ما دلالات العمليات العسكرية في حضرموت وابين؟
- وئام عبدالملك - خاص الإثنين, 25 أبريل, 2016 - 12:50 صباحاً
ما دلالات العمليات العسكرية في حضرموت وابين؟

انطلقت مطلع الأسبوع الجاري عملية عسكرية واسعة، ضد" تنظيم القاعدة" لتحرير" المكلا" كبرى مدن محافظة حضرموت الواقعة جنوب شرق اليمن، والتي ترزح تحت سيطرة التنظيم منذ حوالي عام.
 
وتمكنت قوات الجيش الوطني مسنودة بطيران وبوارج التحالف العربي، من دخول مدينة " المكلا"، عصر الأحد، 24 إبريل، وأحكمت السيطرة على مناطق عديدة منها قاعدة الريان، مقر اللواء 127، ومطار المكلا، وآخرها منطقة "بويش"، حيث دارت معارك عنيفة مع عناصر التنظيم.
 
وبالتزامن مع العمليات العسكرية الموسعة التي أطلقها الجيش الوطني المدعوم بقوات التحالف العربي لتطهير" المكلا"، وبقية مناطق حضرموت من عناصر التنظيم، كان هناك عمليات عسكرية أخرى، ضد عناصر التنظيم في" الحوطة" بلحج، وزنجبار، عاصمة " أبين" جنوب اليمن، علما بأن التنظيم سيطر على أبين لأول مرة منتصف 2011، بتواطؤ من سلطات نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
 
وتأتي الحملة العسكرية للجيش الوطني، بعد تعرض تنظيم القاعدة في حضرموت، وأبين، وشبوة، ولحج، وعدن، لضربات موجعة من قبل طيران التحالف العربي منذ قرابة شهر، حيث بدأ التحالف بشن غارات جوية مكثفة وعنيفة لأول مرة ضد التنظيم بالمحافظات الجنوبية، منذ أواخر مارس/ آذار الماضي.
 
وبحسب مراقبين فإن تحرك الحكومة الشرعية والتحالف العربي ضد تنظيم القاعدة، يقطع الطريق أمام استخدام إيران وحلفائها في اليمن لورقة" الإرهاب" لتقويض السلام في اليمن.
 
تحرير أبين
 
تحرص الحكومة اليمنية على تطهير محافظة " أبين" من تنظيم القاعدة، الذي أعلن سيطرته على المدينة في منتصف 2011، وذلك، بحسب مراقبين، سيسهم في تأمين العاصمة المؤقتة "عدن"، علما بأن "أبين" تقع ضمن النطاق الجغرافي للمنطقة الرابعة، التي تتمركز قيادتها في" عدن".
 
 وتأتي عملية تطهير "أبين"، بعد عمليات عسكرية وأمنية خاضتها قوات الجيش والأجهزة الأمنية، بمساندة التحالف العربي، لتطهير عدد من جيوب العصابات المتشددة، بعدن، خصوصا بعد أعمال العنف والتفجيرات والعمليات الإرهابية، التي شهدتها العاصمة المؤقتة خلال الأشهر الماضية.
 
وتعد محافظة أبين من المعاقل المهمة لتنظيم القاعدة، والذي سبق وأن أعلنها ولاية تابعة له، وسبق أن نفذت الحكومة اليمنية ضد التنظيم في هذه المحافظة عدة هجمات، في حين شنت طائرات" الدرونز" بدون طيار التابعة للجيش الأمريكي، سلسة غارات استهدفت عناصر وقيادات في التنظيم في المحافظة.
 
الأهمية والمخاوف من تحركات "المكلا"
 
تم تسليم مدينة " المكلا" لتنظيم القاعدة، بأوامر مباشرة من المخلوع صالح للوحدات العسكرية والأمنية المكلفة بتأمين المدينة، وخصوصا المطار وغيرها من المواقع الحيوية فيها، حيث انسحبت تلك الوحدات التي لا تزال تدين بالولاء للمخلوع، من جميع مواقعها، تاركة المدينة والمرافق الحيوية، والمعسكرات لتنظيم القاعدة.
 
وبناء على ذلك، فإن استعادة المكلا من عناصر القاعدة، يمثل أهمية بالغة للحكومة الشرعية، حيث يرى الخبير العسكري علي الذهب في حديثه لـ ( الموقع)، أن التحرك العسكري في المكلا مرتبط بالمحادثات الدائرة في الكويت، مشيرا إلى أن ورقة القاعدة جرى تأخيرها إلى هذا الوقت بوصفها ورقة تفاوضية مربحة للتحالف والشرعية، إذ أن الحوثيين يرون في أنصار الشريعة العدو رقم ( 1 )، فضلا عن أن دور القاعدة انتهى نسبيا.
 
وأضاف الذهب:" لدي قناعة تامة أن هذا يأتي في إطار، تفعيل بنود سرية لاتفاق الحوثيين والسعودية في ظهران الجنوب قبل أسابيع، فمفاوضات الكويت والتحركات الحالية ضد القاعدة، لم تعد سوى تفاصيل، وأن جوهر الخلاف تم حسمه ببن السعودية والحوثيين، بعيدا عن مصالح اليمنيين، الذين سُلبت دولتهم، ودُمرت مرتكزات ومقومات وجودها، كدولة ذات وزن إقليمي مؤثر".
 
إن تحرك الجيش الوطني -  حسب الذهب- مسنودا بالتحالف في " المكلا" يأتي كذلك، في إطار تمكين الحضارم من حضرموت، "لأن ما يقرب من 3000 مقاتل حضرمي، جرى تدريبهم منذ أشهر خارج " المكلا" تحت قيادة قائد المنطقة الثانية، التي كان مقرها في " المكلا" قبل استيلاء " أنصار الشريعة" (المسمى المحلي لتنظيم القاعدة في اليمن)، عليها، فيما تظل مدن الصحراء تحت سيطرة قيادة عسكرية تتبع الرئيس عبدربه منصور هادي، وكل أفرادها من مختلف محافظات البلاد".
 
وأشار" الذهب" في معرض حديثه لـ(الموقع) إلى " أن القلق الذي يساور كل من يهمه وحدة اليمن، أن يكون هدا التحرك وفق أجندة غير معلنة، ترمي إلى الترسيم التدريجي لحدود دولتين ولو على المدى المتوسط، ومبعث ذلك أن الجيش في الجنوب بات جنوبيا صرفا".
 
تحرير المناطق الخاضعة للشرعية
 
بدوره يرى الكاتب متولي محمود خلال حديثه لـ( الموقع) أنه " بغض النظر عن الضبابية التي تكتنف الأحداث في المناطق الجنوبية، فمحاربة ما يسمى بتنظيم القاعدة يهم الشرعية والتحالف العربي أكثر من غيرهم، فتلك الجماعات في الغالب إستخباراتية، وهدفها الرئيسي هو إظهار المناطق المُحررة من الحوثيين كحاضنات للإرهابيين، وبالتالي فإن استكمال تحرير باقي المحافظات من جماعة الحوثيين سيجعل منها كالنماذج السابقة"، حسب قوله
 
وبعيدا عن التوقيت، فإن" متولي" يرى أن:" تحرير مناطق الشرعية من الجماعات الإرهابية أمر ضروري، والذي من شأنه إرسال رسائل واضحة عن نوايا التحالف العربي"، ولا يستبعد أن:" يتعلق التوقيت بزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخيرة إلى الرياض، والقمة الخليجية الأمريكية، والتي ركزت بمجملها على مكافحة الإرهاب، وإيلاء الإدارة الأمريكية بالدعم الكامل لهذه المهمة، إذ كيف للتحالف الضغط على المجتمع الدولي باتجاه التخلص من جماعة الحوثيين والمخلوع صالح، بينما ما تحرره من مدن، تقع فريسة لإرهابيين آخرين".
 
ولا يظن الكاتب " متولي"، "أن للعمليات العسكرية التي تجري حاليا ضد تنظيم القاعدة في المدن الجنوبية، لها علاقة بمكافحة الحوثيين في الشمال، أو أن ذلك يعيقها، فالتحالف العربي يستطيع تجهيز الجيش الوطني في الشمال بالعتاد العسكري اللازم، ليتكفل بحسم المعركة هنا، ثم إن انشغال المقاومة الجنوبية بمكافحة القاعدة، لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة لمحافظات الشمال؛ إذ أن الأول لم يخض يوما معارك ضد الحوثيين خارج نطاقه الجغرافي، فلينشغلوا بتطهير المناطق المحررة من التنظيم الخبيث، وفي حال قرر التحالف وضع حد لتغول الحوثيين في الشمال، فإن توفير الدعم اللازم للجيش الوطني المشكل مؤخرا، يستطيع حسم المعركة في وقت قياسي".
 
الحرب على القاعدة حرب على الإنقلابيين
 
أشارت مصادر مقربة من مشاورات الكويت، أن وفد الحوثيين وحزب المخلوع، رفض خلال الجلسة الصباحية لمشاورات اليوم الإثنين بالكويت، مقترحا تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، بإصدار بيان يؤيد العملية العسكرية ضد تنظيم القاعدة في " المكلا" و " أبين"، وهذا ما أثار استغراب العديد من المراقبين والنشطاء، الذين يؤكدون وجود مصالح مشتركة تربيط بينهم والتنظيم، فلقد استخدم الحليفان "صالح والحوثي"، " ملف" الإرهاب لابتزاز الدول، إذ كثيرا ما عزفوا على ذلك الوتر، وصورا أنفسهم للغرب بأنهم الطرف الذي سيكافح الإرهاب في اليمن.
 
فزعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي بعد انقلابهم في سبتمبر/ أيلول 2014 بثلاث أيام، تحدث أنه سيذهب إلى معاقل تنظيم القاعدة لمحاربته، وفي عدن وتعز قاتلوا بشراسة المدنيين هناك، بحجة أنهم " دواعش".
 
بدوره ينظر تنظيم القاعدة لجماعة الحوثي كـ( خصم)، لكن لم يسبق وأن دخلوا في مواجهة جادة مع الجماعة، والمصلحة التي تجمعهم هي إثارة الفوضى في اليمن، من أجل تنفيذ أجندتهم، والحفاظ على بقائهم.
 
وتؤكد العديد من المصادر عن ارتباط تنظيم القاعدة بالمخلوع صالح، ففي التقرير الدولي الصادر في العام  2015 وأعده مجموعة من الخبراء، ثمة إشارة واضحة إلى العلاقة التي تربط المخلوع صالح وبعض المقربين منه بالتنظيم.
 


التعليقات