ثورة 14 أكتوبر في عامها الـ 59..الحلم الذي اغتيل في دوامة الصراع والاحتراب (تقرير)
- فارس محمد الخميس, 13 أكتوبر, 2022 - 02:33 مساءً
ثورة 14 أكتوبر في عامها الـ 59..الحلم الذي اغتيل في دوامة الصراع والاحتراب (تقرير)

[ ثورة الرابع عشر من أكتوبر ]

يحتفل اليمنيون اليوم بالذكرى الـ59 لثورة 14 أكتوبر 1963م ، والتي قامت ضد المستعمر البريطاني، بعد أن استمر أكثر من  129 عاماً في جنوبي اليمن.

 

الثورة التي انطلقت من جبال ردفان في محافظة لحج، بقيادة راجح لبوزة وعبود الشرعبي واحمد الكبيسي واكثر من 50فدائنا ممن رسموا خيوط الفجر الاولى وصنعوا نصرا على اعتى امبراطورية حينها الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس،  بالتزامن مع ثورة 26 سبتمبر 1962ضد النظام الإمامي في الشمال.

 

كانت أهداف ثورة أكتوبر هي ذاتها أهداف الثورة الأم – 26سبتمبر -  والتي شكلت في مجملها منظومة متكاملة غير قابله للانتقاء والتجزئة، وكانت بمثابه برنامج عمل سياسي عكس مدى الوعي السياسي لدى قادة ورواد الثورة الأوائل

 

 ثورتا سبتمبر وأكتوبر ووحدة النضال

 

جسدت ثورتا 26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر 1963 الوحدة الوطنية منذ  اندلاعهما، فالأحرار الذين أشعلوا ثورة 14 أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني، كانوا قد شاركوا في ثورة 26 سبتمبر ضد الإمامة الكهنوتية في شمال البلاد، وكانت بعض مناطق الشمال خصوصا تعز، منطلقا لتقديم الدعم اللوجستي لثورة الجنوب. 

 

الحركة الوطنية اليمنية كانت حركة متحدة فيما بينها في المضامين والاهداف،  فقد انتجت الحركة  ثورتي سبتمبر واكتوبر، واي تسطيح لهذا المضمون، فيه انكار وجحود بجهود الثوار والمناضلين، حسب وصف الباحث والمحلل السياسي ياسين التميمي.

 

في تصريح لـ "الموقع بوست" يقول التميمي " لدينا ثورة 26 سبتمبر و14 اكتوبر، ولدينا تضحيات مشتركة، وتوحد في الاهداف بين الثورتين ضد الاستعمار البريطاني جنوبا، وضد حالة الاستبداد الملكي في الشمال، هاتين الثورتين اسهمتا في قيام الجمهورية اليمنية، وما ينكر تلك الجهود الا جاحد.

 

وتابع التميمي:  ثورة 14 اكتوبر هي من اوجدت لنا الهوية السياسية  والدولة   ولولا 14اكتوبر لما كان لنا اي هوية تربطنا بأبناء عدن والمحافظات الجنوبية.

 

وزير الثقافة الاسبق خالد الرويشان، بدوره عبر عن هذا الانسجام بين الثورتين بالقول: إن أبين ويافع، حرّرا صنعاء من الإمام الهادي قرب نهاية القرن الثالث الهجري، وأبطال ردفان ولحج والضالع ويافع وعدن والبيضاء ورداع وإب وتعز، هم الذين كسروا حصار السبعين يوما، بمعارك "نقيل يسلح" في ذروة معركة الجمهورية مع الإمامة، أواخر ستينيات القرن العشرين .

 

وتابع في مقال له بمناسبة ثورة اكتوبر: العالم كله يعرف أهمية الارتباط الوجودي بين شمال اليمن وجنوبه، ودور هذا الارتباط في الحفاظ على الدولة والجمهورية.

 

التاريخ يتجدد  

 

بعد مضي ما يقارب سته عقود، لا يزال مصير جنوب اليمن مجهولا في ظل سيطرة دولة الإمارات على موانئ وجزر جنوب البلاد ومدنه، عبر ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" ، الذي جعل  الواقع الجنوبي، في وضع  يشبه ما كان عليه من شتات، أيام الاحتلال البريطاني.

 

فعدن وبقية المحافظات الجنوبية، تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي، والفوضى الامنية، وغياب الخدمات الاساسية، وعادت اسماء المناطق كهويات صغيرة تطغى على الهوية الوطنية الجامعة ، وظهرت مكونات عابرة للانتماء الوطني،  تمثل  خطرها على ابناء الشطر الواحد، والمحافظة الواحدة ، قبل ان يكون على اليمن الكبير. 

 

وفي مارس، قادتا السعودية والامارات حربا عسكرية باسم التحالف العربي في اليمن، قالت بانها تهدف الى انهاء الانقلاب الحوثي، الذي سيطر على صنعاء في سبتمبر 2014م، واعادة الشرعية اليمنية، لكن سرعان ما انحرفتا عن تلك الاهداف الحقيقية، الى البحث عن مصالح خاصة بهما، حيث قامتا بإنشاء كيانات موازية للدولة، وعملتا على أضعافها ، ومصادرة قرارها، وتعطيل مصالح الناس وتقييد حياتهم.

 

وذهب بعض المحللون الى أن ما تقوم به الامارات في الجنوب الخاضع لسيطرتها  يعد احتلالا جديد  والأشد سوءا من الاحتلال البريطاني نفسه.

 

فالمحلل السياسي ياسين التميمي يرى أن من الصعوبة عقد المقارنة بين الاحتلال البريطاني للجنوب وبين الهيمنة الذي تمارسه دولتا الامارات والمملكة العربية السعودية.

 

وقال التميمي في سياق حديثه لـ "الموقع بوست" الاحتلال البريطاني جرى في سياق تاريخي مختلف، وقد تحددت مسؤولية البريطانيين تجاه البلد المحتل بوضوح، كان هناك استعمار مباشر في عدن وحماية السلطنات والمشيخات.

 

واوضح التميمي: كانت تتبدى مسؤولية المحتل البريطاني  بشكل واضح، وتمتعت عدن بمكانة متميزة وعاشت عقودا من الازدهار احتلت معه المكانة الاولى على مستوى الجزيرة العربية، لكنها اليوم تعيش وضعاً مزريا وبائسا.

 

ووصف التميمي ما يحدث اليوم في الجنوب من قبل دولتا التحالف ( الامارات السعودية ) بأنه يأتي  محاولة للهيمنة والتوسع،  لكن في سياق من الفوضى والخراب التي تحاول الدولتان من خلالهما تمرير أجنداتهما، والتصرف بعدم مسؤولية، وتوزيع الملف الباهض للفوضى على الاطراف اليمنية وعلى الشعب اليمني.

 

وافقه بذلك المحلل السياسي محمد الغابري الذي بدوره أشار الى أن ما تقوم به الامارات يعد اسوء من مما قام به الاحتلال البريطاني في مناطق الجنوب حينها.

 

وقال: الغابري لـ "الموقع بوست" الإمارات تعد أسوأ من الاحتلال، وفي الوقت نفسه أقل منه خطرا.

 

 وأوضح "الإمارات في الواقع تقوم بعملية تجريف للأرضية التي يمكن أن يبنى عليها انفصال، وسلوكها لا يعقد مسألة الانفصال فحسب، بل يجعلها غير ممكنة، وتلك من المفارقات، متابعا "ممارسات الإمارات غوغائية فوضوية عبثية  أكثر من أي شيء آخر".

 

احتلال جديد

 

عضو المجلس المحلي بمحافظة شبوة "تركي باشيبة" لم يذهب بعيدا في قرأته للمشهد في الجنوب حيث  وصف ممارسات دولتا الامارات والسعودية بانها تأتي مطابقة لممارسات المحتل.

 

وأشار باشيبة  لـ "الموقع بوست" إن الامارات والسعودية تتبع نفس النهج البريطاني فيما يتعلق  بتمزيق الرقعة الجغرافية ونهب الثروات وتطمس الهوية".

 

 وأوضح "ما تمارسه دويلة الإمارات العربية المتحدة بالتحديد  بحق أبناء الجنوب شعباً وإنساناً باحتلالها للجزر، والموانئ اليمنية، وممارساتها القمعية الاستبدادية، ضد ابناء الجنوب، وانشاء الكيانات، وتغذية الصراع البيني في تلك المناطق، لا يختلف كثيراً عنما كان يمارسه الاحتلال البريطاني مع فارق جوهري المتمثل في أن بريطانيا أوجدت خدمات وبنية تحتية فيما دمر الاحتلال الإماراتي كل المقومات الاقتصادية والحضارية والثقافية لشعب الجنوب". 

 

وأضاف باشيبة: ما تعيشه عدن اليوم لم يكن موجودا حتى ايام الاحتلال البريطاني  ففي عهد الاحتلال كانت عدن هي واجهة الصحافة، والحريات المجتمع المدني، والنقابات العمالية، اليوم اختفى كل شيء في المدينة الا من السلاح والقتل والفوضى والثقافة المناطقية والعنصرية ـ حسب وصفه.

 

وعن الواقع الاقتصادي والمعيشي والخدمي يقول باشيبة: عليك أن تتصور ان عدن في القرن 21ترى الناس يحملون الماء على اظهر الحمير وعليك ان تتخيل الخدمات الاخرى، لم يكن هذا الوضع موجود حتى في عهد الاحتلال او في مرحلة الثورة.


التعليقات