لم يعد من الصعب إقناع طفل لم يتجاوز العاشرة بانحراف مسار التحالف الداعم للشرعية اليمنية عن بوصلته، وتخبطه في كل الاتجاهات إلا الاتجاه الصحيح.
كما لم يعد ممكنا لذات الطفل تصديق الترهات القادمة من هنا وهناك، وترديد ذات الأسطوانة المشروخة للتحالف وقواه الهشة المصنوعة على يديه داخل اليمن كلما ظهرت فضيحة جديدة وانكشفت معها سوءته أكثر.
لقد أضحى الأمر الآن أكثر وضوحا من أي وقت مضى، انكشفت الصورة بكل قبيح ورداءة، ولم يعد بإمكان أحد ترقيعها بخرقة ما كــ اتهام تركيا او قطر او التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
لم يبقَ غبيا في اليمن سوى شرعيتنا الموقرة ممثلة بمسؤوليها "الكومبارس" الذين كلما وجد التحالف نفسه متورطا أمام العالم، دفع بهم إلى الواجهة ليحملوا وزره ووزر شعب لم تكن له جريمة سوى الركون عليهم فيما ليسوا أهلا له.
مُفرِغا دورهم من مضمونه، موكلا لهم مهمة "الحنحنة"، وفقا للمثل اليمني الذائع الصيت لمن يمارس دورا مشابها لتغطية الشرعية على اخفاقات التحالف مرارا "يغطي الفضيحة بالحنحنة".
على سبيل المثال لا الحصر، خرج العالم الأسبوع الماضي متهما للتحالف بارتكاب مجزرة في الحديدة خلفت مئات القتلى والجرحى؛ صمتت الشرعية حتى نطق ناطق التحالف، ثم علقت وزارة حقوق الإنسان اليمنية على الحادثة بذات التعليق، لا زيادة أو نقصان!.
مثالا آخر،، خلال المرحلة الماضية خرجت تقارير تتهم الإمارات بإدارة سجون سرية في جنوب اليمن، الأمر الذي دفع بالأمم المتحدة إلى إرسال فريق تابع لها لتقصي الحقائق في عدن؛ وما إن بدأ الفريق بعمله حتى أخرجت الإمارات يدها من جيبها فإذا بوزير يمني بخرج منكرا وجود سجون سريّة، بذات الطريقة التي دفعت بها ذات الجهة -إضافة الى الشقيقة الكبرى- هادي إلى القول يوما ما والبلاد تتهاوى: " عمران عادت إلى حضن الدولة" !!.
تذكرت الموقفين وأنا أقرأ يوم أمس تقريرا لوكالة "أسوشيتد برس" تحدث عن صفقات أبرمها التحالف مع "تنظيم القاعدة" في جنوب اليمن، وتم بموجبها "منح التنظيم الإرهابي أموالا طائلة مقابل إخراج عناصره من مناطق سيطروا عليها في الجنوب بدون معركة، وسحب مسلحيه بما استولوا عليه من أسلحة".
ليس هذا فحسب، بل عمل التحالف على "تجنيد 250 من مقاتلي تنظيم القاعدة إلى الحزام الأمني، القوة الغير خاضعة للشرعية و المدعومة من الإمارات في جنوب اليمن"، إضافة إلى "استمرار التحالف بدعم و تمويل الرجل المقرب من القاعدة والمدرج ضمن قائمة الإرهاب من قبل التحالف نفسه وأمريكا "ابو العباس" في مدينة تعز".
جاء الرد على تقرير الوكالة بالنفي من قبل الناطق باسم التحالف تركي المالكي ووزير الدولة الإماراتية أنور قرقاش.. فتذكرت دور الشرعية القادم حتما خلال الساعات القادمة؛ حيث سيخرج أحد وزرائها ولن يقول شيئا سوى تكرار ما قالاه المالكي وقرقاش؛ في مشهد درامي يأخذك نحو عادل إمام بدور "سرحان عبدالبصير" وهو شاهدا لا يعرف شيئا في قضية قتل، بمسرحية "شاهد ما شافش حاجة" !
تجاوزت شهادة حكومتنا الشرعية أمورا تتعلق بالشأن الداخلي اليمني لتقحم نفسها بمواقف خاصة بالسعودية، فقط لمجرد أنه تم إتخاذها من قبل الأخيرة،، ولنا في آخر موقف بشأن الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا خير مثال على مدى التبعية للجارة، والتسليم المطلق لها في كل شيء، كان صحيحا أم خطأ !
وهكذا يستمر الشاهد "الشرعية" بذات المواقف التي تُبكي المتابع لها لا تضحكه، مع تمنياته لها بنهاية غير شبيهة بنهاية "سرحان" بأن أصبح -في نهاية المسرحية- شخصا آخر لا علاقة له بالقضية من الأساس.
وإن كانت نهاية مفرحة للمتابع هناك، إلا إنها ستكون قاتلة له هنا.