استوقفني مقالا قديما للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي بعنوان "دافعوا عن وطن هيفاء وهبي" تحدثت فيه عن أوطان كانت تنسب إلى الأبطال قديما، فتقزمت وغدت تنسب الى الصبيان، حيث لم يعد بإمكاننا شحذ همم الشعوب في حالة تعرضها لأي خطر الا بمناداتها بالدفاع عن اوطان أشهر من فيها أسفلهم، بحسب احلام.
لا اعرف كيف ذهب بالي بعيدا وتذكرت عنوان احلام وأنا أحاول هذا النهار إقناع صديقا في إحدى الجبهات بعدم التخلي عن القضية المقدسة التي خرجنا لأجلها.
سدّ حنجرتي بسؤال جعلني أتوقف طويلا عنده؛ أي قضية تقصد؟.
حاولت التململ وبث روح الأمل فيه، والإصرار على أنه مهما حدث فلا يمكننا أن نولي الأدبار ونتوقف عن السير في طريق اخترناه بإيمان وقناعة وكلنا ثقة به..
ثرثرت كثيرا فكرر لي السؤال نفسه بطريقة أخرى: أأنت مقتنع بهذا الكلام الذي تقوله؟.
هل تريد أن تراني جريحا بدون راتب كما جرحى القضية، وبلا علاج او رعاية صحية، او في احسن الأحوال كأحدهم أتعكز أنيني في مصر او بالهند دون التفات من أحد؟.
أم سترتاح عندما تراني شهيدا مسلوب القضية كأولئك الذين قُتلوا في جنوب الوطن فلم تكد ترى قضيتهم النور حتى شردت المليشيا الجديدة أهاليهم ورفاقهم، ولم يحققوا شيئا سوى اتاحة المجال لمسوخ وأقزام يتصدرون المشهد كأبطال لم يطلقوا رصاصة واحدة لأجل القضية التي تتحدث عنها انت الان وتحدث عنها اولئك الأطهار الذين قضوا نحبهم في عدن وكل أرض تحررت من رجس الإنقلاب؟.
تركته يخرج ما في قلبه من اسئلة، وبقيت افكر بمدخل آخر لإشعال روحه تلك التي جعلته يطلب السماح من امه شهرين للالتحاق بالجبهة والدفاع عن أحلام الصغار وحياة الكبار.
لم أجد حيلة... فاعتذرت له بانشغالي كذبا، لإنهاء المكالمة.
وعدت أصارع مرارة أسئلته كلها، كم أبدوا مهزوما وبائسا اعيد منشورات العالم الافتراضي الى بداية المعركة مع انقلاب مليشيا الحوثي وصالح، ثم أرجع الى أمس، فأدرك حجم الهوة التي تفصل بين الواقع والأحلام؛ رغم أن القضية لا تزال نفس القرية!!
لقد استطاع التحالف بشكل عام والإمارات العربية المتحدة كأبرز لاعب فيه بشكل خاص من فعل كل شيء ببلادنا، سوى الإنتصار لما جاؤوا لأجله، وموهوم هو من لا يزال يقول أن بإمكاننا او بإمكان شرعية هادي إصلاح ما أفسدته الإمارات او ما إشعال ما انطفأ في قلوبنا من لهب القضية.
لقد استطاعت أن تهزم بداخلنا معد بن يكرب والزبيري وأناشيد ايوب طارش، وتحولنا الى أقزام عند عتبات امرائها.
عكفت الإمارات ولا زالت على صناعة مسوخ جدد، لا يقلون سوءا وخرابا من المليشيا التي قدمت من شمال الشمال ذات سبتمبر أسود.
لقد اوصلتنا الدولة القزمة القادمة من خطأ جغرافي فادح الى ألتقزم بحجمها، وصار لزاما علينا أن نقول لمن أردنا منهم القتال في صف الشرعية.
دافعوا عن وطن تأمر علينا فيه أسفلنا، دافعوا عن وطن الزبيدي وطارق صالح، موتوا في سبيل هذا الحقد الخليجي..