على وقع تصعيد الانتقالي.. حضرموت في ظل صراع المشاريع إلى أين؟ (تقرير)
- عبد الجبار الجريري الثلاثاء, 18 أكتوبر, 2022 - 10:07 صباحاً
على وقع تصعيد الانتقالي.. حضرموت في ظل صراع المشاريع إلى أين؟ (تقرير)

[ استياء واسع من أبناء حضرموت بعد رفع صور عيدروس الزبيدي على بوابة قصر الكثيري في سيئون ]

تشهد محافظة حضرموت تصعيدا غير مسبوق من قبل المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا، منذ أن سيطر على محافظة شبوة.

 

حشد الانتقالي المئات من أنصاره في مدينة سيئون في الرابع عشر من أكتوبر الجاري للمطالبة برحيل المنطقة العسكرية الأولى عن وادي حضرموت وإحلال مكانها قوات تابعة للمجلس.

 

وطالب المجلس الانتقالي قوات المنطقة العسكرية الأولى بالخروج من وادي حضرموت، مهددا باستخدام القوة لتحقيق مطلبه.

 

تصعيد الانتقالي يأتي بالتزامن مع تحركات سياسية وقبلية في حضرموت بعضها ينادي بعودة "دولة حضرموت" التي انتهت عام 1967م بعد سيطرة الجبهة القومية على المحافظة وإنهاء ما كان يعرف "بجيش البادية الحضرمي".

 

دوافع التصعيد

 

ويرى المحلل السياسي عمر بن هلابي بأن " ذهاب الانتقالي نحو التصعيد يهدف لفرض نفسه كممثل وحيد للجنوب، لأن المجتمع الدولي والإقليمي طلب من الانتقالي توحيد الفريق الممثل للقضية الجنوبية وهم يعلمون أن لا قضية للجنوب بدون حضرموت".

 

ويقول" للموقع بوست" اطلق الانتقالي مبادرة الحوار الجنوبي وفشل بعد أن طلبت مرجعية الوادي والصحراء، ومؤتمر حضرموت الجامع من فريقهم في الحوار عدم الخروح عن مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع وهو ما أدى لفشل الحوار.

 

ويعتقد بن هلابي أن المجلس الانتقالي" تلقى ضربات موجعة من حشد آل كثير في سيئون، والضربة الثانية من حشد قبائل الحموم في الشحر الذي أكد على حقوق حضرموت".

 

من جانبه يقول الناشط السياسي، والناطق السابق باسم حلف حضرموت صالح مولى الدويلة، في تصريح لـ "الموقع بوست" إن تصعيد المجلس الانتقالي في حضرموت يأتي لأسباب عدة، منها خشيتة من تراجع شعبيته بسبب الوعي الحضرمي، إضافة إلى أنه يريد إيصال رسالة للقوى الخارجية بأنه الرقم الأصعب في حضرموت.

 

ويشير مولى الدويلة إلى أن المجلس الانتقالي يسعى لتكرار سيناريو شبوة في حضرموت والسيطرة بالقوة على المحافظة.

 

في حين يرى مراقبون أن فشل المجلس الانتقالي في التقدم عسكريًا نحو وادي حضرموت هو الذي دفعه للتصعيد السياسي والإعلامي لإرباك المشهد العام.

 

حراك قبلي

 

شهدت مدينة سيئون في السابع من الشهر الجاري مظاهرة حشدة دعا لها تجمع آل كثير القبلي، ورفعت في المظاهرة أعلام الدولة الكثيرية التي انهارت مع سيطرة الجبهة القومية على حضرموت عام 1967 .

 

 وأكد بيان المظاهرة على دعمه وتأييده لمخرجات مؤتمر حضرموت الجامع، ورفض أية مشاريع أخرى أو محاولة ضم حضرموت قسرًا من قبل بعض المكونات في إشارة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا.

 

وترتبط قبيلة آل كثير بالدولة الكثيرية التي تأسست في عام 1379م باسم " السلطنة الكثيرية" وحكمت كامل أراضي حضرموت التاريخية لعقود طويلة حتى سقوطها على يد الجبهة القومية.

 

وفي 15 من الشهر الجاري عقدت قبائل الحموم - حلف قبلي من أكبر المكونات القبلية بحضرموت - اجتماع في مدينة الشحر بساحل حضرموت أكد على التمسك بمخرجات مؤتمر حضرموت الجامع.

 

وطالب بيان الحموم بإخراج المنطقة العسكرية الأولى ولواء بارشيد من حضرموت ودعا لإعادة تصحيح العلاقة مع التحالف، وفتح مطار الريان.

 

ويقول الكاتب والباحث السياسي اليمني متعب بازياد لـ "الموقع بوست" إن الناس تعبر عن مواقفها تجاه الأحداث وبطريقة حضارية في ظل الظروف المضطربة، وضعف وجود الدولة والأزمات والحروب.

 

ويصف بازياد - وهو عضو في حزب التجمع اليمني للإصلاح - الحراك القبلي في حضرموت بأنه "ظاهرة طبيعية ومفهومة في ظل استفزازات خارجية ومجلوبة لحضرموت، أو محاولات القفز على إرادة الناس وفرض خيارات بالعنف والسلاح المنفلت".

 

وفي نفس السياق اعتبر صالح مولى الدويلة "اجتماع الحموم وقبله آل كثير، نقطة فارقة في تاريخ حضرموت، حيث أعطى زخم توعوي وصحوة في المجتمع الحضرمي عن حقوقهم التاريخية والحقوقية".

 

وتابع"الاجتماعات القبلية ترسل رسالة للمجتمع المحلي والإقليمي والدولي، بأن أبناء حضرموت يرفضون أي تبعية مهما كان نوعها وشكلها، ويطالبون باستقلالية في أي استحقاق سياسي قادم".

 

من جهته، قال عمر بن هلابي بأن "اجتماع الحموم وجه الصفعة القوية التي أخرجت الانتقالي عن توازنه، من خلال البيان الذي أفرغ مظاهرة الانتقالي في سيئون من مضمونها، وطالب بإخراج المنطقة الأولى ولواء بارشيد".

 

مستقبل حضرموت السياسي

 

في ظل التجاذبات السياسية التي تشهدها حضرموت، برزت إلى السطح في الآونة الأخيرة دعوات تنادي "بدولة حضرموت" بعيداً عن الجنوب، وترفع علم الدولة الكثيرية التاريخية، وهو ما آثار حفيظة المجلس الانتقالي الذي رأى في هذه الدعوات إفشال لمشروعه المتمثل في قيام دولة جنوبية تضم كل المحافظات الجنوبية بما فيها حضرموت.

 

المنادون بدولة حضرموت يقولون إن المحافظة تعرضت للظلم والتهميش والإقصاء من قبل كل الأطراف منذ انهيار الدولة الكثيرية.

 

ويقول متعب بازياد إن حضرموت قد حددت خيارها منذ إعلان وثيقة (حضرموت الرؤية والمسار) منتصف 201‪1م، ومرورا بإعلان إقليم المحافظات الشرقية أثناء أعمال مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء 201‪3م، وتتويجا بوثيقة ومخرجات مؤتمر حضرموت الجامع إبريل 201‪7م.

 

ويشير إلى أن كل تلك الوثائق السياسية والمؤتمرات أكدت على مطالب أبناء حضرموت في إقليم فيدرالي بسلطات حقيقية، وشراكة ندية في القرار على مستوى الدولة، وحرية اقتصادية تضمن هيمنة على الموارد  والمقدرات الذاتية، وتضمن ازدهارا وتنمية واستثمار يليق بحضرموت ويناسب مكنون ثروتها وكفاءة كوادرها.

 

ويضيف بازياد "هذا المشروع محل إجماع حضرمي عابر للأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية والفعاليات المدنية والنقابية، وهذا المطلب الأساسي في الجانب السياسي، تعززه مكاسب حضرموت الأمنية والعسكرية والاقتصادية خلال الفترة الماضية".

 

بينما يرى الناشط السياسي سالم النهدي أن "حضرموت قالت كلمتها في الكثير من المواقف، إما إقليم في إطار يمن اتحادي، أو دولة مستقلة بذاتها إذا كانت التسوية السياسية القادمة دولة في الجنوب ودولة في الشمال".

 

ويقول النهدي لـ "الموقع بوست" نحن مع دعوات حضرمية تعيد لحضرموت حقوقها، لكن إذا استمر الحضارم في حالة الانتظار سيبكون ألما ولن يلتفت إليهم أحد بعد ذلك".

 

وتطالب العديد من المكونات الحضرمية السياسية والقبلية وفي مقدمتها مرجعية الوادي والصحراء، ومؤتمر حضرموت الجامع، وقبائل آل كثير، وقبائل الحموم، بالتمسك بمخرجات مؤتمر حضرموت الجامع التي أصدرها في اجتماعه في إبريل 201‪7م.

 

ونصت تلك المخرجات على التمسك بإقامة إقليم حضرموت بكامل الصلاحيات في أي تسوية سياسية قادمة.

 

وتمثيل حضرموت في الحكومات الاتحادية، والمجالس والهيئات الاتحادية، والمجلس البرلماني بما يتوافق مع مساحتها الجغرافية، وتعدادها السكاني، وإسهامها في الميزانية الاتحادية.

 

وأن يكون لإقليم حضرموت برلمان مستقل له كامل الحق في التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات والعقود في مجال الأسماك والاستكشافات النفطية والمعدنية والغازية وعقود الاستثمار داخل حضرموت.


التعليقات