طوال الوقت هناك ما يمكن عمله! (2 - 2)
الثلاثاء, 12 ديسمبر, 2017 - 04:34 مساءً

بإمكان مجموعة شباب تتوفر لديهم قدر من الخبرة والمعرفة في مجال الاتصالات والاهم لديهم ايمان بجدوى ما يقومون به, بإمكانهم فعلا أن يحلوا هذه الاشكالية في البداية نظريا ثم بعد ذلك من خلال تنظيم حملة ضغط واسعة هدفها اجبار الحكومة الشرعية على التجاوب مع الحلول التي يتم التوصل اليها.
 
اذن نحتاج مجموعة شباب لديهم روح ثورية. يفضل ان يكون لبعضهم خبرة في مجال الاتصالات. وتكون أول خطوة هي طرح المشكلة من كافة جوانبها. أما الهدف فهو تحرير الاتصالات.
 
بالتأكيد الأمر سيحتاج الى وجود منصة، ولتكن صفحة على موقع فيس بوك. ثم بعد ذلك وضع قائمة بأهم خبراء الاتصالات في البلد، وفي وقت لاحق قائمة بأبرز موظفي الوزارة ومن يمتلكون الحق في مناقشة وضع الاتصالات في الإطار الرسمي والتأثير على مصادر اتخاذ القرار.
 
بعد طرح المشكلة، والاستعانة بالخبراء من اجل ايضاحها، تبدأ مسألة دراسة الحلول الممكنة.
 
لكن قبل ذلك على هذا الفريق ان يوضح ما هي النتائج التي يمكن تحقيقها في حال تم فعلا تحرير الاتصالات من قبضة المليشيا. مثلا هناك مليارات تدفعها شركات الاتصالات كضريبة سنوية للجهة التي تتحكم بالمركز الرئيسي. هناك أيضا شركات اتصالات مختلطة الدولة مساهمة فيها وتحصل على جزء كبير من عائداتها لكن هذه الاموال جميعها تذهب الى يد المليشيات. وهناك السيولة النقدية التي تتدفق من المناطق المحررة وتتمركز في يد المليشيات ما يجعلها قادرة على ضخ الاموال الى مقاتليها في الجبهات وضمان استمرار قتلنا ومحاصرتنا. اذن عندما ندرس الميزانية التي تحتاجها الحكومة الشرعية لتحرير الاتصالات علينا ان نعرف حجم المبالغ التي ستوفرها ايضا لو انها تجاسرت وأقدمت على هذه الخطوة. لا يكفي انه تم نقل البنك المركزي الى عدن بينما المؤسسات الايرادية لا تزال تحت قبضة المليشيات. وحتى لا يكون جهدنا هذا في الهواء علينا ان نحدد حجم الدور الذي يمكننا الاضطلاع به لإنجاح هذه الخطوة بعد التشاور مع الخبراء والتواصل مع كل الكوادر.
 
من فوائد تحرير الاتصالات أيضا أنها ستجعل مراسلات الحكومة وتعاملات المناطق المحررة بمنأى عن رقابة المليشيات وتلصصها.
 
وحتى لا يكون الأمر مجرد تصدي لمشكلة، فعلينا أن نحمل هدفا ثوريا وتنظيم حملات ضغط لحمل الحكومة على التجاوب في نهاية المطاف.
 
في مشروع تحرير الاتصالات، وبعد ان نضمن انه لن يتم حجب المواقع المختلفة وأننا لن نعود الى العزلة من جديد، ستكون الصورة قد اصبحت واضحة امامنا حول المبالغ التي ستوفرها مثل هذه الخطوة. لذا سيقوم فريق المبادرة بتحديد الموازنة السنوية للوزارة والمؤسسات العامة المرتبطة بها بما يضمن تسلم رواتب جميع موظفيها في عموم البلد. وما سيزيد سيتم تحديد القطاعات الحساسة والتي يصبح دعمها مسألة ملحة. مثلا دعم القطاع الصحي. او دعم قطاع التعليم، او حتى تأمين مستحقات الطلاب اليمنيين في الخارج.
 
 حسنا لقد خطرت ببالي الآن هذه الفكرة، ماذا لو تتشكل نواة هذه المبادرة من الطلاب اليمنيين في الخارج.
 
إذا لم نتصدى للمشكلات التي تواجهنا فلا أحد يمكنه فعل ذلك. فقد انهارت الدولة ولم يعد الامر يتعلق فقط بتحريرها من المليشيات ولكن بإعادة بناءها من الصفر. مراجعة السياسات والآليات المتبعة وتحديد أوجه الخلل في كل قطاع حكومي. اذن تصدي الطلاب اليمنيين في الخارج لهذه المهمة سيجعلهم يصنعون لأنفسهم حلا وفي نفس الوقت الاشتراك بمهمة نضالية. يجب ان تكون القاعدة في مرحلة التأسيس: من الضروري ان يكون لكل شخص مهام نضالي واضح.
 
لو ان الطلاب في الخارج تروقهم هذه الفكرة، فيمكنهم تشكيل نواتين، واحدة لمبادرة تحرير الاتصالات، والثانية دراسة مشاكل الطلاب المبتعثين.
 
مثلا كنت أقول، لو أن هناك تصور واضح لمشكلة الطلاب المبتعثين، فإنه يمكن للحكومة او لوزير الخارجية ان يحرر طلبا الى احدى تلك الدول التي تحترم نفسها يطالبها بمعونة تخصص للطلاب في الخارج لما يمثلونه من مستقبل للبلد. دولة مثل المانيا او اليابان او حتى الكويت لا اعتقد انها ستمانع من تقديم مثل هذه المعونة. لكن قبل ذلك علينا ان ندرس اوجه الخلل.
 
سأضرب لكم مثالا أخر. قبل أيام أخبرني صديق بأن هناك شخص فهلوي لا علاقة له بالإعلام سيتم تعيينه نائب للمسئول الاعلامي في سفارتنا بتونس. وكان هذا الصديق يحتج ان هذا الشخص سيحصل على التعيين لأن أحد اقربائه من نافذي العهد الجديد.
 
بالنسبة لي لم اتفق مع احتجاج هذا الصديق. لأنه احتجاج لم يخرج عن المألوف. لو أنني سأحتج، فالمعروف اننا في بلد تعيش حربا منذ ثلاث سنوات, ونصف السكان لا يجدون ثمن الوجبة القادمة, وأمام هذا الوضع هل نحن بحاجة فعلا لمسئول اعلامي في سفارتنا بتونس؟ ليس فقط لنائب مسئول اعلامي. ويا ترى ما المهام الذي يمكن لهؤلاء الاضطلاع به ويعود بالخير على البلد؟

بالطبع هناك ملحقيات عسكرية وثقافية. الخ, ليس لديهم من مهام سوى انهم يغطون مواقع ادارية أصبحت ضمن اعراف البيروقراطية الدبلوماسية واحيانا يتم استحداثها من اجل الاقارب. لكم ان تتخيلوا ان هذا يحدث في مثل هذه الظروف العصيبة التي نعيشها. يهتمون للعرف الدبلوماسي ولا يهمهم أن طلابنا مستحقاتهم موقوفة ودراستهم مهددة.
 
اذا كان ولابد من وجود هؤلاء الاشخاص في سفاراتنا، فأنا أعرف على الأقل، طلابا يمنيين أصبحوا يعملون في بيع الصحف ويأكلون في اليوم وجبة واحدة. فلماذا يا ترى لا يعين واحد من هؤلاء.
 
أنظروا اذن نوع العمل السياسي الذي يمكننا الاضطلاع به. فدراسة كيف تجري الامور في اروقة وزارة الخارجية وسفارات بلادنا هي واحدة من هذه المهمات التي أصبح من الملح التصدي لها وتشريح اوجه الاختلالات السائدة وكيفية معالجتها.
 
وبالتأكيد هناك ما يتعلق بالجيش وبالأمن وبمختلف القطاعات الحكومية. كما ان هناك قضايا سياسية بامتياز لكن لا أحد من السياسيين يهتم بها, وشباب الزمن الجديد لا يزالون متهيبين أو لا يعرفون ما الذي يمكنهم القيام به.
 
ومن المؤسف القول إننا لا نزال غير قادرين على امتلاك أليات واضحة وشفافة لإدارة ملف الاغاثة في زمن الحرب حيث يصبح اي تهاون او تقصير في مسألة كهذه بمثابة جريمة اخلاقية وقانونية جسيمة. لكن ماذا لو يعرف العالم ان ملف الاغاثة يديره حفنة من اللصوص الذين أثروا على حساب حياة الناس.
 
باعتقادي علينا ان نعيد تعريف السياسة في الاوقات العادية وفي ظروف الحرب وبالنسبة للبلدان التي تعيش وضع كوضع بلدنا. بالتأكيد لو استطعنا التوصل لتعريف مناسب فسوف نخجل من حالنا هذا.
 
وكمقدمة للبحث عن هذا التعريف، يقول جارودي الذي يعتقد ان العمل السياسي الحديث قائم على التسيير الذاتي، يقول ان المهمة الاساسية هي اصلاح البنى والضمائر في نفس الوقت.

التعليقات