عصيان مدني في تعز.. الإضراب احتجاجا على تدهور الاقتصاد (تقرير)
- أشرف الصوفي - تعز الخميس, 13 يوليو, 2023 - 10:09 مساءً
عصيان مدني في تعز.. الإضراب احتجاجا على تدهور الاقتصاد (تقرير)

[ محلات تجارية في تعز أغلقت أبوابها ضمن إضراب عام - خاص الموقع بوست ]

تشهد مدينة تعز، عصيانًا مدنيًا، تمثل في الإغلاق شبه الكلي، للمحال التجارية والمؤسسات الخدمية، احتجاجا على الارتفاع الأسعار غير المسبوق، وتدهور العملة المحلية، وتردي الوضع الاقتصادي.

 

منذ مطلع العام الجاري، تهاوى الريال اليمني كثيرًا، أمام العملات الأجنبية، ويواجه البنك المركزي اليمني اليوم، صعوبة في توفر العملات الصعبة، وتلبية احتياجات السوق المالي، نتيجة ضعف الإيرادات المالية.

 

ومَثل توقف صادرات النفط والغاز، نتيجة الضربات الأخيرة التي استهدفت موانئ التصدير، مشكلة كبيرة في الموازنة العامة للحكومة، حيث تشكل صادرات النفط والغاز مانسبته 70% من الإيرادات المالية للحكومة الشرعية.

 

وبحسب ماتشير إليه التقارير الأممية، فإن أكثر من ثلثي اليمن، مهدد بخطر الجوع والمرض، وتصف الأمم المتحدة الأزمة في اليمن، بأنها الأسوأ في العالم.

 

حسابات معقدة

 

"تكتل تجار تعز" أصدر مساء أمس بيان هام وجه فيه دعوة لجميع التجار الاستعداد لإعلان الاضراب الشامل تنديداً بتدهور العملة المحلية، وعدم استقرارها، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

 

حُدد الإضراب من الساعة الثامنة صباحًا، حتى الثانية عشر مساء يوم الخميس، كما ذكر البيان أن الإضراب ليس سوى خطوة أولى نحو الضغط على الحكومة، لسرعة إيجاد الحلول، وحذر من استمرار الخطوات التصعيدية.

 

سليمان النقيب، تاجر يمني في مدينة تعز، يرى أن في عدم استقرار العملة المحلية، وتذبذبها صعودًا ونزولًا أمام الدولار، يسبب خسائر كبيرة لكل من التاجر والمواطن. يشتري سليمان بضاعته من صنعاء، ويضطر بسبب اختلاف العملتين (قديم_جديد) لتغيير العملة إلى الريال السعودي، ومن ثم الشراء من صنعاء، ومع تذبذب الصرف فأنه من الصعب تحديد كمية المكسب والخسارة، لأنه لاتوجد قاعدة مالية ثابته، تبنى عليها الحسابات.

 

يقول سليمان لـ"الموقع بوست": "لا أستطيع أن أبيع على المواطن بالريال السعودي، في حين أشتري البضاعة بذلك، ومع تلاعب الصرف قد يذهب المكسب، ومعه رأس المال، وفي نهاية السنة قد نوشك على الإفلاس".

 

يشكل الإرتفاع المستمر في سعر الصرف، خسارة كبيرة للنقيب، ويعتقد أن هذا التدهور الاقتصادي قد يدفع البعض "للجنون".

 

لاتكمن المشكلة في عملية تحويل العملة والشراء فحسب، بالنسبة للنقيب، ولكن تدهور الوضع الاقتصادي، وانهيار العملة، يؤدي الى ارتفاع الأسعار، وانعدام القدرة الشرائية للمواطن، مايدفع المواطن للعزوف عن الشراء، وبذلك تتكدس البضائع لدينا.

ويضيف النقيب لـ"الموقع بوست" : أصبحت معظم التزاماتنا اليومية نتعامل معها بالريال السعودي، نحن نشتري من تجار الجملة حتى في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية بالريال السعودي، وندفع إيجار منازلنا ومحالنا بالريال السعودي أيضًا، لم تعد لهذه العملة قيمة حقيقية".

 

خطوات تصعيدية

 

الأزمة الاقتصادية الخانقة، والتدهور المتواصل للعملة الوطنية، دفعت نقابة التجار في تعز، للدعوة لعصيان مدني، ووقفات احتجاجية، مطالبين الحكومة، في السعي للبحث عن حلول حقيقية ومستدامة، نائب نقيب التجار، والتكتل التجاري في تعز، مروان العصرية وفي حديثة "للموقع بوست"،  يقول: " تدهور العملة الوطنية، كان له الأثر البالغ في الركود الاقتصادي، وانعدام القدرة الشرائية، وغلاء الأسعار، والتسبب في إفلاس صغار  تجار الجملة والتجزئة".

 

يُطالب مروان، من رئاسة الوزراء، والمجلس الرئاسي، ومحافظ البنك المركزي تحمل المسؤولية الأخلاقية والوطنية أمام الشعب، والتحرك العاجل للخروج من دوامة الأزمة الراهنة، وطمئنة السوق المصرفي.

 

ويعبر مروان عن رغبته وقيادة تكتل التجار، في الاستمرار بالاضراب الجزئي أو الكلي، والقيام بكل الوسائل السلمية والمشروعة والمتاحة، في التعبير عن صوت التجار ومواطني مدينة تعز.

 

تدهور مستمر

 

تزداد الأوضاع الاقتصادية سوءًا يومًا بعد يوم، ما فاقم من معاناة المواطن اليمني بشكل أكبر، تجاوز اليوم سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد 1400 ريال يمني، في حين تبدو الحكومة منكبة في البحث عن حلول لتجاوز هذه المرحلة.

 

ويعتقد وفيق صالح، صحفي وباحث اقتصادي يمني، أن الأنهيار  الاقتصادي الذي نشهده، ماهو إلا مضاعفات للاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد اليمني، منذ بداية الحرب، من تعطيل للصادرات، وانقسام وتشتت الموارد المحلية وتزايد الضغوطات على المالية العامة للدولة.

 

ويشير وفيق في حديثه لـ"الموقع بوست": إلى أن المشكلة الاقتصادية هي مشكلة إدارية في المقام الأول، ويصف الإدارة الاقتصادية في اليمن منذ بدء الحرب، ب" الفاشلة وغير الفعالة"، ويرى في الحلول التي تسعى إليها الحكومة عبارة عن "مهدئات مؤقتة، ولا تلامس لب المشكلة".

 

لب المشكلة بالنسبة لوفيق، هو توقف صادرات النفط والغاز، والتي تؤثر بشكل كبير على الناتج المحلي، ويرى أن أي جهود أو محاولات لإصلاح الأوضاع الاقتصادية، تتطلب إرادة حقيقية لاستئناف وتشغيل صادرات النفط والغاز، وتعبئة الموارد العامة، وحشد الدعم الخارجي.

 

وبحسب وفيق فأن الاقتصاد اليمني، تعرض منذ بداية الحرب، لتأثيرات كبيرة نتيجة توقف الصادرات النفطية والغازية، وهروب الاستثمارات الأجنبية، وتراجع نشاط القطاع الخاص في الداخل، فضلا عن توقف المؤسسات الحكومية.


التعليقات