"أفراح".. نازحة في مأرب اقتحمت سوق العمل لإعالة أسرتها (تقرير)
- محمد حفيظ الإثنين, 12 يونيو, 2023 - 04:59 مساءً

[ افراح نازحة في مأرب اقتحمت العمل لتعول أسرتها ]

فقدت معيلها بفعل الحرب وبعد معاناة كبيرة في توفير لقمة العيش لها وأطفالها حصلت افراح احمد (25 عام) على مكينة خياطة من أحد المنظمات المحلية لداعمة للنساء المتأثرات من الحرب في اليمن لتعمل من خلالها على خياطة ملابس نسائية بمقابل مادي رمزي.

 

أفراح وهي نازحة من محافظة الحديدة إلى محافظة مأرب قبل سبع سنوات تعمل على كسب مال بسيط لتوفير الغذاء لأطفالها في حديثها لـ "الموقع بوست" وهي على مقعد خشبي وتتربع أمامها مكينة خياطة متوسطة الحجم تقول "أصبحت قادرة على إعالة أسرتي بنفسي ولو بالقليل".

 

افراح وعشرات النساء أوجدن لأنفسهن سوق صغير وسط حديقة العاب الاطفال في مدينة مأرب التي تحتوي أكثر من 2 مليون نازح بفعل الحرب الدائرة في اليمن منذ تسع سنوات.

 

ليست أفراح الوحيدة التي تعيل أسرتها في البلاد بل أن حوالي 30 بالمئة من الأسر النازحة تعيلها نساء بحسب تقرير لوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية.

 

ويعاني اليمن من وضع إنساني كارثي في غاية الصعوبة إذ يحتاج أكثر من 76% من اليمنيين إلى مساعدات إنسانية  بسبب الأزمة التي تعيشها اليمن الناتجة عن  الصراع و الحرب، والذي ينعكس بشكل كبير على وضع النساء والفتيات في اليمن، حيث  تحتاج 4.6 مليون امرأة و 5.5 مليون فتاة الى المساعدات المختلفة في الخدمات والغذاء بحسب تقرير حقوقي أصدرته وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

 

حملت نساء اليمن على ظهورهن وزر الحروب الدائرة في البلد منذ تسعة أعوام دفعتهن نحو يتم المعيل وفقدان رب الأسرة لتتحول الأمهات إلى آباء أطفالهن وجالب رزقهم وطاهي طعامهم في أن واحد بحسب لبنى القدسي مدير الدائرة القانونية في اللجنة الوطنية للمرأة (حكومي).

 

وقالت القدسي في حديث لـ "الموقع بوست" إن تلك الحروب نقلت المرأة في البلد الفقير من المنزل إلى السوق للبحث عن لقمة عيش كريمة بعد أن قتلت الحرب كاهل الأسرة وأثقلت عليها حمل العيش بوضع قاسي وأيام كالسنين السابقة ثقيلة بهموم واحزان يعجز أمامها الرجال فتحدتها النساء متعدية الصعاب مشمّرة عن سواعدها نحو التعايش مع الواقع رغم قساوته.

 

 تواجه النساء حاليا في اليمن مخاطر ومواطن ضعف أكثر تعقيدا في  ظل استمرار الصراع والحرب والتدهور الاقتصادي الذي تعيشه اليمن وتصنف بأنها أكبر أزمة إنسانية في العالم.

وبعد أن أخذت الحرب من النساء أزواجهن وابائهن باتت العطور والبخور وادوات تجميل وروائح النساء اليوم مهنة الكثير من النساء النازحات في مختلف محافظات البلاد أحكمت تصنيعها بنار هادئة بمهارة تماما مهارتها في طهي الطعام وعلى ذات المطبخ وأواني الطهي.  

 

 كما هو حال ملاك محمد التي تحمل طفلها الصغير في حضنها وتطهو طبخة بخور تفوح رائحته في مطبخ صغير في خيمة هشة وسط (مخيم الجفينة) أكبر مخيمات محافظة مأرب (البالغ عددها 179 مخيم) بحسب ادارة النازحين بالمحافظة التي تستوعب أكبر عدد من النازحين حيث يقطنها زهاء مليوني نازح يسكن منهم 282652 نازح في المخيمات الهشة منذ سبع سنوات)، وذلك من أصل (اكثر من اربعة ملايين نازح في اليمن أغلبهم من النساء والأطفال) .

 

"اعمل في صناعة البخور وبيعه في السوق والشوارع لأجني مبلغ ما أسد به احتياج اطفالي من غذاء ودواء " تقول ملاك أيضا أنها تأخذ احتياجات صناعة البخور بمبلغ 10 آلاف ريال (10$) تجني من ورائها خمسة آلاف ريال (5$) تعمل على بيعها خلال اسبوع غالبا.

 

حقوق المرأة تراجعت

 

تقول مدير الدائرة القانونية للمرأة لبنى القدسي أن حقوق المرأة خلال السبع السنوات تعرضت للانتهاك وتراجعت للوراء، ووضعت القيود أمام عملها وتنقلها وسفرها وتم تقييد حرياتها الشخصية تحت مبررات غير صحيحة وغير قانونية اضافة الى حرمانهن الكثير من حقهن في الترقيات والمكافآت والتدريب والتأهيل في إطار الوظيفة العامة.

 

 كثير من النساء أيضا فقدن أعمالهن أو مصادر دخلهن الأساسي وبسبب ذلك وجدت الأسر صعوبة في توفير متطلبات الحياة العامة وعدم القدرة على تحمل نفقات إيجار المساكن التي تضاعفت ثلاث مرات، فزادت المشاكل والمشاحنات  وزاد معدل الطلاق، وتشتت الأسر، وهو ما جعل البعض من النساء  تتعرض للصدمات النفسية وفقدان الاستقرار النفسي والأسري بحسب القدسي.

 

وأشارت إلى أنه خلال فترة الحرب انعدمت برامج الحماية للنساء حيث اتجهت المنظمات المحلية والدولية التي كانت تقدم هذه البرامج نحو العمل في الاستجابة الإنسانية.

 

"لاحظنا تعرض الكثير من النساء لمظاهر العنف المختلفة سواء، حيث فقدان الامان الشخصي وتعرضن للإيذاء الجسدي، والابتزاز والتهديد والتنمر والتحرش أيضا، خاصة تلك النساء اللاتي نزلن إلى سوق العمل بحثا عن مصدر رزق لتعول أسرتها بعد أن فقدت مصدر رزقها الاساسي او فقدت المعيل".

 

وتدفع المرأة ثمن تكلفة الحرب، وفقا لتقارير الأمم المتحدة التي يشير إلى أن النساء تعد أغلب الأسر في مخيمات النزوح، وأنهن والأطفال يشكلون نحو 79% من سكان تلك المخيمات، لهذا تتحمل النازحات معاناة أكبر في سبيل توفير فرص العيش وتحمل مسؤولية الإنفاق على من تعول أما لفقدان العائل أو لأن العائل فقد مصدر رزقه حد قول القدسي.

 

الحرب صنعت امرأة قوية

 

من جهتها مديرة إدارة تنمية المرأة بمحافظة مأرب فندة العماري تشير إلى أن من إيجابيات الحرب أن الكثير من النساء يصنعن لهن بصمة من خلال مشاريعهن الخاصة مثل صناعة البخور والعطور والإكسسوار والخياطة والحياكة والمشغولات اليدوية وصناعة المعجنات والكيك والعمل في محلات التصوير والكوافير والعمل مع مشاريع الاستجابة الإنسانية والإغاثة، والعمل مع المنظمات المحلية والدولية.

 

إضافة إلى أن بعض النساء فتحن محلات خاصة للبيع والشراء وعرض منتجاتهن، والعمل في التسويق الالكتروني الذي لاقى رواجا كبيرا بين الفتيات في البلاد في ظل الحرب لكن تقول العماري أن غالبا لا تملك تلك النساء أي خبرة او تملك البعض بخبرة محدودة حول الأنشطة المدرة للدخل وطرق التسويق والإدارة، مما يجعل من المهارات التأهيلية والتنموية حول الانشطة المدرة للدخل التي تستهدف النساء والفتيات حاجة ملحة يجب تلبيتها. 

 

نصف مليون أسرة تعيلها نساء

 

ويشير التقرير الذي أصدرته وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة المعترف بها دوليا أن ما يقدر بنحو 40 %من الأسر فقدت مصدر دخلها الرئيسي وكانت النساء أشد تضررا من الرجال بفعل الحرب مشيرا الى أن نصف مليون اسرة تعيلها نساء اليوم في البلاد فيما 30% من الأسر النازحة بفعل الحرب تعيلها نساء في مناطق النزوح.

 

ويبلغ عدد الأسر التي تعيلها نساء على مستوى الجمهورية 8.416 ألف أسرة تمثل 4.11 %من إجمالي الأسر في الجمهورية، في حين يبلغ عدد الأسر التي تعيلها نساء في الريف حوالي 3.274 ألف أسرة تمثل 1.11 %من إجمالي الأسر في الريف، وتبلغ عدد الأسر التي تعيلها نساء في الحضر حوالي 4.142 ألف أسرة بحسب التقرير.

 

ويفسر التقرير سبب ازدياد عدد الأسر التي تعيلها نساء خلال سنوات الحرب التسع الماضية إلى ازدياد عدد القتلى في البلد من الرجال والشبان مشيرا إلى أن 21% من النساء التي تعيل الأسر هن فتيات لا تتجاوز أعمارهن18 عام .

 

وهذا هو ما عبرت عنه أفراح أحمد التي فقدت زوجها في الحرب الدائرة في البلاد قبل خمس سنوات وخلف لها ثلاثة أطفال حيث قالت بحسرة وحزن "الرصاصة التي تقتل رجل في الحرب هي في الأصل قتلت قلوب كثيرة كانت تعتمد في عيشها على رجل واحد ".


التعليقات