استئناف مفاوضات الكويت .. هل ستنجح فرص البحث عن مصالحة هشة في اليمن؟ (تقرير إخباري)
- عبدالسلام قائد - خاص الثلاثاء, 19 يوليو, 2016 - 06:04 مساءً
استئناف مفاوضات الكويت .. هل ستنجح فرص البحث عن مصالحة هشة في اليمن؟ (تقرير إخباري)

[ استئناف الجولة الثانية من مشاورات الكويت - إرشيف ]

استؤنفت في العاصمة الكويتية، يوم السبت الماضي، الجولة الثانية من المفاوضات بين وفد الحكومة الشرعية ووفد الانقلابيين، بعد التوقف خلال شهر رمضان المبارك، يأتي ذلك بعد أن دامت الجولة الأولى من المفاوضات شهرين وعشرة أيام دون تحقيق تقدم يذكر.
 
ورغم الحشد الأممي للجولة الثانية من المفاوضات، إلا أن المواطنين اليمنيين الذين يعانون من ويلات الحرب لم يعولوا عليها كثيراً، مقارنة كما كان عليه الحال من تفاؤل نسبي وحذر مع انطلاق الجولة الأولى من المفاوضات، ذلك أن تجارب المفاوضات المريرة ونقض العهود المواثيق من قبل جماعة الحوثيين، كل ذلك جعل الغالبية العظمى من المواطنين، وأيضاً السياسيين والمتابعين، لا يعولون كثيراً على المفاوضات، التي يرون أنها وسيلة لتضييع الوقت، وربما محاولة شرعنة الانقلاب بأي وسيلة.
 
 لماذا المفاوضات؟
 
تبدو المفاوضات في الكويت بين وفد يمثل حكومة شرعية وآخر يمثل ميليشيات انقلابية من أغرب المفاوضات في العالم، ففي تاريخ الانقلابات العسكرية إما أن ينجح الانقلاب ويفرض سيطرته الكاملة على البلاد، أو يفشل، وتتمكن الحكومة الشرعية من فرض هيبة القانون، ومحاكمة الانقلابيين، واتخاذ الإجراءات المطلوبة للحد من حدوث أي انقلاب مستقبلاً.
 
لا شك أن تدخل دول التحالف العربي بقيادة السعودية قد أفشل الانقلاب، وحرم الانقلابيين من السيطرة الكاملة على البلاد، لكن مفاوضات الكويت وما يترتب عليها من تأثير على سير المعارك قد يسهم في إطالة أمد الحرب، وبالتالي إنهاك الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، نظراً لعدم امتلاكهم الأسلحة الحديثة والكافية لحسم المعركة، وما تصلهم من تعزيزات عسكرية لا تتناسب مع حجم المعركة، فيما الطرف الآخر، أي الانقلابيون، فهم يحاربون بأسلحة الدولة، وما زال هناك مخزون كبير من الأسلحة التي لم تتعرض لقصف طائرات التحالف العربي، كما أن الحشد للحرب على أسس مذهبية وطائفية ومناطقية وقبلية من قبل الانقلابيين ما زال مستمراً.

نصف انقلاب
 
ولعل أدق توصيف لمفاوضات الكويت هو العمل على أن تقبل الحكومة الشرعية بنصف انقلاب، مقابل أن يقبل الانقلابيون بنصف حكومة شرعية، وأمرٍ كهذا غير مقبول منطقياً، فلا يمكن الجمع بين نصف انقلاب ونصف شرعية، ورغم استحالة ذلك، لكن ما الذي يراد من مفاوضات الكويت، فالانقلابيون لا يمكن أن يقدموا تنازلات عن طريق المفاوضات تقضي على مظاهر الانقلاب، وقبول الحكومة الشرعية بالمفاوضات مع الانقلابيين من شأنه أن يضعف من شرعيتها، خاصة وأنها لم تحصل على ضمانات من المجتمع الدولي الذي يضغط باتجاه استمرار المفاوضات بدون تقديم رؤية أو خارطة طريق متكاملة للحوار والتشاور حولها، وأيضاً بدون تقديم ضمانات وإجراءات بديلة في حال استمرار مراوغة وفد الانقلابيين، وبالتالي بقاء المفاوضات في دائرة مفرغة، ويعني ذلك استهتاراً واضحاً بالقضية اليمنية، وخذلان للشهداء والجرحى الذين قدموا تضحيات جسيمة من أجل الوطن والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
 
 البحث عن مصالحة هشة
 
يدرك المجتمع الدولي، الذي تدخل لإنقاذ الحوثيين من الانهيار، أن لا أمل يرتجى من استمرار مفاوضات الكويت، خاصة وأن الفترة الزمنية التي انقضت من المفاوضات (حوالي 70 يوماً وأكثر)، تجعل منها أطول مفاوضات بين طرفي نزاع في العالم دون التوصل إلى أي اتفاق، لكن يبدو أن المجتمع الدولي يبحث عن مصالحة هشة، تسهم في تمرير أجندته في المنطقة العربية بشكل عام، بصرف النظر عن نتائج ذلك، حتى وإن تناقض ذلك مع المبادئ التي يدعو لها الغرب، مثل الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان وحرية الرأي وإدانة التمييز العنصري.
 
والغريب أن طرف الانقلابيين -الذي يسعى المجتمع الدولي لإنقاذه- هو الطرف المتعنت في المفاوضات، وربما أن موقف المجتمع الدولي شجعه على مواصلة تعنته، في حين تشعر الحكومة الشرعية بخذلان المجتمع الدولي لها، وتأمل في التوصل إلى حل للأزمة ولو بالحد الأدنى من المطالب المشروعة للشعب.

تشابه في طبيعة المعارك
 
هناك تشابه بين طبيعة المعارك على الأرض وطبيعة سير المفاوضات، فإذا كانت المعارك تراوح مكانها دون تقدم نوعي لأي طرف، فإن المفاوضات تراوح مكانها أيضاً، وأي تغيير في طبيعة المعارك على الأرض، فإنه بدوره سيؤثر على المفاوضات، وهنا يتضح أن المعارك هي التي تحدد سير المفاوضات وليس العكس.
 
وعند قراءة سير المعارك على الأرض منذ بداية الحرب وحتى الوقت الحالي تتضح بعض الملامح: ميليشيات الحوثيين والقوات العسكرية الموالية للمخلوع علي صالح تقلصت المساحة التي تسيطر عليها، وخسرت عدداً كبيراً من مسلحيها وعتادها العسكري الذي تعرض لقصف الطائرات. وفي المقابل، تمكنت المقاومة الشعبية والجيش الوطني، وبدعم من التحالف العربي، من تحرير بعض المدن، وإلحاق هزائم عسكرية ونفسية بالانقلابيين في جبهات مختلفة، والسيطرة على مناطق استراتيجية من الناحية الاقتصادية، مثل حقول النفط والغاز، وميناءي عدن والمكلا.
 
محاصرة الانقلابيين

وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن الحكومة الشرعية تستطيع محاصرة الانقلابيين اقتصادياً من خلال توريد عائدات النفط والغاز إلى أحد فروع البنك المركزي في المحافظات المحررة، وعدم التعامل مع البنك المركزي في العاصمة صنعاء، وتستطيع دول التحالف العربي محاصرة الانقلابيين من أي دعم عسكري أو اقتصادي خارجي، بالإضافة إلى استمرار الدعم بالأسلحة للجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بالإضافة إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة مصغرة، شريطة أن يعمل أعضاء المجلس الرئاسي والحكومة المصغرة من المناطق المحررة، وقيادة المعارك مباشرة، حتى يتم القضاء على الانقلاب.
 
أما البحث عن مصالحة هشة مع الانقلابيين، خاصة وأن انقلابهم تم على أسس طائفية ومذهبية ومناطقية وقبلية، فإنه لا يعني سوى ترحيل الأزمة إلى وقت لاحق، لتشتعل بعد ذلك الحرب مجدداً، وربما تكون خسائرها في ذلك الحين أكثر من الخسائر لو تم القضاء على الانقلاب في الوقت الحالي.
 
والأمر المؤكد، أن الوقائع على الأرض، وطبيعة المزاج الشعبي الرافض للانقلاب، كل ذلك يؤكد أن فرص البحث عن مصالحة هشة معدومة، ولا يمكن لميليشيات طائفية أن تنفرد بحكم اليمن مهما طالت الحرب والتضحيات.
 


التعليقات