[ أطفال في مخيمات النزوح في صحراء مأرب ]
بخلاف شعوب العالم قاطبة يودع الشعب اليمني العام 2021 بحصاد مرير من الانتكاسات والمآسي والخيبات أضافت بفظاعتها شواهد أخرى إلى ما خلفته أعوام الحرب الستة الماضية من معاناة ومحن جعلت من مأساة الشعب اليمني أفظع مأساة إنسانية يشاهدها العالم في مطلع العقود الأولى من الألفية الثالثة.
يودع الشعب اليمني عام 2021 دون إبداء أي مشاعر للأسف، مستقبلاً العام 2022 وهو عالقاً على شفى سحيق من المآسي والخراب، غارقاً تحت أنقاض وطن تطحنه رحى حرب مدمرة بلا هوادة ولا يعرف للفرح شكلاً أو طعماً، فاقداً لأي أمل بإمكانية أن يحمل العام القادم انفراجة ولو جزئية لمأساته الإنسانية التي بات جلياً أن صانعوها الإقليميين والمحليين قد وظفوها في استراتيجية صراع طويل الأمد يدفع الشعب اليمني ثمنه الباهظ من دماء وأرواح الآلاف من الابرياء، ومستقبل أبنائه.
"الموقع بوست" يرصد في هذا التقرير مشاعر نخبة من السياسيين والمفكرين والكتاب والناشطين التي هي دون شك مشاعر كل اليمنيين في لحظة فاصلة بين عام مضى لم يحمل لهم سوى مزيداً من المواجع والمحن وعام قادم لا يملكون ولو القدر اليسير من اليقين بأنه يحمل لهم في جعبته ما هو جدير بالاحتفاء.
أسوأ أعوام الحرب
يرى المفكر اليمني البرفسور فؤاد البنا أن العام المنصرم 2021 كان أقسى سنة مرت على اليمنيين خلال العقود الأخيرة بصفة عامة وسنوات الحرب المستعرة منذ ما يربوا على ست سنوات بصفة خاصة.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يشير البنا إلى أن حروب الانقلابيين اشتدت على اليمنيين، واشتدت الحرب الباردة على الأحرار آخذة صورا متعددة، وكانت الحرب الاقتصادية أخطر صورها، ليسقط الريال بالضربة القاضية، مما جعل ملايين اليمنيين يعيشون حياة بائسة فوق الوصف حتى صارت اليمن مأساة القرن، كما أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية.
وأضاف المفكر البنا "ولما كانت عيون اليسر تنبجس من صخور العسر؛ فقد شهد نهاية هذا العام بعض الانفراجات التي أعادت الآمال إلى قلوب اليمنيين، فالمليشيات فقدت خلال الأسابيع الأخيرة من الضحايا ما لم تفقده من بداية الحرب، سواء من الناحية العددية أو النوعية، وعلى رأسهم العشرات ممن يحملون رتبة لواء وعميد".
وعلى مستوى الحرب الاقتصادية استلمت مقاليد البنك المركزي قيادة مشهود لها بالنزاهة والخبرة وبدأت باتخاذ إجراءات تصحيحية تبشر بالخير ليشهد الريال تعافياً كبيرا بعد تراجع الدولار بصورة كبيرة، لتنحسر موجة الأسعار نسبيا، ولترتفع آمال اليمنيين باستعادة وطنهم من جديد.
بدوره يلخص الأكاديمي عبده حسن أبرز الأحداث التي شهدتها اليمن خلال العام 2021 والتي جعلته أسوأ الأعوام السيئة على الشعب اليمني قائلاً "ما تعرضت له محافظة مأرب خلال هذا العام من هجوم ومحاولة لإسقاطها والذي يعتبر الأكبر والأعنف طيلة أعوام الحرب الستة السابقة حيث سطرت محافظة مأرب ملحمة بطولية سيخلدها التاريخ".
وأردف حسن في حديثه لـ "الموقع بوست" أن الانسحاب من تخوم محافظة الحديدة الذي نفذته ما تسمى بالقوات المشتركة في الساحل الغربي (فصيل يتبع طارق صالح وممولة إماراتيا) مثل صدمة قوية لكل اليمنيين ونكسة زادت من مساوئ العام المنصرم فداحة.
ولفت إلى أن الانهيار الكبير وغير المسبوق لقيمة العملة الوطنية أمام العملات الأخرى والإنفلات الأمني في المحافظات المحررة وعودة جرائم القتل جعل من العام 2021 أشد الأعوام مأساوية وقتامة على الشعب اليمني".
واختتم الأكاديمي عبده حسن حديثه بالتنويه إلى أن فوز منتخبنا الوطني للناشئين ببطولة اتحاد غرب آسيا لكرة القدم في نسخته الثامنة كان هو الحدث الوحيد السعيد الذي ختم به العام 2021 شهوره الثقيلة المحزنة على الشعب اليمني.
مأساة الصحفيين
الصحفي اليمني وهيب المقرمي من جهته يرى أن عام 2021 كان أكثر دمويةً وانتهاكاً على الصحفيين في اليمن، بل أكثر قتلاً ورعباً، وزادت حدة الانتهاكات ضد الصحفيين في اليمن وأصبح الصحفي خائفاً ومطارداً من محافظة إلى أخرى، حيث زادت مخاوف الصحفيين أكثر على حياتهم وخاصة بعد الجريمة النكراء التي استهدفت الاعلامية رشا الحرازي وزوجها الصحفي محمود العتمي وجنينها في عدن في الثاني من نوفمبر/تشرين ثاني من العام ذاته.
تلك الجريمة البشعة التي هزت الوسط الصحفي واليمني والعالم أجمع, وزادت من مخاوفهم بشكل كبير.
وأكد المقرمي "أن ممارسة مهنة الصحافة في اليمن ليست فقط مهنة المتاعب ولكنها أصبحت مهنة الموت، إن صح لي التعبير.
الصحفي في اليمن حسب التقارير الواردة من المنظمات الحقوقية والإنسانية ونقابة الصحفيين اليمنيين أصبح مطارداً من محافظة إلى أخرى بسبب ما فرضته عليه المليشيات الحوثية ومليشيات الانتقالي من ممارسات وتعقب ومصادرة حقوقه المكفولة حسب القوانين الصحفية المعروفة.
وفي الآونة الأخيرة من العام 2021 فضل كثير من الصحفيين في اليمن إما انعزال مهنة الصحافة أو الهجرة إلى خارج الوطن لممارسة مهنتهم الصحفية في وسائل إعلامية خارجية، بدل أن يعيشوا في بلد ينتظرون الموت المحقق مثل كثير من رملائهم.
واختتم الصحفي وهيب تصريحه لـ "الموقع بوست" منوهاً إلى حقيقة جميع أطراف الصراع في اليمن لا تحفظ أو تراعي أي قوانين صحفية أو حقوق مهنية أو إنسانية وأصبح النزوح والقتل والتقطعات والاعتقالات والتعذيب في السجون هي العناوين البارزة في اليمن للصحفيين, وغيرهم, ولكن الصحفي هو الأكثر عرضةً لهذه الانتهاكات التي تقوم بها أطراف الحرب وللعام السابع على التوالي والتي تستهدف اليمن أرضاً وإنسانا"، حسب تعبيره.
النساء الأكثر تضرراً
الناشطة اليمنية ليلي العامري هي الأخرى ترى أن العام 2021 كان الأسوأ على المرأة اليمنية، معاناة، ففي هذا العام شهدت البلاد أسوأ أزمة اقتصادية والتي اثرت سلبا على المرأة.
ولفتت إلى أن معارك مأرب والساحل الغربي زادت حدتها مما تسببت بموجة نزوح كبيرة للنسا۽ وللٲطفال، الأمر الذي أدى إلى زيادة الانتهاكات من قبل جماعة الحوثي والتي تستمر بقصف مخيمات النازحين، كما عرض العديد من النساء للعديد من المخاطر بسبب الالغام الحوثية حيث توفت العديد من النساء.
وتابعت "بالنسبة للسجون الحوثية والذي تقضي فيه العديد من الناشطات في معتقلات المليشيا وأيضا الفنانات كعارضة الأزباء انتصار الحمادي، والتي مارست المليشيا ابشع الانتهاكات بحقها كسجينة، ليس فقطـ انتصار بل العديد من النساء".
تقول العامري "على الصعيد السياسي نلاحظ أن المرأة مازالت تعاني، فلم يتم اشراكها في التشكيلات الحكومية أو المناصب على مستوى الوزاراتـ إلى جانب التحريض الممنهج من خطباء المساجد ونشرهم خطاب كراهية ضد المرأة في مساع للنيل من المرأة اليمنية ومكانتها".
واختتمت العامري تصريحها لـ "الموقع بوست" بإشعال شمعة أمل في ليل المعاناة الحالك بالنسبة للمرٲة وهو عودة عمل اللجنة الوطنية للمرٲة من العاصمة المؤقته عدن والتي تعنى بقضايا المرأة وهذه بارقة أمل للمرأة اليمنية".
حصول المنتخب اليمني للناشئين على بطولة اتحاد غرب أسيا والتعافي غير المضمون للريال اليمني وصمود محافظة مأرب ومصرع مندوب إيران لدى الحوثيين حسن ايرلو بصنعاء كانت أبرز نقاط الضوء الخافتة في عام حالك بالمآسي رحل عن اليمنيين، دون أن يحمل لهم العام القادم أي بشائر بوضع أحسن حالاً.