انهيار الريال اليمني بين تقاعس الحكومة وخذلان التحالف.. ما الحلول والمعالجات؟ (تقرير)
- أسامة عفيف الإثنين, 06 ديسمبر, 2021 - 06:56 مساءً
انهيار الريال اليمني بين تقاعس الحكومة وخذلان التحالف.. ما الحلول والمعالجات؟ (تقرير)

تشهد مدينة تعز الواقعة في مناطق الحكومة الشرعية مظاهرات شعبية غاضبة، احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار العملة، فمن قلب المدينة التي تكابد مآسي الحصار والحرب يندد آلاف المحتجين بالجوع الذي يُعتبر الوجه الأكبر لمعاناتهم، وقد خرج المتظاهرين في مسيرة كبيرة  انطلقت من شارع جمال إلى مقر مبنى المحافظة المؤقت، رافعين لافتات تدعو لإسقاط الحكومة ورحيل التحالف نتيجة الانهيار غير المسبوق للريال اليمني والذي تجاوز 1700 ريالًا يمنيًا مقابل الدولار الواحد.

 

ورافق هذا التدهور المعيشي وغلاء الأسعار انعدام مادة الغاز المنزلي في المدينة، حيث تشهد المدينة أزمة غاز منذ أكثر من شهرين، وصل خلالها سعر دبة الغاز في السوق السوداء إلى ما يزيد عن 22 ألف ريال، فيما بلغ سعر الدبة البترول سعة عشرين لتر إلى 25 ألف.

 

ويعاني أبناء مدينة تعز أوضاعاً بالغة الصعوبة بالإضافة إلى الحصار الذي يفرضه الحوثيون ما جعل معظم أبنائها غير قادرين على توفير المتطلبات الأساسية للحياة.

 

وجوه شاحبة تعاني الجوع

 

بوجه شاحب يؤشر إلى الجوع وملامح غاضبة وساخطة، خرج الطبيب البيطري عبد الإله الزبيدي ليؤكد للناس عن مشاركته في التظاهرة بمدينة تعز، وبنبرة حزينة يقول لـ"الموقع بوست" :"خرجت وأعطيت أطفالي 200ريال، ليشتروا بها 2 روتي، وقبل دخولهم الاختبار، لحقتني ابنتي وبصوتها الطفولي قالت لي :"بابا الاثنين الروتي بـ200 ريال على ايش نأكلهم" يصف عبدالإله بحرقة رده على بنته قائلا لها :"كليهن على ماء".

 

هذا هو حال الكثيرين بعد الانهيار المتسارع للعملة المحلية فعبد الله محمد الحكيمي عامل بالأجر اليومي وأحد المشاركين في المظاهرة في حديثه لـ"الموقع بوست" يقول :"خرجنا اليوم في هذه التظاهرة بسبب الانهيار الكبير للعملة والارتفاع الجنوني للأسعار، ونطالب بإقالة كل الفاسدين في الحكومة الشرعية".

 

علي محمد هو الآخر أحد المنتسبين للجيش الوطني في تعز يقول إن الرواتب متوقفة، الأمر الذي يصعّب عليه امتلاك قوت يومه له ولأولاده، يصف وضعه قائلًا :"كنت أعمل على توفير المستلزمات الأساسية لكن الآن لم أعد قادر على شرائها"، ويضيف :"لا نريد التحالف ولا الأحزاب، كلهم شاركوا في نهب ثرواتنا".

 

 

العقيد نبيل الكدهي مساعد مدير الأمن لشؤون الأمن يقول إنه شارك اليوم في هذه المظاهرة بسبب تدهور العملة التي أثرت على كل الناس، وزادت الأسعار بشكل كبير، ويشير بالقول إلى أن الموظف لا يحصل على راتبه، وإن حدث وحصل الموظف على الراتب فإنه لا يغطي المصاريف الأساسية لاحتياجاته، في تصريحه يقول :"ما يحصل في تعز يمس الجميع، إلا الفاسدين والسرق فإنهم لا يشعرون بما يشعر به المواطن اليوم".

 

حلول اقتصادية لوقف الكارثة

 

وصلت الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية إلى مرحلة حرجة ولم تعد تجدي اجراءات البنك المركزي في عدن للحد من تدهور العملة وإعادة الاستقرار لأسعار الصرف، فالوضع أصبح يتطلب خطوات واجراءات نوعية فعالة، ضمن خطط استراتيجية تعمل بشكل متوازن لإعادة تعافي الاقتصاد الوطني، وهذا يعني إيجاد حلول سريعة وعاجلة، عبر دعم مالي مباشر، وتنفيذ لخطط الإصلاح الاقتصادي، في مختلف المؤسسات الحكومية، وتفعيل كافة الصادرات التي تُدر العائدات بالنقد الأجنبي للحكومة.

 

الصحفي الاقتصادي وفيق صالح يقول إن أبرز خطوات الحل هي تعيين إدارة جديدة للبنك المركزي ذات كفاءة عالية تتسم بالنزاهة والخبرة، وقادرة على تنفيذ قراراتها على أرض الواقع وإعادة النظر بنظام التعويم الحر، الذي يترك للسوق حرية تحديد سعر العملة، دون أي تدخل من البنك المركزي.

 

في تصريحه لـ"الموقع بوست" يقول صالح إن "تفعيل أدوات السياسة النقدية وإلغاء قرار تعويم استيراد المشتقات النفطية، وتفعيل شركة مصافي عدن، عبر تكرير النفط الخام وتمويل السوق المحلية لتنظيم عملية الاستيراد، وحظر استيراد المواد الكمالية بشكل مؤقت سيخفف الضرر بشكل كبير لأنها تستنزف العملة الصعبة في البلاد".

 

ويضيف :"لابد من توريد كل موارد النقد الأجنبي، وصادرات النفط إلى البنك المركزي في عدن، وصرف رواتب المسؤولين بالريال اليمني للسيطرة على إيرادات المؤسسات المحلية، ووقف العملية العشوائية الحاصلة في كثير من القطاعات الايرادية".

 

 

المحاسب والخبير المالي عبده محمود النمر يرى أن الحلول الفعالة لتدهور العملة حالياً ستكون بتغيير إدارة البنك المركزي ووزارتي المالية والصناعة ومنع استيراد الفواكه والسجائر والكماليات وجميع المنتجات المنافسة للمنتجات الوطنية.

 

في تصريحه لـ"لموقع بوست" يقول النمر إن :"تحديد سعر ثابت للدولار ومنع التعويم وإعادة الدور للبنوك التجارية ومنع الصرافين من ممارسة عمل البنوك بل وفرض رقابة صارمة عليهم سيمنع تسرب العملة الأجنبية من اليمن".

 

ويضيف :"لابد من العمل على إعادة تصدير الغاز والنفط والأسماك وبقية المنتجات الوطنية وإلزام كل المنظمات الانسانية بتوريد مواردها إلى البنك المركزي وسحبها بالعملة المحلية، كل هذه أمور ستخفف من الانهيار الكبير للعملة".

 

نتائج الانهيار العملة

 

إن خروج الناس إلى الشارع وتنظيم الاحتجاجات السلمية، هي أقل ما يمكن أن يفعله الإنسان المقهور مع التدهور المريع للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بعد أن فقد كل ما يملك يتبقى له الصراخ والصدح بصوته عل رسالته تصل للحكومة الشرعية.

 

أحمد القدسي طالب جامعي بجامعة تعز في حديثه لـ"الموقع بوست" يقول :"أصبحنا اليوم نحن الطلاب  نرى أن الحل الوحيد هو الاضراب عن الدراسة مع باقي فئات الشعب، إذ أننا لم نعد قادرين على مواصلة الدراسة في ضل هذا الوضع المخيف فبسبب ارتفاع الاسعار".

 

 

ويضيف :"لولا تواجد أخي معيا في المدينة لكنت وصلت لمرحلة من اليأس كما وصل بعض زملائنا الطلاب الذين قرروا وقف الدراسة وبعضهم غادر للغربة  والبعض الآخر ذهب للعمل في محافظات أخرى، فخمسة آلاف ريال لم تعد تكفي لقوت يوم واحد وغالبية طلاب الجامعات قادمين من القرى".

 

الناشط الإعلامي صلاح الواسعي يقول إنه بعد تفاقم الأوضاع المعيشية خرج الناس جائعين وغير آبهين بشيء، بعد أن بلغت قيمة الرغيف الواحد 100 ريال، فيما تخطى الدولار حاجر الـ1700 ريال، ومع استمرار غياب الدولة فإن الدولار سيتجاوز حاجز الثلاثة ألف والأربعة الف ولن يقف عند حد.

 

في تصريحه لـ"الموقع بوست" يقول :"يجب أن نتذكر أن قيمة الدولار الواحد في لبنان وصل إلى الـ30 ألف ليرة، ولا يُستبعد أن يحدث في اليمن وضع مشابه، الواقع خطير جداً، والبلاد تسير نحو هاوية سحيقة".

 

فيما يقول الصحفي محمد المياس أن الحرب أثرت كثيراً على الوضع المعيشي للمواطن بمختلف المحافظات اليمنية سواء كان تحت سيطرة الحوثيين أو الحكومة الشرعية، إلا أن تخاذل الحكومة الشرعية والتحالف والصراع المستمر بين الأطراف، أنتج غضب الشارع اليوم في تعز ليعبر عن استيائه من موقف الحكومة الشرعية والتحالف من التدهور الاقتصادي الكبير في البلاد.

 

في حديثه لـ"الموقع بوست" يقول  المياس إن :"المواطن اليمني أصبح يشعر أن جميع الأطراف خذلته وخرج اليوم تنديدا بهذا الخذلان وطلب حلول عاجلة لإيقاف انهيار للعملة المحلية".

 

هذا وتعيش المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية على وقع انهيار متواصل للعملة الوطنية نتيجة تبني البنك المركزي سياسيات خاطئة وفق لمحللين اقتصاديين.


التعليقات