الإمامة في فكر رواد الحركة الإصلاحية اليمنية.. عبده محمد المخلافي أنموذجا (1)
الأحد, 12 مايو, 2024 - 09:34 مساءً

الحركة الإسلامية الإصلاحية اليمنية التجديدية الراشدة التي تنهل من بحر زاخر لا ينفد الكتاب الحكيم والحكمة النبوية ، والتي امتدادها الطبيعي  التجمع اليمني للإصلاح ،منذ بداية تأسيسها الفعلي منتصف ستينيات القرن الماضي على يد ثلة من الطلاب اليمنيين الدارسين في مصر أمثال الأساتذة الكبار عبده محمد المخلافي وعبدالمجيد الزنداني وياسين عبدالعزيز ،كانت وما زالت تدرك خطر الإمامة الزيدية الهادوية ،وتعي جيدا ضرورة مواجهة هذا المشروع السلالي العنصري الطائفي ، وإزالة تميز الطبقة العلوية الهاشمية عن بقية فئات وطبقات المجتمع اليمني ، وذلك بشتى السبل الممكنة وأولها سلاح القلم متمثلا بنشر الفكر والتربية والوعي فالفكرة لا تواجه إلا بالفكرة ، دون إغفال سلاح القوة والبندقية حين يلزم ، وآخر العلاج الكي بالنار كما يقال ،وهو ما نراه اليوم متجسدا بأبهى صورة في جبهات المقاومة الجمهورية في تعز ومأرب أنموذجا، حيث يسجل الأبطال التضحيات تلو التضحيات في مواجهة مشروع الحوثي وهو المشروع الأكثر قبحا والأشد عنصرية من مشاريع التخلف الإمامي الزيدي الهادوي.
 
فهذا القائد الأول للحركة الأستاذ الشهيد عبده محمد المخلافي (ت 1969) رحمه الله، كان له عمود في جريدة الجمهورية الرسمية الصادرة في تعز، خلال الفترة من1967-1969 خصص 11 حلقة عن الإمامة تحت عنوان " دين بلا كهانة " موضحا سلوكيات وتصرفات تلك الفئة العنصرية التي استأثرت بالسلطة الدينية والسياسية والاجتماعية في أجزاء من اليمن لفترات مختلفة من الزمن، وذلك منذ مقدم جدهم الكاهن الأكبر يحيى بن الحسين الرسي في نهاية القرن الثالث الهجري إلى اليمن.
 
في حلقة من تلك الحلقات الإحدى عشر بعنوان (دين بلا كهانة) يقول المخلافي: الإمامة في بلادنا كانت تغطي سوئها ومساوئها بأستار زاهية من الدين وتلف تهتكها وعبثها بملابس الوقار والجدية، وتحيط جميع تصرفاتها بأثواب العصمة والقداسة، إذ أن الإمام وهو مصدر كل التصرفات - شخص مقدس لأنه ممثل الألوهية في الأرض، وكان هذا المعتقد قد جاء كثمرة من ثمار ثالوث الدمار، والفناء، الفقر، والجهل، والمرض.
 
وفي الحلقة الثالثة يقول: الأوضاع الإمامية التي كانت سائدة في بلادنا كانت بجميع أشكالها مظاهر كهانة ودجل وشعوذة حطمت معاني الإسلام الصحيحة في النفوس، تلك المعاني التي شأنها خلق الفرد القوي في إيمانه القوي في جسمه القوي في خلقه، وبالتالي إيجاد المجتمع الحضاري المهذب الذي أراده الله لخدمة الإنسانية.
 
وفي الحلقة الرابعة من" دين بلا كهانة "يقول الأستاذ المخلافي: من الكهانات التي خلفتها الإمامة في بلادنا إيجاد طبقة من الناس يعتقدون أنهم مقدمون على غيرهم في كل شيء، بسبب نسبهم الذي يزعمون صلته بالرسول صلى الله عليه وسلم ولابد أن يكونوا هم المرجع في شؤون الدين والدنيا وعلى الناس أن يقوموا بخدمتهم وإيصال ما يريدون إليهم قبل غيرهم.
 
بل لقد فهموا الناس بأن جميع المناصب الكبرى لا يصح أن تكون بيد غيرهم لأن غيرهم من واجبه أن يكون مأمورا لا آمرا، وأن يقدم فروض الطاعة بكل ذلة وصغار مستعملا ذلك اللفظ الذليل عند مخاطبته لهم (سيدي)، مقبلا ركبهم وأقدامهم ليزداد من الله قربا في زعمهم، أما في المخاطبة والمراسلة فلا بد أن يستعمل من الألفاظ ما يدل على منتهى طاعته وذله، وعلى منتهى عظمتهم وقداستهم كأن يقول (تراب أحذيتكم المملوك) أو (عتبة مرحاضكم).
 
وفي الختام لا ننسى الدور العظيم الذي قام به الأستاذ المخلافي أيام معركة حصار صنعاء، وهي المعركة التي امتدت سبعين يوما وانتهت بانتصار القوى الجمهورية ودحر القوى الإمامية في السابع من فبراير عام 1968، لقد تولى المخلافي حينذاك مسؤولية نائب قائد المقاومة الشعبية في محافظة تعز، وساهم مع إخوانه وكل الجمهوريين في إرسال آلاف المقاتلين من تعز نحو صنعاء المحاصرة من قبل الإماميين حسب ما ذكر مؤلف كتاب شهيد القرآن المؤرخ الكبير الراحل عبدالملك الشيباني رحمه الله.
 
هذا فيض من غيض من جهود رواد الحركة الإسلامية اليمنية في مواجهة مشروع الإمامة الهادوية الكهنوتية وما زالت المعركة مستمرة، معركة استعادة الدولة والجمهورية وحق الشعب في استعادة حريته وكرامته واختيار حكامه دون وصاية أو ادعاء بحقي إلهي كهنوتي، فالأمة سيدة نفسها والأمر شورى بين الناس.
 

التعليقات