قوات درع الوطن.. مسمى جديد لمهمة غامضة.. ما طبيعتها ودلالات تشكيلها؟ (تقرير)
- خاص الإثنين, 30 يناير, 2023 - 08:46 مساءً
قوات درع الوطن.. مسمى جديد لمهمة غامضة.. ما طبيعتها ودلالات تشكيلها؟ (تقرير)

[ رئيس مجلس القيادة الرئاسي مع أعضاء المجلس - وكالات ]

أثار قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، مساء الأحد، بتشكيل قوات عسكرية جديدة بمسمى "درع الوطن"، وتعيين العميد السلفي بشير سيف الصبيحي قائدا لها، جدلا واسعا في اليمن.

 

وخص العليمي هذه القوات بأن تكون قوات احتياط للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وحصر مسؤولية تحديد قوامها ومهامها ومسرح عملياتها بالقائد الأعلى للقوات المسلحة دون غيره، وهو ما فسره البعض بأنها تندرج ضمن قوات الحماية الرئاسية أو بديلا لها.

 

وقبل عام ظهرت تشكيلات عسكرية تحمل اسم "قوات اليمن السعيد" وأنشئت بدعم سعودي قبل أن يتغير اسمها لاحقاً إلى قوات درع الوطن؛ وتسلمت أجزاء من قاعدة العند الجوية قبل أكثر من شهر من قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا.

 

ولا يعلم على وجه الدقة عن أهداف هذه القوات، إلا أن محللين عسكريين يرون قرار انشائها في الوقت الراهن غير قانوني وفيه مخالفة لدستور عام 1991، وتعديلاته لعام 2001 وآليات ذلك، فضلا عن أحكام قانون الخدمة في القوات المسلحة رقم 67 لعام 1991.

 

تغيير اسمها من العمالقة الجديدة إلى درع الوطن، ربما يكشف أنها تهدف إلى تأمين المقرات الحكومية بقوات جديدة محايدة، لمنع أي توترات أو احتقانات بين القوى الأخرى المنضوية في المعسكر  الانتقالي الممول إماراتيا.

 

وفي السياق كشفت مصادر عسكرية مطلعة لـ"الموقع بوست" أن قوات "درع الوطن" تتبع السعودية ولا تتبع الجيش اليمني ماليا وتسليحا، وانشأت بموافقة المملكة والمجلس الرئاسي.

 

وأفادت بأن اجتماعا عقد في الرياض قبل أيام بين الجانب السعودي ورشاد العليمي بشأن تلك القوات، وطلب الأخير من الرياض ضم تلك القوات إلى الجيش اليمني لكن السعوديين رفضوا أن تدرج ضمن قوات الجيش.

 

ماهي قوات درع الوطن؟

 

قوات درع الوطن أنشئت حديثا - العام الماضي 2022-  كقوة موازية لقوات العمالقة المعروفة، كتشكيل عسكري يحمل أسم قوات العمالقة الجديدة، وقوبلت هذه التسمية حينها باعتراض من قبل العمالقة وجهات عسكرية أخرى وتم تغيير التسمية في سبتمبر الماضي الى (قوات درع الوطن).

 

تلقت هذه القوات دعما عسكريا خلال الفترة الماضية من التحالف العربي، من السعودية تحديدا، وكان آخر دعم وصل لهذه القوات الاثنين الماضي، وكان عبارة عن نحو 110 مركبة عسكرية حديثة.

 

تضم قوات درع الوطن وحدات عسكرية بمسميات مختلفة منها (الفرقة الاولى) ومسميات لــ7  ألوية عسكرية، وتنتشر هذه الوحدات في مناطق عدة منها في محافظات عدن ولحج والضالع.

 

من بين مهام قوات "درع الوطن" تأمين محافظة عدن وقصر المعاشيق وتخضع حاليا للتدريب في معسكر بمدينة البريقة غرب عدن.

 

يقود بشير هذه القوات من قبل صدور قرار رئيس المجلس الرئاسي بتعيينه رسميا في المنصب.

 

وحسب تصريحات سابقة للعميد السلفي فإن قوات درع الوطن وجدت للدفاع عن ما سماه الدين والوطن والاعراض، والتصدي للمشروع الفارسي الذي يستهدف كيان الأمة.

 

من هو العميد بشير سيف الصبيحي؟

 

العميد بشير سيف (في منتصف الأربعينات من عمره)، ولا توجد صور كثيرة متداولة له، وهو أحد قيادات الجماعة السلفية في اليمن، وينحدر من مديريات الصبيحة رأس العارة في محافظة لحج جنوبي البلاد.

 

وسيف داعية ديني التحق بالجماعة السلفية منذ وقت مبكر من عمره، وكان أحد الطلاب الذين التحقوا بمدارس الشيوخ السلفيين في مناطق كتاف ودماج في محافظة صعدة، وشارك في معركة الدفاع عن عدن ولحج والضالع ضد جماعة الحوثي.

 

غاب سيف بعد ذلك عن المشهد كليا، وتردد حينها بأنه غادر البلاد، حيث ظل في الخارج لعدة سنوات، قبل أن يعود للواجهة مجددا عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، كقائد لقوات درع الوطن.

 

وحظي قرار مجلس القيادة الرئاسي بإنشاء تلك القوات بالكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام بين الأوساط السياسية والعسكرية، وما مدى قانونيتها، كونها مدعومة وتتبع السعودية.

 

وقال رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير حمود عزيز إن تلك قوات درع الوطن جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة بموجب قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة وفق المرجعيات وإعلان نقل السلطة.


 

 

وبحسب بن عزيز فإن تلك القوات ستكون رافد قوي في معركتنا المقدسة ضد تنظيم جماعة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران.

 

تمزيق وملشنة الجيش

 

الخبير العسكري علي الذهب يرى أن تشكيل تلك القوات التابعة للسعودية غير قانونية ومخالفة للدستور اليمني، وقال إن "كل تشكيل مسلح يعمل خارج هياكل وزارة الدفاع، ويتلقى الرواتب والتعليمات من جهات خارجية، لا يعد من القوات المسلحة اليمنية، حتى وإن صدر بشأنه قرار رئاسي".

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول الذهب "إنشاء القوات تستدعيه المواقف الناشئة، عسكريا وأمنيا، فيما الوضع الراهن يعج بالجنود والضباط، وكان بالإمكان اختيار الاحتياطي الاستراتيجي من بين أكفأ الوحدات القائمة، لا تلك التي تعمل من أجل أجندات خارجية تستهدف وحدة وسيادة البلاد وسلامة أراضيها".

 

وأضاف "لا يكفي أن يصدر بهذه التشكيلات قرار رئاسي، فهو آخر خطوة، وقد بين دستور عام 1991، وتعديلاته لعام 2001 آليات ذلك، فضلا عن أحكام قانون الخدمة في القوات المسلحة رقم 67 لعام 1991"، مؤكدا أن مجلس الدفاع الوطني هو المعني الوحيد بإصدار القرار، بعد موافقة البرلمان.

 

وأكد الذهب أن هذا عبث لا يمكن السكوت عليه، وقال "لدينا أربعة صنوف للقوات المسلحة، وهي: برية، وبحرية ودفاع ساحلي، وجوية ودفاع جوي، وحرس حدود، وهناك وضع للاحتياطي الاستراتيجي".

 

ويرى أن توصيف "احتياطي استراتيجي" لتشكيل مسلح، يفتقر لمعايير الاحترافية والمهنية؛ إمعان في جعل المؤسسة العسكرية، لفيفا من الميليشيات المختلفة الهوية، الباعثة للعنف في المستقبل، فضلا عن الوضع الراهن.

 

ووفق للخبير العسكري  فإن "الاحتياطي الاستراتيجي"  ينتخب من أدق وأقوى نظام، لا من ميلشيات لم يبلغ عمرها سنة.

 

تفخيخ اليمن

 

الكاتب مصطفى احمد نعمان، حمل رشاد العليمي مسؤولية العبث الحاصل من إنشاء تلك القوات، ويرى ذلك تشريعا لمزيد من التمزيق والملشنة.

 

وقال نعمان "الرئيس وحده سيتحمل مسؤولية وتبعات كل القرارات التي يوقعها حتى وإن قيل إنها مفروضة عليه، المؤسف انها بدون هدف واضح ولا رؤية سياسية شاملة وحتما لن تحقق غايات وطنية"، حد قوله.


 

 

وأكد أن ما يحدث هو تفخيخ للبلد في كل الاتجاهات وعلى كل المستويات بينما "المجلس" والرئيس يعملون بمنطق (يومنا عيدنا).

 

 

الكاتب الصحفي أحمد الشلفي بدوره تساءل بالقول: هل كانت الحكومة اليمنية بحاجة إلى إنشاء قوات جديدة تحت مسمى درع الوطن، أم أنها الحاجة كانت للملمة شتات الجيش اليمني التابع لها وتمويله وتأهيله؟

 

وأضاف: هل ستتحول هذه القوات إلى مليشيا جديدة خارج سيطرة الحكومة نفسها مثل كل القوات الأخرى التي تتبع إسميا الحكومة لكن قرارها بيد آخرين؟!


 

 

في حين علق الكاتب الصحفي علي الفقيه بالقول: إذا فشلت في مهمة توحيد التشكيلات المسلحة وإعادة دمجها في إطار المؤسسة العسكرية والأمنية الرسمية، فما عليك سوى أن تنشئ فصيلاً جديداً.


 

 


التعليقات