تعز هي العنفوان السياسي المثقف الذي يميل إلى المصلحة الكلية للوطن ويضحي من أجله بعيداً عن التفرقة والأنانية والتقزم الذي مارسه وامتهنه الآخرون وهم على قمة الهرم السياسي لليمن، فأحدثوا في اليمن من الجهل والتمايز ما أحدثوه عبر السنين حتى صار عند البعض مفهومٌ وثقافة ومعتقد.
تعز يا أول المساكن، وزهرة المدائن ها أنا أرقبك من بعيد وأنا منك القريب، وإليك أنتمي وبكِ أفخر، أرقبك من بعيدٍ وأنتِ تُطلّين على شاشة الحنين والإشتياق، كإطلالة الربيع الذي ينثر عبيره في الأرجاء فتنتشي منه الروح عبقا، ويتضمخ به الوجدان عِطراً، كيف لي أن أكتب عنك يا زهرة المدائن وعن عطائك السماوي اللامحدود وثبات مواقفك الوطنية الخالصه، كيف لي أن أكتب عنك وحروفي خجلى وقلمي إجلالاً ينحني رافضا للوقوف، فأنتِ أول علم أجسد به حب الوطن، وأول صفحة دون الثائرين فيها حبهم بقطرات دمائهم الزكية وأرواحهم في سجل الخالدين، فدتك روحي يا تعز يا زارعة المشاقر والفدى والتضحيات.
تعز أيها الكرنفال الثوري الجماهيري المتكرر الحامل لمشروع الجمهورية بامتياز، تعز المجتمع الذي يثور على الدوام وينشد الدولة المدنية العادلة والحقوق المشروعة لكل اليمن، ذلك المجتمع الحي الشاعر بالضيم الذي توارثه حكامها، لأنهم يعلمون أنها كنانة اليمن وقوسها الذي إن أُطلق لن يخيب.
تعز تلك الآلة الإعلامية التي صيرتها منبراً حراً وجيشاً ضخماً من الجماهير للتظاهر والإعتصام، وإن خرجت ضد حاكم أنذرت من ذراها الطغاة فشدوا حقائبهم للرحيل، تعز اليمن كانت ولازالت كفة الترجيح في فرض الحلول والمسارات السياسية التي يجب على السلطة السياسة أن تدرك مداه.
تعز التي تُملي على المجتمع مظاهرها المدنية وتعبر عنها بالفعاليات والمسيرات السلمية الراقية، وآن لها أن تكون الثِقل الذي إن دخل به المتحاورون نجحوا وتغلبوا على خصومهم وعلت أصواتهم.
تعز هي الدالة التي ستعني التحرر من الظلم إنْ تحررت، الظلم الذي عانى منه اليمن وطال كل أبنائه من خلال منهجية الإفقار والإذلال التي مورست ضدهم منذ قرون كي يكونوا جيشاً لهواة الحرب الذين صيروها مصدراً للنهب والسلب والإقتيات، فكانت عالمهم في البقاء، لأنهم يموتون في السلم ويعيشون في الحرب التي يوقدوها بين أبناء العمومة من كل اليمن على نيران العصبية والمذهبية والغلبة والإصطفاء، وبدونها فإن عروشهم في زوال.
الحديث عن تعز هو الحديث عن الفداء لأجل اليمن، فهي ولادة كل الرجال الذين خلدوا أسماءهم في ذاكرة الوطن، كالشيخ محمد علي عثمان نائب رئيس الجمهورية عقب ثورة 26 سبتمبر، والنقيب عبد الرقيب عبدالوهاب قائد قوات الصاعقة ورئيس أركان الجيش وبطل كسر حصار صنعاء، والعميد محمد صالح فرحان قائد قوات المشاة، والنغم الثائر اللواء عثمان أبو ماهر قائد قوات ملاحقة الإمامة في قطاعي عبس وحرض، وعبدالرقيب الحربي وعلي مثنى جبران قادة قوات المدفعية، وسلطان القرشي قائد المغاوير، كل هؤلاء القادة قضوا نحبهم في سبيل الوطن، وهاهو اليوم عبدالملك المخلافي يتوج نضالهم كوزير للخارجية وحامل للقضية الوطنية، والشيخ حمود المخلافي مُشعل شرارة الثورة والمقاومة في تعز، يليهم مواكب من القادة والشهداء، ومسك ختامهم توكل عبدالسلام حاملة جائزة نوبل للسلام.
تعز "الفضول" الأنشودة الثورية والسلام الجمهوري، وأيوب طارش حنجرة الوطن الذي إن صدح صوته غنت معه الكائنات، وسكن الطير في أعشاشه وتلبدت بالسماء الغيوم، تعز هي الضوء والندى، وأفق السماء الذي إن أمطرت في سمائها السحاب ارتوت من غيثها القلوب قبل الحقول.
تعز يا يمني الكبير، يا وجعي ويا وجع الكتابة، ويا ناري التي حلت في شراييني وتشرب من دمي، آآآآهٍ يا يمني الكبير يا ذراة الروح ويا شغاف القلب المسجي على حروف حبات رملي والجبال السمر والسهول الخضر، يا ولهي أنا المولِهُ في عينيك غربته، أقتات فيك شجوني وأشجان كل من طاقت روحه لقياك.
وختاماً لن تصح الكلمة ولن تستقيم والعبارة، ما لم تكن كتاباتنا تحمل هم الوطن كله، وتداوي جراحه الغائر كل صباحٍ ومساء، ولا يجدر بأحدٍ أن يدعي الوطنية وحب اليمن ما لم يكن حبها متصدراً أولويات جهده المستدام، ويكون شعبها المظلوم والمشرد نايه الذي يعزف عليه وأغنيته الشجية التي لا يُمل ترديدها وقصيدته الكبرى التي تتقيد قدماه عند سماعها.
لكم المجد يا شهداء تعز الكرامة والإباء الشجعان
لكم الرحمة والخلود أيها الأبطال
يا أكرم أهل الأرض وأولاهم بها
أيها الشهداء يا سادتنا الحقيقيين وقادتنا المستحقين
ويا حُماةَ الأرض والعرض عبر السنين..