وعود الحكومة ومستحقات المعلمين يتسبب بوقف العملية التعليمية في المناطق المحررة (تقرير)
- الموقع بوست ـ أكرم ياسين الأحد, 28 أغسطس, 2022 - 07:31 مساءً
وعود الحكومة ومستحقات المعلمين يتسبب بوقف العملية التعليمية في المناطق المحررة (تقرير)

[ مدرسات يُعلقن الشارات الحمراء للبدء بالإضراب ]

"أعمل مدرسة لمادة اللغة الإنجليزية في محافظة عدن منذ سبعة عشر عاماً واتقاضى (96) الف ريال راتباً حكومياً أي ما يعادل (87) دولاراً أمريكياً (وصل سعر الدولار مقابل الريال اليمني في مصارف عدن عند إعداد هذا التقرير الى 1097ريالاً للدولار الواحد) وبالرغم من التدهور الكبير للقيمة الشرائية للريال اليمني مقابل العملات الأخرى بنسبة وصلت الى أربعة أضعاف فإن راتبي ظل كما هو ولم  تطرأ عليه أي زيادة منذ 2014 أي قبل الحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات حين كان سعر صرف الدولار الواحد (240) ريالاً، راتبي في ظل الوضع الإقتصادي المنهار وغلاء أسعار السلع الأساسية لم يعد يفي بتلبية احتياجات أسرتي من المواد الغذائية الأساسية لمدة أسبوع واحد".

 

بهذه العبارات الحزينة عبرت في حديثها - للموقع بوست - الأستاذة سميرة عبدالغفار عن الوضع المعيشي المزري الذي وصل اليه قطاع المعلمين والتربويين في العاصمة المؤقتة عدن والمناطق المحررة التابعة للحكومة الشرعية المدعومة من قبل التحالف العربي.

 

وأردفت الأستاذة سميرة عبدالغفار "لم نعد قادرين على الإستمرار في عملية التدريس، فأجرة المواصلات للمدرسة كل يوم رغم قلة المبلغ لا نملكها وقس على ذلك بقية المتطلبات".

 

وأختتمت الأستاذة سميرة تصريحها وهي تكابد حبس دموع عينيها بتوجيه إعتذارها لطالباتها لعجزها عن مواصلة تعليمهن قائلةً "بناتي الطالبات إنني أُم قبل أن أكون معلمة وقلبي يتمزق لعدم قدرتي عن مواصلة تعليمكن بسبب الظروف القاهرة، وتخلي الحكومة عن تنفيذ وعودها بتحسين أوضاع المعلمين الذين باتوا على شفا المجاعة، إنتظرنا لأكثر من عام ونصف للحكومة بتلبية مطالب المعلمين حتى لا تتعرض العملية التعليمة للتوقف فلم نجد غير التسويف والمماطلة، لذلك فلِتلتمسن لي ولكل معلم أجبرته الظروف للبحث عن مهنة أخرى يعول عليها أسرته إن حضرتن للمدرسة ولم تجدنني" حسب تعبيرها.

 

الإضراب والعصيان المدني الشامل

 

وإزاء تجاهل الحكومة الشرعية لمطالب المعلمين ومماطلتها لتنفيذ ما وعدت به في إجتماعها المنعقد بتاريخ4أكتوبر/تشرين أول 2018 بزيادة مرتبات الموظفين بنسبة 30% وصرف العلاوات المتوقفة منذ العام 2014، وما تلتها من وعود في فترات مختلفة لم تنفذ منها شيئاً دعت كلاً من نقابة المعلمين الجنوبيين والاتحاد التربوي اليمني في بيانين منفصلين بتاريخ 28 يوليو/حزيران المنصرم كافة المعلمين والتربويين في كافة المحافظات المحررة الى اضراب تام عن العمل واغلاق المدراس والخروج بتظاهرات غاضبة وخطوات تصعيدية ضد المجلس الرئاسي والحكومة الشرعية.

 

البيانان حضيا بتأييد النقابات العمالية في المحافظات الجنوبية، توعدا بقيادة ما اسماه "ثورة شعبية" لإنتزاع الحقوق وإعادة كرامة المعلم.

 

وعود عرقوبية

 

آخر وعود حكومة معين عبدالملك بصرف العلاوات السنوية للمعلمين المتوقفة منذ 2014 كانت في نوفمبر/تشرين ثاني 2021 واعتماد تلك العلاوات في الموازنة العامة للعام 2022 على أن تصرف في شهر أبريل/نيسان من ذات العام وشكلت لجنة فنية لذات الغرض من وزارات التربية والخدمة المدنية والمالية.

 

اللجنة التي طالبت الوحدات الإدارية في المحافظات المحررة بسرعة إعداد كشوفات بالمستحقين لنيل تلك العلاوات وكما توضح مذكرة وزير المالية سالم صالح بن بريك موجهة لمحافظ محافظة تعز نبيل شمسان برقم (502) وتاريخ 16مارس/آذار2022،أي قبل الموعد الذي حددته الحكومة لصرف تلك العلاوات بشهر ونصف وضعت حزمة من الشروط والمعايير الواجب توفرها في كشوفات الموظفين المستحقين لتلك العلاوات.

 

اشترطت مذكرة وزير المالية في بندها الأخير "إرفاق كشف راتب شهر ديسمبر 2021 موقعاً من الموظفين ومختما (صُرف - رُجع) مع استمارة الصرف ونسختين ورقية وآليه" وهو ما اعتبره مدير مكتب الخدمة المدنية بمحافظة تعز - فضل علي حسن -  في تصريح لـ "الموقع بوست" شرطاً تعجيزياً كون الجميع يعلم أن مرتبات الموظفين من قبل الحرب كانت تصرف آلياً عبر مكاتب البريد وتحول صرفها عبر شركات الصرافة الخاصة بعد استئناف الحكومة صرف رواتب موظفي المحافظات المحررة من العاصمة المؤقتة عدن".

 

ونوه فضل علي حسن إلى "أن الكشوفات اليدوية قد ألغي العمل بها منذ عشرين عاماً، والجميع يعلم ذلك بما فيهم وزير المالية، معتبراً وضع ذلك الشرط قبيل موعد صرف علاوات الموظفين الذي حددته الحكومة خطوة استباقية لتنصل الحكومة عن إلتزامها غير مكترثة لما قد يسببه ذلك من وقف العملية التعليمية، في ظل ظروف معيشية كارثية يعيشها الموظفين، ناتجة عن إنهيار غير مسبوق  لقيمة العملة الوطنية أمام العملات الأخرى."

 

وأكد مدير الخدمة المدنية بمحافظة تعز في ختام تصريحه لـ "الموقع بوست" أن "فرع وزارة الخدمة المدنية بالمحافظة قد سلم لديوان الوزارة في عدن ولمكتب المالية  كشوفات الموظفين المستحقين للعلاوات قبل ثلاثة أشهر ولم يعد أمام الحكومة أي مبرر لعدم صرف تلك العلاوات."

 

وعلى وتيرة تهديد نقابات المعلمين بتصعيد الإحتجاجات استمرت وتيرة الوعود السرابية من حكومة معين عبدالملك بصرف تلك العلاوات، كان آخرها تصريح وزير الخدمة المدنية  "عبدالناصر الوالي" لوسائل الإعلام بتاريخ 30مايو/أيار الماضي بتوفر 51 مليار ريال لصرف علاوات الموظفين المتوقفة منذ 2014،تلاه إعلان وزارة الخدمة المدنية عبر موقعها الالكتروني بتاريخ 6يوليو/ تموز المنصرم عن إطلاقها الدفعة الأولى من علاوات الموظفين وسيتم صرف بقية العلاوات فور إنتهاء اجازة عيد الأضحى المبارك، بحسب إعلانها المنشور.

 

البنك يفضح وعود الحكومة

 

لم تدم فرحة المعلمين طويلاً بتنفسهم الصعداء بتوقيع وزير المالية مطلع أغسطس الجاري على مذكرة التعزيز المالي بصرف علاوات المعلمين مع فوارقها اعتباراً من شهر يناير/كانون أول وحتى يوليو/تموز من العام الجاري وإضافة تلك العلاوات الى راتب شهر أغسطس/آب الحالي، حتى فوجئوا بطباعة كشوفات شهر أغسطس بدون إضافة العلاوات وإعتذار البنك المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن عن إصدار إشعارات بتلك العلاوات.

 

وبحسب توضيح مصدر مطلع في البنك المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن (فضل عدم ذكر إسمه) في اتصال مع "الموقع بوست" أوضح أن البنك بالكاد يتمكن من صرف رواتب الموظفين دون زيادة ريالاً واحداً.

 

وكشف المصدر، أن الوضع السياسي المضطرب في العاصمة عدن وغياب السيطرة التامة للحكومة على الاوعية الإيرادية وذهاب أغلب الإيرادات الى حسابات خاصة في مصارف وبنوك خاصة حال دون تمكن البنك ووزارة المالية من التحكم بالقطاع المصرفي والوفاء بالالتزامات المالية.

 

ونفى المصدر، ما قاله وزير الخدمة المدنية عبدالناصر الوالي عن توفر 51 مليار ريال لصرف علاوات الموظفين وزيادة مرتباتهم.

 

في لحظة الصدق تبخرت كل الوعود الحكومية وحُرم المعلمون أبسط حقوقهم القانونية التي لا تتناسب مع الغلاء الجنوني للمواد الغذائية وانهيار الريال أمام العملات الأخرى بنسبة400% الا أن تنصل الحكومة عن فتات قبله المعلمون على مضض، سيؤدي اعتباراً من اليوم الأحد 28أعسطس الجاري الى توقف العملية التعليمية بشكل كامل بحسب بيانات نقابات التعليم الداعية لإضراب شامل  الى أجل لا احد غير حكومة معين عبدالملك وحدها من يملك تسميته.


التعليقات