمهورية، فمن وجهة نظره كان يجب التركيز على الهجوم بدلا عن الدفاع وذلك ليس في تلك المحافظة فقط بل في مختلف الجبهات، مشيرا إلى الخذلان الكبير للجيش من قِبل التحالف العربي والتواطؤ في معركة استعادة صنعاء التي لم تتم حتى اليوم.

 

أما في معركة مأرب، ففسر الإعلامي اليمني سبب تكثيف التحالف غاراته على مأرب، بأن سببه أن مأرب آخر أوراق الشرعية في اليمن، وسقوط تلك المحافظة تسقط آخر الأوراق التي بموجبها تم التدخل في اليمن لتنفيذ أجندة مختلفة، خاصة أن ما يحدث الآن سيتيح للحوثيين التمدد في الجوف المحاذية للسعودية.

 

طموح حوثي

 

مع تركيز الحوثيين مؤخرا على مأرب، يعتقد الصحفي نبيل صلاح أن الجماعة ترى الفرصة مواتية لاستكمال سيطرتها على جغرافيا شمال البلاد، وذلك للدخول بمكاسب أكبر ضمن صفقة سياسية ترعاها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع في اليمن.

 

وذكر لـ"الموقع بوست" أن تلك الاندفاعة مبنية على أطماع الجماعة كمليشيات ترتهن لمشروع طائفي أجنبي في ابتلاع البلاد، وتثبيت وجودها كسلطة أمر واقع في الشمال، وتعزز هذه المكاسب -من وجهة نظرها- استكمال السيطرة على مأرب النفطية.

 

وبحسب صلاح، فتحرك الحوثيين هو بإشارة خضراء من مارتن غريفيث، المبعوث الأممي إلى اليمن، الذي يحاول إنجاز أي تقدم يحسب له، حتى وإن كان ذلك يتضمن تقليص وجود الحكومة الشرعية، بالإضافة لرغبة غربية للإبقاء على الحوثي كتهديد في خاصرة السعودية مملكة النفط والثروة حتى يمكن ابتزازها بهذا التهديد على الدوام.

 

وبالنسبة للحوثي، فهو، وفق صلاح، يتكبد خسائر غير مسبوقة دون إنجاز شيء، يدفع ثمنها أبناء القبائل في مناطق سيطرة الجماعة، فهي تنفذ حملات تجنيد قسرية وطائفية لحشد مقاتلين والدفع بهم لتثبت مشروعه.

 

وأضاف "أما مأرب، فمنذ الاندفاعة الأولى للحوثيين، كانت الثقب الذي يبتلع الحشود تلو الحشود، وهي هكذا تقاتل ككتلة وطنية موحدة ومتماسكة بالقبيلة والجيش والمشروع الوطني، وهي محضن لأكبر تجمع نزوح في البلاد منذ بداية النزاع، وحتى الآن هي تستهلك الحوثي وتنهك قدراته دون أن ينال منها ولن ينال".

 

ومع استمرار القتال، تضغط كثير من المنظمات الحقوقية من أجل إيقافه، بسبب وجود كثير من مخيمات النازحين وتضرر العشرات منهم بسبب المعارك واضطرارهم للانتقال من مكان لآخر بحثا عن بعض الأمان.

 

وسبق أن استعادت الحكومة مديريات مأرب ما عدا صرواح القريبة من صنعاء، والتي تشكل نقطة تحول مهمة في سير المعركة في اليمن ضد الحوثيين الذين يحاولون إحكام قبضتهم على أغلب المحافظات والمناطق الشمالية.


التعليقات