"تُصدر الأحكام على الأنظمة الحاكمة للبلدان وفقاً لتعاملها مع شعوبها"، هذه العبارة وردت على لسان حايم وايزمن الزعيم الصهيوني البارز قبل مدة طويلة من قيام دولة بني إسرائيل، عبارة تنطوي على الحكمة والتنبؤ بمستقبل دولة بني إسرائيل والأسس الإرهابية التي ستقوم عليها لاحقاً متحسباً لردود أفعال العالم على قيام تلك الدولة.
الدكتور هيثم الكيلاني اعتبر الإرهاب بعمومه أنه "ظاهرة من ظواهر الاضطراب السياسي في العصر الحديث" وذلك لأن الإرهاب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأزمات البنيوية للنُظم الحاكمة التي تعتمد على العنف وإثارة الصراع الذي يصبح بدوره مولداً حقيقياً للعنف والثورات المضادة للأنظمة الدكتاتورية.
وعليه فقد كان للنظام اليمني السابق من ذلك نصيب إذ طاف في الآفاق مُشَهَّراً باليمن ومتَّجِراً بجوعها وأساها لدى الأصدقاء والأعداء، ويعمل على نسج خيوط عباءات إرهابية رسمية وموازية للجماعات الإرهابية التي تبناها "كأفيوبيا" لإخافة الغرب وجيرانه الإقليمين من تنامي ظاهرة الإرهاب في اليمن.
تجلت تلك العباءات مع قيام ثورة الشباب 2011م إذ كان يُصور للعالم حينها أن هذه ثورة تتبناها الجماعات الإسلامية التي تحمل عداءً فكرياً وإيديولوجياً للغرب ومصالحه في المنطقة، الأمر الذي أثار مخافة الجيران، الذين انطلت عليهم مسرحيته وتبنوا مواقف رأس النظام بالدعم والمساندة وهو على سرير الموت بعد حادثة مسجد دار الرئاسة الغامض، وإبان صياغة الإتفاقية الخليجية التي منحته الحصانة وقاسمته السلطة مع الشعب اليمني الثائر إضافةً إلى استمرارية سيطرته على جُل الدولة العميقة بما فيها الجيش والأمن.
وبرغم تولي نائبه هادي الرئاسة الذي جاء من رحم المؤتمر الشعبي العام الممتد على طول اليمن وعرضها، لم يتفهم الداعمون له معاناة الشعب اليمني، الذي كان يبحث عن ابسط مقومات الحياة الكريمة وانطلت عليهم خرافاته وألاعيبة التي اتضحت لهم تباعاً أنها كانت أدوات حصرية تتبعه لتحقيق مآربه في منأى عن الطموحات الشعبية والإقليمية والدولية.
كان علي صالح يبني القوة العسكرية والأمنية الضاربة لبناء آلة إرهاب وإخافة وقمع وإخضاع للشعب اليمني ولإرادته وجنونه اللامتناهي في بناء الدولة الصالحية وملكاً جبرياً يُقَرِب الأهل والاصدقاء ويبعد المخلصين لليمن الشرفاء.
وما إن صدحت الحناجر اليمنية وأطلقت صرخاتها في الآفاق رافضة لحكمه المبني على قواعد استدعاء الخصومات الأيديولوجية بين الاسلاميين والقوميين والإشتراكيين والبعثيين والمؤتمريين، علماً بأن هذه المنهجية تم اختبارها في بلدان عربية أخرى إلا أنها باءت بالخيبة والفشل.
وظل الصراع وإثارة المكايد والخصومات بين أطراف المجتمع اليمني السياسية والاجتماعية والمذهبية والعرقية والقبيلية واعتمادها منهجية حكم متخلفة لأنها لا تُبنى على قواعد العدل والشورى والمساواة بين كل طبقات اليمن الإجتماعية والتي رفضها الشعب اليمني عندما ثار على حكم الإمامة المؤسس لنظام الارهاب في اليمن وضحى بحوالي200 الف شهيد عقب ثورة 26 سبتمبر من كل ابنا اليمن شماله والجنوب.
وبرغم ما أصاب تلك الآلة من الدمار وانهيار من قبل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والتحالف وتحولها إلى مجاميع مشتتة ومعزولة، إلا أنها لازالت تضرب في عضد وعظام الشعب اليمني سواءً كانت المقاومة التي وقفت ضد مشروعه في كل المدن منها تعز التي قدمها للعالم على أنها حاضنة للجماعات التي تتبنى الإسلام السياسي المتطرف، أو في المدن الرازحة تحت سحائب حكمه السوداء المليئة بكل أفاعي وعقارب الكهوف والصخور المسكونه بمحركات الطائفية والمناطقية المقيته، الحالمة بعودة العهود المظلمة القائمة على نظام الرهائن وعرف العقر والهجر المتخلف المعارض لكل قيم الدولة المدنية العصرية الحديثة القائمة على أسس ديمقراطية وعلمية متخصصة.