نجلاء العمري

نجلاء العمري

كاتبة وأديبة يمنية.

كل الكتابات
السلام على حمامة روحك ..
الاربعاء, 30 نوفمبر, 2016 - 09:12 مساءً

هذا اسامه الصغير .. لا يزال يحتضن الدبدوب. . من علق على كتفه الرشاش ؟
 
كيف ذهبت يااسامة بعيدا وتركت الحياة اللتي تحب .. تركت الدبدوب وحيدا ..
 
من أين بدأت الحكاية .. وكيف كبر الصغار فجأه ؟ كيف صحت هذه المدينة على أصوات القذائف وعويل النساء وركض الأطفال هربا من الجحيم..
 
كل ميل يركضونه .. يصبحون أكبر أعواما واعوام ..
 
كم بيتا هربت منه أيها الصغير والقذائف تطاردك كظلك، وبين كل هروب وهروب يسقط دبدوب وتتسلق كتفيك بندقية ..
 
هذا أسامة الفتى الصغير .. لم يكن يبدو أنه سيكبر. . كان ضاحكا وغير عابئ! ! كيف أصبحت مسؤولا عن مدينة تموت كل نهار .. تنتظر الليل لتلملم جراحاتها. .وتلملم انت ايها الصغير اللذي كبر فجأه أشلاء أصدقائك من بين الجبال ..
تودعهم الثرى وتودعهم وانت متماسك كشيخ خبر الحياة وخبرته ..
 
تلتحم بالأم. . مدينتك الصابره تلتقط بقايا الشظايا من قدميها البائستين.. وتوسدها قلبك البض كقلب طفل .. كيف كبرت ياصغيري لتبدو عازما وجلدا هكذا ..
 
وكيف انتزعتكم احقاد الحقراء والقتلة من فرشكم الوثيره واحلامكم الصغيرة البسيطه ..
 
يأتون من وراء الجبال .. يسرقون نجوم المدينة التي لا شبيه لها .. يسرقون أحلام الأطفال واقلامهم الملونه .. يسرقون صوت التلفاز القادم من حجرة الجلوس وضحكة الجد ورائحة العشاء الشهي.. يسرقون دفء كف الأم وهي تيقظهم صباحا ونظرة الأب الحانية وهي ترافقهم إلى مدارسهم .. يسرقون رقصة الطريق وجلبة الباصات .. وثرثرة الماره. .
يسرقون ابتسامة البسطاء على قارعة الطريق ودفقة الأمل في عيون النساء القرويات .. يسرقون الأفق الممتد كتاريخ طويل يعرف هذه المدينة ويفتخر بها ..
 
خرجتم يااسامة تستردون مسروقاتكم من القتله .. خرجتم تقبلون الأم في جبينها و أقدامها ككل الأبناء الصالحين ..
 
القتلة لا ينامون ..سرقوك يااسامة من ضحكاتك ودفاترك ورحلاتك ومواقع التواصل وصداقاتك ومشاريعك وخططك. .
 
سرقوك يااسامة من أمك التي كانت تبكي على أصدقائك كل يوم .. تتوجع لجراحاتهم. . وتذوي روحها أمام آلام تعز ..
 
اليوم يا صديقتي تنامين على بحيرة من الجراح .. أيتها الأم المسروقة كالمدينة اللتي تبكين كل مساء .. تتوحدين بقلبها فلا نكاد نعرف أي منكما تعز وأي منكما الأم المكلومة الفؤاد .. وأي منكما تخرج كل مساء لتلملم أشلاء الفتية الغارقين في الدم ولكل منهم أم تبكيه في بقعة من بقاع الأرض. . فتية تركوا أشياءهم الجميله ليستعيد وطنهم كل الأشياء الأجمل .. فتية كبروا فجأة ليشعروا كل متخاذل ومنافق كم هو صغير ولا شئ ..
 
السلام على حمائم أرواحكم أيها الصغار الكبار .. أيها الفتية الطيبون .
 

التعليقات