ماذا يعني الانفصال في اليمن ؟
- كمال صالح - خاص الجمعة, 20 مايو, 2016 - 07:57 مساءً
ماذا يعني الانفصال في اليمن ؟

عادت القضية الجنوبية، مؤخرا إلى الواجهة، بعد عام ونيف من انطلاق العملية العسكرية التي نفذها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لدعم الشرعية في اليمن، والتي حملت في مرحلتها الأولى اسم "عاصفة الحزم".
 
ولقد نجح التحالف العربي، والجيش الوطني ومجاميع المقاومة الشعبية، خلال العام المنصرم، في تحرير المحافظات الجنوبية من مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح الانقلابية، ومؤخرا بدأ بعملية واسعة لتطهيرها من عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي.
 
وبينما لا تزال عمليات التحالف العربي، مستمرة ضد مليشيا الحوثي وقوات المخلوع، في محافظات الوسط والغرب والشرق والشمال، لإسقاط الانقلاب، وإعادة الشرعية إلى البلاد، بدأت بعض الأصوات الجنوبية، تتعالى مطالبة بإعلان فك ارتباط جنوب اليمن عن شماله، في محاولة واضحة لاستثمار الوضع الحالي، وتوظيف الإمكانات العسكرية والمادية، والدعم السخي الذي تقدمه دول التحالف للمحافظات المحررة، لخدمة مشروع التشطير.
 
مقدمات سيئة
 
من الملاحظات التي ربما تؤخذ على التحالف العربي، والحكومة الشرعية، أنهما لم يخططا جيدا لمرحلة ما بعد التحرير في المحافظات الجنوبية، وخصوصا عدن، هذا على افتراض حسن النية، ونفي فرضية وجود رغبة لدى بعض الأطراف المنخرطة في التحالف، بتشكيل واقع جديد في اليمن، قد يكون استقلال الجنوب أحد أشكاله.
 
فبعد تحرير المحافظات الجنوبية، وعلى وجه الخصوص عدن، تم الدفع بقيادات معروفة بنزعتها الانفصالية، لقيادة تلك المحافظات، وخصوصا عدن، ومع الإمكانات التي تم توفيرها، خصوصا في الجانب العسكري والأمني، فقد استغلت تلك القيادات ذلك، للبدء فعليا، بخطوات تصب جميعها في بوتقة التشطير.
 
وقبل أيام معدودة، بدأت السلطات المحلية، بعدن، بحملة أمنية، زعمت أنها لحفظ الأمن والاستقرار في المحافظة، إلا أنها كانت موجهة نحو أبناء المحافظات الشمالية المتواجدين فيها، بحسب مصادر وشهود عيان لـ(الموقع بوست).
 
حيث قامت السلطات بترحيل المئات وربما الآلاف من أبناء المحافظات الشمالية من عدن، بحجة عدم امتلاكهم أوراق إثبات هوية، وهي الحجة التي دحضها معظم من تم ترحيلهم، بنشر صور وإثباتات على أن معظم، إن لم يكن جميع، من تم ترحيلهم، يمتلكون هويات، بل إن من بين من تم مضايقتهم وترحيلهم، أكاديميين وشخصيات معروفة، الأمر الذي كشف حقيقة هذا التوجه، والهدف منه.
 
إعلان فك الارتباط
 
أمس الأول، خرجت قيادات جنوبية، محسوبة على فصيل الحراك المسلح، لتؤكد أنه سيتم يوم غدٍ السبت، 21 مايو إعلان فك الارتباط، وهي ذكرى إعلان الرئيس السابق، علي سالم البيض، فك الارتباط في عام 1994.
 
(الموقع بوست)، رَصَد أراء محللين وكتاب عرب، حول هذا الموضوع، حيث حذروا من مثل هذا التوجه، مشيرين إلى أنه يمثل نكسة للتحالف العربي بقيادة المملكة في اليمن.
 
الانفصال إلغاء لشرعية التحالف
 
وفي هذا السياق، قال الإعلامي السعودي المعروف، جمال خاشقجي، إن تشجيع الجنوب نحو إعلان الانفصال الآن، سيلغي كل شرعية للتحالف الذي تقوده المملكة ضد الإنقلاب في اليمن.
 
وأشار خاشقجي في تغريدة له على حسابه بموقع "تويتر"، إلى أن هذا سيؤدي إلى انتصار الإنقلابيين في اليمن بحكم الواقع.
 
انتصار مشروع إيران
 
بدوره، حذر المفكر الكويتي، الدكتور عبد الله النفيسي، من التحركات الجارية في الجنوب، مشيرا إلى أن "محاربة شباب المقاومة في الجنوب، يصب في مصلحة المشروع الإيراني وأدواته في اليمن".
 
وقال النفيسي، مغردا على "تويتر" :"اليمن بشماله وجنوبه عمق استراتيجي وأمن قومي للخليج عامة، وللمملكة خاصة"، مشددا على ضرورة حسم المعركة بما يضمن عودة الشرعية إلى صنعاء، لهزيمة المشروع الإيراني في اليمن.
 
انتهاء شرعية الدولة والتحالف
 
بدوره قال المحلل السياسي الكويتي، سامي الرميحي، إن إعلان انفصال جنوب اليمن عن شماله، يعني انتهاء عمليات التحالف العربي العسكرية، في اليمن، وفشلها في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216.
 
كما أوضح الرميحي، في مقال مُتداول في وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، أن اعلان الانفصال يعني انتهاء الدولة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي، وكذا شرعية حكومته، ومن ثم انتهاء المشاورات السياسية الجارية في الكويت.
 
ولفت إلى أن ذلك، يخدم بالدرجة الأولى، تحالف الحوثي وصالح، كما أنه سيخلق حالة من عدم الاستقرار، والحروب المستمرة في كل المناطق اليمنية.
 
وقال الرميحي، إن إعلان الانفصال سيكون بداية انهيار دول التحالف بقيادة السعودية، ما يعني تغيير الخارطة السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي، وسيطرة إيران على المنطقة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا.
 
وأشار إلى أنه يعني انتهاء مفعول كل قرارات مجلس الامن المتعلقة بالعقوبات على زعماء الانقلاب، ما يعني منحهم فرصة العودة إلى المشهد السياسي مرة أخرى.
الحبيل: الحديث عن الانفصال يعني تقدم كبير للمشروع الإيراني في اليمن
 
بدوره قال الكاتب والباحث الإسلامي والمحلل السياسي مهنا الحبيل (مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي بإسطنبول)، إن الحوثيين قدموا عرضا بالقبول باليمن الجنوبي، من وقت مبكرا، مشيرا إلى أن الحديث عن الانفصال في هذا التوقيت الخطير، يعني "سحب الجغرافيا السياسية، من الرئاسة الشرعية، وكذا التضييق على مكانتها المعنوية، وهو ما يُحقق قفزة تقدم كبيرة للمشروع الإيراني، بدعم إقليمي عربي وأيدٍ جنوبية".
 
وحذر الحبيل، في مقال له في صحيفة الوطن، حمل عنوان " انفصال الجنوب ومصير اليمن الشرعي"، من مغبة السماح بحدوث انفصال في اليمن، مشيرا إلى أن الرهان على مشروع جنّة عدن، في الجنوب، لن يتحقق بعد طرد الشماليين العنصري، ولكنه سيُعزز خلق بوابة جحيم فيه، من داخلة ومن الحوثي شمالا، الذي سيستفيد من صراع قد ينفجر في أي حين، بين شركاء الانفصال، وخريطة علي صالح القوية في الجنوب، بماله ومخابراته، حسب قوله.
 
وتتجه الأنظار يوم غدٍ السبت، 21 مايو، إلى عدن، بعد تصريحات قيادات جنوبية، حول نيتها إعلان فك الارتباط خلال الفعاليات التي ستنظمها، في الوقت الذي تحدثت وسائل إعلام إماراتية عن مفاجئات ستشهدها عدن، خلال الذكرى الأولى للوحدة اليمنية، 22 مايو، وكذا خلال الفترة اللاحقة، الأمر الذي جعل الترقب المشوب بالمخاوف هو المسيطر على الأوساط السياسية والشعبية في البلاد.

خاص - الموقع بوست


التعليقات