كنا استبشرنا خيراً عندما أُرسل جمال بن عمر إلى اليمن ممثلاً للأمين العام للأمم المتحدة بغرض التوفيق بين الشعب اليمني وصالح أثناء ثورة الشباب السلمية، والتي مثلت كل شرائح المجتمع اليمني وأطيافه السياسية، وأنه سيكون أكثر قراءة وتفهماً لواقع الشعب اليمني؛ كونه عربيّ القلب واللسان، ولأنه سبق وأن عانى من ظلم دولته وقهرها، وسيحس بمعاناة أشقائه في اليمن، وسيعمل على مداوة الجراج وكأنها جراحه.
إلا أنه قام بدور الأجير الذي يهمه تقاضي مستحقاته، ولا يهمه نتائج فعله، فلعب دوراً لم يرضٍ أحداً من الثوار، وخاصة بعد تماهي علي صالح مع الحركة الحوثية، وتحويله مرمى بندقيته من ساحة التغير إلى صدر الشعب اليمني كله، حيث تلاقى الخصمان على هدف العودة إلى الحكم وافترقا في الطريقة.
فلعب بن عمر دوراً مشبوهاً في إعادة اليمن إلى ما قبل الثورة، مضيفاً إليها آفة الحركة الحوثية التي كانت تقبع في جبال صعدة، وتتمنى غبار صنعاء على أقدامها.
أفصح بن عمر عن أن دوره يقتصر على الوساطة الحميدة للتوفيق بين أطراف الصراع، ولا يملك سلطة تنفيذية ملزمة لأحد، تفرض ما يراه صالحاً للشعب اليمني أو أحد من الأطراف، وتلك دعوى جانبت الصواب كلية؛ لأنه تعاطى إيجاباً مع صالح والحوثي، وسلباً مع باقي الأطراف قاطبة.
تلى بن عمر ولد الشيخ المبعوث الآخر الذي تلكأ في قراءة آية قرآنية بعد أن أعادها مرتين؛ ما يشير إلى أن هؤلاء يحملون وجوهاً عربية، وهوىً غربيّ الهوية، ولا يؤمنون بالحقوق الإنسانية المتساوية التي اختارتهم الشعوب من أجلها.
ومن خلال آخر خطة سلام قدمها ولد الشيخ للرئيس عبد ربه بانت النوايا، وانكشفت الأغطية، بأن مصلحة الشعب اليمني ودمائه، وخراب ممتلكاته استثنائية وليست أصيلة مهامهم؛ لأن ما يقوم به ولد الشيخ هو إرضاء الأطراف الانقلابية، ومساعدتهم على إعادة التموضع، والالتفاف على آمال الأمة وطموحاتها، الى الحد الذي وصفه الدكتور عبدالباقي شمسان بزعيم الانقلابيين وليس ممثلا للأمم المتحدة، لان وثيقة الصلح التي قدمها مؤخراً لحل الازمة اليمنية تعطيهم فوق ما طالبوا به وتمنوه.
ويهدف فقط إلى إنجاح مهمته، وإرضاء صديقه بانكي مون، وحصوله على شهادة واعتراف بأنه ماهر في حل الخلافات، وابتعاثه إلى منطقة صراع أخرى يجني من خلالها ما يقدر عليه من مكاسب شخصية، تتوافق مع مكاسب لأطراف دولية لا يستعبد أن تكون مدفوعة الأجر سلفاً.
غير أن الشعب اليمني لن يلتفت إلى الأدوار المشبوهة التي يلعبها هؤلاء، ومن يقف وراءهم من الحاقدين؛ لأن مفاتيح الحلول والحسم حصرياً بيده، ولن يلتفت إلى ما يُعمل تحت الطاولات، أو في دهاليز السياسية المتنافية مع القيم والأخلاق الإنسانية، وسيقاتل في سبيل إعادة دولته المختطفة، وحقه المنتهب بغض النظر عمن اعتلى منبر السلطة من عدمه؛ لأن الشخوص راحلون، والشعب اليمني وحقه باقٍ لن يذهب مع رحيل أحدٍ أو مماته.
مهما امتلكت قوى الشر من قدرات ظاهرة، أو أيادٍ تلعب في الخفاء، ولن تسقط جرائم الحرب المرتكبة في حقه بالتقادم. وإن غداً لناظره لقريب.