أثار اقتحام متظاهرين تابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، اليوم الثلاثاء، قصر معاشيق (مقر الحكومة اليمنية) في العاصمة المؤقتة عدن جنوبي البلاد، جدلا واسعا بين أوساط اليمنيين.

وفي وقت سابق الثلاثاء، اقتحم مئات المتظاهرين قصر معاشيق الرئاسي بعدن، احتجاجا على الأوضاع المعيشية المتردية في اليمن وانخفاض سعر العملة المحلية دون تصدي من قبل حراسته، في ظل وجود رئيس الحكومة معين عبد الملك وعدد من الوزراء بداخله.

وتداول ناشطون صورا ومقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تظهر أنصار الانتقالي المدعوم إماراتيا يقتحمون قصر المعاشيق بعدن ويهتفون "لا حكومة لا تحالف بعد اليوم".

وتتوسع الاحتجاجات والمظاهرات الغاضبة في مدن جنوب البلاد ضد الحكومة اليمنية تنديدا بتردي الخدمات في ظل محاولة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا المشارك في الحكومة ركوب الموجة لتحقيق مكاسب خدمة لأجندته.

وتشهد عدن ولحج وأبين وحضرموت مظاهرات غاضبة وقطع للطرقات الرئيسية دخلت في بعض المحافظات أسبوعها الثاني تنديدا بسوء الأوضاع المعيشية وتردي الخدمات، لا سيما الكهرباء والمياه إلى جانب انهيار العملة.

وكانت ما تسمى بـ"الهيئة العسكرية العليا للأمن والجيش الجنوبي"، التابعة للانتقالي، دعت الجمعة إلى الاحتشاد والمشاركة الفاعلة في التصعيد الاحتجاجي، اليوم الثلاثاء، أمام بوابات قصر المعاشيق لاقتلاع الحكومة، حسب تعبيرها.

وزعمت الهيئة -في بيان لها- أن هذا الاحتجاج سيكون الشرارة الأولى للتصعيد الشامل الذي ستتوسع رقعته لتشمل أماكن حيوية أخرى، كما توعدت الحكومة بإسقاطها في حال لم تكبح ارتفاع أسعار السلع والمشتقات النفطية وتوقّف صرف الأجور.

ومما يدلل على ركوب الانتقالي لموجة الاحتجاجات جنوب البلاد وتوظيفها لصالح أجندته التي يسعى إليها، تصريحات رئيس الجمعية الوطنية للمجلس أحمد سعيد بن بريك عقب اقتحام اتباع الانتقالي اليوم مقر الحكومة.

وقال بن بريك في تغريدة بحسابه على تويتر إن "إرادة شعب الجنوب دوما منتصرة، وعدن تثأر لأبناء سيئون (جنوب)"، وذلك في إشارة ضمنية إلى وقوف المجلس خلف أحداث اقتحام قصر معاشيق الرئاسي.

وأضاف أن "إرادة شعب الجنوب دوما منتصرة، وأن عدن اليوم تثأر لأبناء سيئون"، في إشارة إلى المظاهرات التي شهدتها المدينة الواقعة في وادي حضرموت شرقي البلاد، الاثنين.

وهدد بقوله: "اليوم أو غدا سنقلب الطاولة ولا مجال للمراوغة والبيان رقم (1) من ساحة التحرير بخور مكسر (بعدن) سيكون بعد فترة وجيزة لاحقا"، دون تفاصيل إضافية. وتابع: "الخطة (ج) تتضمن محافظتي لحج وأبين"، مشيرا إلى أن شعب الجنوب ملتف حول قيادته في المجلس الانتقالي.

وتوالت ردود فعل اليمنيين حول اقتحام الانتقالي لمقر الحكومة بعدن وركوبه لموجة الاحتجاجات إذ يرى البعض أنه تصعيد خطير يكشف عن مساع للمليشيات المدعومة إماراتيا من التنصل التزاماتها تجاه اتفاق الرياض، فيما يرى آخرون أن ذلك التصعيد يأتي في إطار التخادم مع جماعة الحوثي لإرباك الحكومة في المناطق المحررة وإنقاذا للحوثيين الذين يتلقون هزائم في كثير من الجبهات.

وفي السياق يرى الباحث السياسي عادل دشيله أن اقتحام عناصر الانتقالي لمقر الحكومة بعدن تخادم مع جماعة الحوثي في شمال البلاد.

وقال "فشل الحوثيون في إسقاط مأرب، لذلك قام الانتقالي بإثارة البلبلة في حضرموت وعدن لإرباك المشهد، لأن مأرب أفشلت الطبخة -حد قوله- كما يهدف الانتقالي من وراء هذا التصعيد إلى إعاقة تنفيذ التزاماته العسكرية والأمنية، والضغط على المجتمع الدولي بضرورة الاعتراف به"، واعتبر ذلك استغلال معاناة الناس لغرض التمويه فقط.

وأضاف "كان الهدف من مشاركة المجلس الانفصالي في الحكومة اليمنية هو الحصول على شرعية قانونية، ومن ثم الانقلاب على الدولة من داخلها، وهنا سيعترف العالم بالأمر الواقع، وسيدخل الانتقالي في حوار مباشر مع الحوثيين"، متابعا بالقول "كانت الخطة تصفية القوى الوطنية. لكن، كالعادة أجهض الجيش الوطني كل المخططات".

فيصل بن جاسم آل ثاني أمير في الأسرة الحاكمة القطرية، قال: "في الوقت الذي يرسل الحوثي صواريخ وطائرات للاعتداء على السعودية ينجح الجيش اليمني بإنزال هزيمة موجعة بهذه الجماعة".

وأضاف الأمير القطري "تسارع عصابة الانتقالي بطعن الجيش من الظهر وفتح جبهة له تشغله عن مضاعفة انتصاراته، بدلا من التعاون للقضاء على الحوثي"، مردفا "ثم التفاهم حول الوحدة او الانفصال الانتقالي = الإمارات".

من جانبه حمل مستشار وزارة الإعلام، مختار الرحبي، السعودية مسؤولية تصعيد الانتقالي واقتحام أتباعه لمقر الحكومة بعدن، مشيرا إلى أن هناك تخادما إماراتيا حوثيا.

وقال الرحبي "بسبب عدم تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض حصل اقتحام قصر معاشيق بعد تحريض قيادات الانتقالي على ذلك وتتحمل السعودية ما حصل من عدم تنفيذ اتفاق الرياض ووصول الحال في عدن إلى هذه الحال من الفوضى وسيطرة عصابات الانتقالي على  كل مقدرات الدولة".

وأضاف الرحبي "كلما تقدم الجيش الوطني في جبهات القتال تقوم الإمارات بتحريك المرتزقة التابعين لها من أجل إرباك المشهد وإرهاق الحكومة بمشاكل ومعارك جانبية لتخفيف الوضع على مليشيات الحوثي"، متابعا "إنه التخادم بين الحوثي والإمارات وظهر ذلك كثيرا كلما اشتد الخناق على الحوثي تفتعل الإمارات أزمات".

الصحفي صدام الكمالي غرد قائلا "لاحظوا أنه كلما ركزت الشرعية في جبهات القتال ضد الحوثيين يذهب المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا لافتعال الأزمات في عدن". وأضاف "ما حدث اليوم تكرر سابقا"، متسائلا بالقول: ماذا يريد إذا الانتقالي وقد أصبح لديه نصف الحكومة؟

وتابع "لم تستقر الأوضاع في عدن بعد اتفاق الرياض وعودة الحكومة، واتفاق الرياض فعليا التف على المشكلة ولم يحلها.. هذا ما كنا نقوله وأغضب الكثيرين حينها".

الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان سخرت بالقول "البعاع سيقولون إن إيران وراء تمرد الانتقالي في عدن وليس السعودية، والشاطر من البعاع سيقول الإمارات".

وأضافت "نذكر أن اتفاق الرياض تم التوقيع عليه في الرياض وليس في أبو ظبي ولا في طهران ومن تعهد برعايته والتزم بالإشراف على تنفيذه بشقيه العسكري والسياسي هي الرياض وليست طهران ولا أبو ظبي".

في حين قال الكاتب والباحث السعودي سلطان الطيار "لا تلوموا مليشيات الانتقالي الانفصالي إذا فتحوا جبهات للتخفيف عن الحوثيين فهم مجرد أدوات ودمى بيد (الحليف) وإذا وضعنا يدنا على رأس المشكلة يموت الذنب"، مضيفا "الإمارات تساند الحوثي".

الناشطة ساره الميسري هي الأخرى غردت بالقول "في الوقت الذي يخوض فيه الجيش الوطني والمقاومة الشعبة أشرس المعارك ضد الحوثي في مأرب وتعز وحجة، قامت عصابة الانتقالي المدعومة إماراتياً بافتعال مشاكل جانبية لتخدم وتساند بها الحوثي الذي يعاني من ضعف وتقهقر بكل الجبهات".