المطالبة بإقليم حضرموت.. رفضا لوصاية الانتقالي أم حفاظاً على وحدة اليمن؟ (تقرير)
- فارس محمد الاربعاء, 16 نوفمبر, 2022 - 07:07 مساءً
المطالبة بإقليم حضرموت.. رفضا لوصاية الانتقالي أم حفاظاً على وحدة اليمن؟ (تقرير)

[ مطالبات باستعادة دولة حضرموت ]

يوم بعد أخر، تتصاعد فيه اصوات أبناء محافظة حضرموت, ومعها بقية المحافظات الشرقية، والمستقرة في اليمن، بالتزامن مع توسع المجلس الانتقالي من تصعيداته مؤخرا، في مديريات الوادي والصحراء، في إطار مساعيه لطرد قوات المنطقة العسكرية الاولى، وتهديداته باللجوء الى الخيار العسكري؛ لتنفيذ مطالبه، وهو ما اثار غضب الشارع في تلك المحافظات ، الذي قال ان هذه المساعي ، ترمي الى إعادة الحاق المحافظة، بمشاريع ماضوية، وضعتها في الهامش، واكدوا تأييدهم لما اجمعت عليه المراجع القبلية، كونها تدعوا الى حصول المحافظة على حقوقها، وسيادتها الكاملة.

 

 تهديدات المجلس الانتقالي، وانفراده بالقرار، وتبعيته المفرطة  لإرادة خارجية، وسوء ادارته للمدن التي يسيطر عليها بقوة السلاح، استدعى أبناء وقيادات حضرموت الخروج  للمطالبة  بتمكين أبناء المحافظة من إدارتها شؤونها، عسكريا ، وأمنيا ،وماليا، والمحافظة على مدينتهم من الاخطار المحدقة،  مؤكدين أن حضرموت اليوم عصية على الاقصاء، والتهميش، وعلى التبعية، والضم ، والإلحاق، او ان تكون تابعا لأي مركز من مراكز القوى القائمة اليوم، في البلاد شمالا وجنوبا .

 

وخلال الأشهر الماضية، خاض الانتقالي عدد من الحوارات والمفاوضات، مع قيادات حضرموت، في جمهورية مصر العربية؛ للمطالبة بالسماح للانتقالي بدخول المحافظة وإدارتها، إلا ان تلك المفاوضات أنتهت بالرفض من قبل قيادات المحافظة،  التي أكدت موقفها، على أن لن يحكمها ألا ابنائها، ولن تكون جزء من مشروع ، لا يمثل ارادة الحقيقية.

 

وأجمع عدد من المحللون، والمتابعون للأوضاع جنوب اليمن، أجرى الموقع بوست لقاء معهم، أن الإمارات تعمل بالتنسيق مع الرياض، على إسقاط محافظتي حضرموت والمهرة،  بيد ميليشياتها، ضمن مخطط إعادة التموضع للدولتين ،من أجل الهيمنة على المناطق الجنوبية الغنية بالنفط، والجزر، والسواحل ،عن طريق إفراغ كل أشكال الدولة هناك بطريقة مليشاوية يسهل السيطرة عليها، ومن ثم التحكم بها وتوظيفها في مشروعها التوسعي؛ لاستثمار الموانئ ، والجزر اليمنية لصالحها ـ حسب وصفهم.

 

المجلس الانتقالي فيما يبدو، بدأ مؤخرا بتنفيذ هذا المخطط ،عبر المطالبة بإخراج القوات الحكومية من وادي حضرموت، التي تصفها بالقوات الشمالية، وتدشين معسكرات تدريب لقواتها، وطرح قضايا تتصادم مع المهمة الأساسية للمجلس الرئاسي ، وهو تحقيق الوفاق في معسكر الشرعية .

 

تصادم مشروعين

 

عضو مجلس الشورى اليمني، والقيادي في حضرموت "صلاح باتيس" وصف ما يدور في حضرموت من غليان متصاعد، بأنه نتيجة  لتصادم مشروعين:  مشروع قديم بأدوات جديدة  يقوم  هذا المشروع على التبعية، والالحاق، والاقصاء، والتهميش، على غرار مشاريع  مراكز القوى في شمال اليمن وجنوبه (الحوثي والانتقالي)، وما تنتهجه من ممارسات مناطقية، وجهوية وعنصرية، ومشروع أخر، هو مشروع  أبناء حضرموت، الذي يقوم على المطالبة بالعدالة، والشراكة الحقيقية، التي  تلبي طموحات وحاجات ابناء المحافظة والمحافظات اليمنية الاخرى ـ  حسب  تعبيره.

 

وأضاف باتيس في مقابلة تلفزيونية: بلا شك أن مطالبنا ستواجه بقوة، من قبل أطراف ترى في تلك المطالبات، خطر على مشروعها المناطقي، والجهوي سواء كانت تلك الاطراف محلية أو اقليمية، خصوصا الذي يراهنون على انفصال الجنوب عن الشمال، حيث ستقف مطالب ابناء حضرموت حجر عثرة امام تحقيق مطلبهم؛ لأن من يطالبون بالانفصال، يراهنون على حضرموت، أنها ستكون من نصيبهم، او تابع لهم، إنما إذا فقدوا الأمل في أن حضرموت لن تكون لهم، أعتقد أنهم  سيتخلون عن هذه الفكرة  وهذا المطلب، وسيستجيبون للعقل والمنطق.

 

الباحث والمحلل السياسي ياسين التميمي بدوره، وصف ما تتعرض له حضرموت، بأنها موجة استقطابات حادة، نتيجة النشاط المدعوم بقوة من الإمارات، والذي يتصدره المجلس الانتقالي، ويركز بشكل خاص، على موضوع اخراج القوات الحكومية من وادي حضرموت، التي توصف بأنها شمالية؛ للتفرد بالمحافظة والعبث بأمنها، وجعلها خاضعة لمشاريعه.

 

واستطرد التميمي في حديثه لـ "الموقع بوست" لكن هناك معارضة من الوزن الثقيل، لقيادات حضرمية، على علاقة وثيقة مع الرياض، تواجه مخطط الانتقالي؛ للسيطرة على وادي حضرموت، في خضم الادعاءات بضرورة استقلال الجنوب.

 

وافقه في ذلك الباحث الصحفي فهد سلطان بالقول لـ "الموقع بوست" حضرموت محافظة مهمة، واستراتيجية، لليمن ككل، وسيطرة الانتقالي عليها، سوف يصبح الانفصال بعده تحصيل حاصل، لكن هذه الرغبة التي هي للإمارات، تصطدم برغبات أخرى مغايرة، رغبة المواطنين في حضرموت وهم الأغلبية، ورغبة السعودية التي ترى أن هذه المحافظة، ضمن نفوذها الخاص منذ عقود.

 

مأزق الانتقالي

 

وأشار التميمي: من المؤكد أن المجلس الانتقالي، يواجه مأزق على هذا الصعيد، وقد بدأ بتصدير ازمة مجلس القيادة الرئاسي، وطرح القضايا تتصادم مع المهمة الأساسية لهذا المجلس، وهو تحقيق الوفاق في معسكر الشرعية، وأعتقد أن هناك علاقة بين اخفاق المجلس الانتقالي في الوصول الى اهدافه في حضرموت، وغياب رئيسه حتى اليوم في ابو ظبي، مما يرشح ازمة الهوية في حضرموت؛ للمزيد من التصعيد، والتعطيل لمشروع الانفصال لجنوب اليمن.

 

وأضاف: يبدو أن الحراك الحضرمي أعاق مخططات الانتقالي، في الاتجاه شرقا للمطالبة بالانفصال، كون الحراك الحضرمي، يتأسس على خيارين اساسيين، اما إقليم ضمن دولة يمنية اتحادية، او دولة حضرمية مستقلة، وفي كلا الحالتين لم يعد لمطلب الانفصال أي مصلحة، بل على العكس، حيث سيرى الانتقالي في الوحدة ضرورة للحفاظ على كيانه وثقله ـ حسب تعبيره.

 

وافقه في ذلك فهد سلطان بالقول: حضرموت لا تقول أنها إقليم منفصل، ولكن تقول نحن مع الاقاليم، وإذا كان هناك تشطير، فنحن الشطر الثالث، يعني أنها لا تقبل إلا بدولة موحدة، أو دولة من ثلاثة أقاليم، وهنا الموقف المحرج للانتقالي وللتحالف.

 

شريك لا تابع

 

يقول القيادي الحضرمي صلاح  باتيس إن هناك مراكز قوى، تحاول أن تجعل من حضرموت، والمحافظات الشرقية، تابع لها، ولمشروعها الصغير ،وتمارس سياسة الضم والالحاق، ونحن نقول اننا شريك، وجزء من اليمن الكبير، ولسنا  تابع لأي مركز نفوذ، ولدينا تجربة مريرة مع هذه الساسة، ولن نكون بعد اليوم الا شريك حقيقي، في دولة اتحادية في ظل الجمهورية اليمنية، وفي حال فرض الانفصال بين الجنوب والشمال، سنكون دولة مستقلة، لا تتبع الجنوب ولا الشمال.

 

وأضاف باتيس: هذا الصوت ليس من اليوم، بل جاء قبل أن يكون هناك انتقالي، أو حوثي، وإنما ظهر للعلن عندما راينا أن هناك محاولة لاختزال المشهد اليمني في الشمال والجنوب، وفي مركزي نفوذ في شمال وجنوب اليمن والاستحواذ على كل اليمن، من خلال هاذين المركزين،  قلنا نحن في المحافظات الشرقية، نحن أقليم شرقي لا شمالي ولا جنوبي.  

 

وأوضح باتيس: أبناء حضرموت ومعها أبناء المحافظات الشرقية، قالوا كلمتهم: "لا يمكن أبدا ان نكون بعد اليوم تابعين لاحد" فاذا وجدت الدولة اليمنية، سنكون شركاء فيها، اما اذا اريد لنا ان نكون تبع، او العودة مرة اخرى الى حضن الطاعة، فسنقولها بصراحة، شبت حضرموت عن الطوق، ولن تخضع مرة اخرى لأي مركز نفوذ، ولن يستطيع أي طرف، سواء محلي او اقليمي، تطويعنا أو استغلالنا.

 

وتابع: نحن اكبر من الشمال والجنوب، وايضا شركاء مع الشمال والجنوب في دولة اسمها الجمهورية اليمنية.

 

فهد سلطان عبر عن  ممارسات  الانتقالي ومن خلفه الامارات  في حضرموت بالقول: الانتقالي  يتعامل بخفة مع  أبناء حضرموت والقضية الجنوبية ويمارس سياسة الاقصاء والتهمش لإرادة وقرار الاخر ويناهض إي صوت معارض لمشروعه وسلوكه.

 

وأضاف: الانتقالي هو ذيل وتابع للإمارات وحضرموت لا تقبل هذا الدور أو يمكن أن تسلم رقبتها للانتقالي ويكرر نفس تجربة عدن. وبالتالي لا يزال المشوار طويل أمام الانتقالي، رغم أن الإمارات من سنوات حاولت أن تروض بعض الشخصيات في حضرموت إلا أنها ستفشل في النهاية.

 

وفي مارس 2011م عقد اجتماعا في المكلا  عاصمة حضرموت ضم أبناء وقادات حضرموت، فيهم القبائل والعشائر، والاحزاب السياسية، وفصائل  الحراك الجنوبي ، بلا استثناء، واصدروا مذكرة وبيان سموه بـ "وثيقة حضرموت الروية والمسار" قالوا فيها: ان حضرموت في عقد الشراكة القادم، سيكون اقليم مستقل، لا يتبع أي اقليم اخر، ولا يخضع لأي مركز نفوذ، وفي مؤتمر الحوار الوطني  الذي انطلق  في  18من مارس 2012م، طالبت قيادات حضرموت، ومعها  كل قيادات شبوة والمهرة، وسقطرى، بإقليم مستقل بالمحافظات الشرقية لليمن، وتم الاعلان عن الاقليم الشرقي لليمن  وسمى بـ "إقليم حضرموت"، ووقعت عليه جميع المكونات والقيادات والاطراف المختلفة المشاركة في الحوار. 

 

إدارة خاطئة

 

يقول باتيس رغم أن  المحافظات الشرقية تمثل 64% من مساحة اليمن ( شبوة ـ حضرموت ـ المهرة ـ سقطرى) ،و 80% من الثروة، ولها 7 مطارات، و5 موانئ استراتيجية، و 3 منافذ دولية، و 80% من موارد الدولة  والتي تكفي لبناء اليمن، وعشر دول اخرى، ومع ذلك  وضع المجتمع الشرقي  مأساوي، فمنظومة الخدمات هذه المحافظات تكاد تكون معدومة ، وشبة منهارة ورواتب معدومة وجرحى بلا علاج.

 

وأضاف: هناك ادارة خاطئة لهذه المرحلة،  نحن في حضرموت و شبوة او المهرة ، مناطق النفط والغاز،  ثم يذهب هذا النفط  ولا ندري اين عوائده، وليس هناك وضوح في مصروفات الدولة، ولا مواردها ولا ترشيد لنفقاتها لذا يجب ان تعطي الشراكة حقها  في ادارة  المرحلة في إدارة السلطة والثروة ولا يجب ان يتوغل على هذه الشرعية لا حزب سياسي ولا جماعة

 

 واوضح  باتيس: الحوثي استثمر فساد موجود لدى الشرعية وستثمر تسريب اموال وعدم وضوح في موارد الدولة واستثمارها وأراد أن يظهر للعالم ولليمنيين بشكل خاص انني حامي حمى موارد اليمن  وهو هناك في مناطق سيطرته يسرق وبنهب الدولة والمواطنين  دون أي حياء.

 

وتابع: المحافظات الشرقية هي الاكثر ثروة والاكثر مساحة اهمية بموقعها الاستراتيجي لليمن اذا اعطيت حقها فلن يبقى هناك داعي لتقسيم اليمن لأنه لا يكون هناك داعي لا تكون هناك دولة في الجنوب ودولة في الشمال 

 

غياب الموقف الرسمي

 

في الوقت الذي تشهد فيه محافظة حضرموت بكل ثقلها ومقدراتها غليانا؛ نتيجة العبث الذي يهددها من قبل الإمارات ،وميلشياتها، بضوء أخضر من السعودية، وما تلحقه من عبث غير مسبوق بالمحافظات الشرقية ،التي تمثل الشريان الرئيسي لاقتصاد البلاد، تلتزم فيه الشرعية الصمت المريب إزاء كل تلك التحركات.

 

وفي مستهل حديثه لـ "الموقع بوست" عبر التميمي عن موقف الحكومة اليمنية عما يدور في حضرموت، والمحافظات الشرقية، بالقول: إن الحكومة اليمنية أريدَ لها أن تقوم بدور خارج إطار الشرعية، والإرادة الوطنية، ولم يترك للشرعية أي خيار، فإرادة الشرعية تمت مصادرتها بالكامل، ولم يكن لتلك الإرادة ان تصادر، لو كان هناك قيادة حقيقية.

 

وأضاف التميمي إنها مسلوبة القرار وتحولت إلى أداة لتنفيذ مخططات استعمارية، لافتا إلى أنه في حال استمر هذا الصمت من قبل الجهات الرسمية فاتوقع بأن  أبناء حضرموت أو غيرها سيتخذون مواقفهم بعيدا عن دور أو موقف الشرعية، واصفا ما يدور في حضرموت وبقية المحافظات الشرقية بالمؤامرة على الدولة ومؤسساتها الرسمية من قبل الامارات والسعودية.


التعليقات