في تعز من لم يمت بالقصف مات بالخنق
الثلاثاء, 12 يناير, 2016 - 01:20 صباحاً

تعكس قصة استشهاد الشاب محمد عز الدين سلطان الحالة المأساوية التي وصل إليها حال تعز، كما تعكس حالة الإجرام التي تلبست هذه المليشيا وعرابها عفاش، في المبالغة بإجرامهم وحصارهم والتشدد في قتل أبناء المحافظة.
 
فبعد إصابة الشاب محمد بإصابات بالغة في بطنه في جبهة الشقب من جبل صبر، سار به المسعفون أكثر من ثلاث ساعات محمولاً على الأكتاف في أمل النجاة به وإنقاذ حياته، وسط حقول من المعيقات التي تنهش روحه لتجعله يفارق الحياة.
 
في عالم الإسعاف والطب، فإن عدداً من الثواني تكون مهمة جداً لإنقاذ حياة المصاب، وكذلك وضعيات الإسعاف المتعددة التي تريح المسعَف ولا تجعله ينزف كثيراً أو تعمل على تمزيق بعض أجزاء جسمه من حمله بطرق غير صحيحة، وبسبب حصار تعز كل تلك القواعد والإرشادات الإسعافية لا محل لها في التطبيق.
 
بعد عناء وجهد جهيد يصل جسد الشاب المصاب إلى المستشفى والأمل يبرق من عينيه للنجاة، لكن هنا تبدأ معاناة أخرى أشد من سابقاتها.
 
أسطوانة الأكسجين لا وجود لها في المشفى المسعف إليه، تتعمد المليشيات الحوثية قطع كل ما يصل بحياة الناس أو ينقذ أرواحهم، وهناك على بوابات المعابر الجديدة التي ابتكرها المعتدون يتم تفريغها واحتجازها وعدم السماح بوصولها، ليموت الشاب محمد والعجوز حمامة والطفلة مرام، والقائمة تطول.
 
من لم يمت من المواطنين بالقذائف مات بسبب نفاد الأكسجين وقلة الغذاء وانعدام الدواء، ولموت متربص بمدينة تعز من كل جهة.
 
يتم تشديد الحصار على تعز فتئن مضايا السورية، يموت أطفال مضايا السورية ويدفن شيوخ وعجائز تعز، وهكذا يتم تبادل الأدوار والخانق والقاتل واحد.
 
تدرك أم الشهيد محمد أن لا فائدة من الصراخ والعويل واستجداء الاستغاثات فتسارع لتكتم تأوهاتها وتستقبل التهاني باستشهاد نجلها المدلل، فهي لا تريد أن تقتل مرتين وتئن وتتوجع مرات ومرات؛ لأنها تعد استغاثة اليتيم في آذان اللئيم، وحتى لا يفرح القاتل مرتين مرة بقتل نجلها ومرة بتأوهات أمه وأبيه وذويه راحت تواجه الموقف بمزيد ومزيج من الصبر والتحدي والاحتساب.
 
آباءٌ وأمهات كثر وقفوا نفس الموقف؛ وها هو نجيب السلماني يصرخ في وجه معزيه باستشهاد نجله الشاب إلياس: أنا أستقبل التهاني لا التعازي، وبإصرار من التحدي يدفع بنجله الآخر لأرض المعركة والتصدي للعدوان الحوثي ويكون أحد أبطال جبهة الشرف في تعز.

التعليقات