اليمن وآخر الحروب الطائفية
الخميس, 24 نوفمبر, 2016 - 03:18 مساءً

جملة  قالها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ورددها من بعده نجله حميد في تعز أثناء الحملة الانتخابية للمرحوم فيصل بن شملان، مسجلة صوتاً وصورة حيث قال " كان الوالد يقول تعز هي اليمن واليمن هي تعز"، جملة يجب التوقف عندها ملياً وبإمعان والسؤال عما جرى بعدها وأين مسامع قبيلة حاشد وما جاورها من قُبُل من تلك المقولة، وذلك الإطراء الذي كان يكيله شيخهم لتعز ليل نهار.
 
أم أن شبكة المفاهيم الطائفية المذهبية الخاطئة التي غرستها الإمامة في رؤوس بعض أبناء القبائل اليمنية الأصيلة وأحدثت تغيُراً في بُنى عقولهم فأصبحوا يكِّنون الكره والحقد ضد إخوانهم وأبناء عمومتهم في  باقي اليمن، حيث لا زالت صراصير الشبكة وجرذانها تعيش حتى اللحظة في ذلك المستنقع الآسن، وتأبى الخروج منه لترى نور الحقيقة وتشتَمّ عبير الحياة الحرة المليئة بالحب والتآخي والوئام .
 
تتكشف الأحداث وتتجلى الحقائق يوماً بعد يوم والتي طالما تدثّر بها الكهنة ومعتوهي السلطة أن الحرب التي تدور اليوم طائفية مذهبية بامتياز، الحرب التي بدأت من دماج وانتهت في تعز، وأن الحشد القبلي بدواعي النَكَفْ من مدن بعينها ضد اليمن الممتد من مأرب إلى الحديدة ومن إب إلى حضرموت لا يوحي بغير ذلك مهما أدرنا ظهورنا عن الحقائق وتجاهلنا أبعاد الصراع.
 
الإشكالية المستفحلة أن البعض لم يؤمن وبرغم كل ما جرى ويجري اليوم بحق الآخر في الحياة المتساوية، والمشاركة في السلطة والثروة لكل أبناء اليمن على أسس من العدل والشورى تتساوى فيها الحقوق وتفرض فيها الواجبات على صغيرها والكبير، من خلال معايير القدرة والكفاءة والإستحقاق والنزاهة في الوظيفة العامة وحب الوطن والإنتماء الحقيقي إليه، وعدم الإرتهان أو العمالة لأي قوىً خارجية تنال من سيادة الأوطان وتسحق هويتها العربية لحسابها. 
 
مع كل كلمة يخطها قلم نشعر بالحزن العميق والآسى اللامحدود على كل قطرة دم تسيل من المغرر بهم لمحاربة أمريكا في تعز ومأرب وعدن، اؤلئك المنهكين أصلاً وحلائل الفقر المدقع والجهل المستشري الممتد منذ قرون والذي أوردهم المهالك وأذاقهم ألوان من العذاب.
 
القبائل التي تُستَنفَر اليوم كانت ضحية حكم الإمامة الذي عزلها عن العالم وضرب عليها أسوار العذاب، فتاهت في الضلال، وغرست فيها روح العداء والعدوان بمحركات وفتاوى دينية تختلف باختلاف الزمان والحدث، فكانت تارةً تتهم معارضيها بالكفر، وتارةً أخرى بالمروق عن الدين وامتهان الزندقة أما اليوم فقد استوحى دراويشهم مصطلح الدعوشة والتكفير وأطلقوه على كل من حارب مشروعهم، فصنعت من قبائلنا وقوداً للمعارك في كل واد وأضحت المعيق الدائم أمام كل الحركات الوطنية الطامحة للتحرر والإنعتاق من الظلم وسجونه المظلمات.
 
قامت ثورة 26 من سبتمبر وكانت روافدها المادية والبشرية من تعز، وإب، وعدن، والحديدة والبيضاء، والضالع، وردفان، وأبين، وكانت جُلْ تلك القبائل التي تأثرت بأكاذيب الإمامة إلا القليل منهم تسبح عكس تيار الشعب الثائر المفعم بالحماس والعنفوان فأكلت الحروب منها أكبادها ولحومها.
 
انتصر الشعب لنفسه ولمن تبقى منهم إلا أنهم تحرروا من القيود المادية التي ضربت على أعناقهم من قبل حكم الإمامة، ولم تنفك عنهم القيود المعنوية التي عشعشت في أحلامهم وعقولهم وعززتها الزعامات القبلية الحاكمة في مضارب قبائلهم كي يظلوا فقط خزاناً بشرياً يدفع بالمحاربين الفقراء حماية لمصالحم والحفاظ على الكيان القبلي كَنِدٍّ للدولة وسلطة موازية للسلطة وليس لهم من الأمر شيئاً سوى "مكفيين لك يا شيخ سوقنا للنهب والذبح أو للسمسرة".
 
عودوا إلى أصولكم يا قبائل اليمن في صعدة وعمران وصنعاء وحجة وذمار، عودوا إلى تاريخكم وحضارتكم، عودوا إلى اليمن أمكم ومهدكم، عودوا إلى قحطان يا أحفاده النجباء، ولا تكونوا حطباً لمعاتيه السلطة ومدمني رائحة الدماء، اليمن وطنكم وأبناء تعز وعدن والحديدة ومأرب والبيضاء هم أبناء عمومتكم فلا تكونوا أسلحة للأعادي والخون.
 

التعليقات