بين تعز و "أبو العباس"
الأحد, 12 أغسطس, 2018 - 08:20 مساءً

لم تكن تعز في يوم من الأيام حاضنة لفكر إرهابي ولا بيئة خصبة لنشوئه، ولا أعتقد أننا نحتاج لوقائع وشهادات تؤكد هذه الحقيقة التي يدركها كل من عرف تعز او زارها او تعامل مع أبنائها او سمع من أبيه عنها..
 
لم تصدر المدينة سوى الحياة والفن إلى ربوع اليمن، حتى غدا هذا الأمر عيب التعزّي،،
 
وصل ابنها قديما إلى جبال حجة وصعدة استاذا ومربيا للأجيال،
 
ردد كل يمني بعد أيوب نشيدنا الوطني، ونطق القاف التعزيّة كأيوب عند "اخلدي خافقة في كل قمة"..
 
جاء الربيع في 2011 يكسو خارطة البلاد فلم يجد بداية لمولده سوى تعز، التي راح فتيتها يرفدونه بالمزيد من الأزهار،،
 
ورغم فتك الأسلحة وتسلط العسكر، بقيت إرادة تعز هي الأعلى، لتكبر لاحقا فتصير بلادا كاملة من هتافات وأغانٍ وطنية، ثم سيلا من دماء شباب عزّل أرادوا الحياة فدفعوا ثمنها دماَ جرف نظاما بائدا أذاق كل يمني ويلات لا يغفرها إله..
 
في خضم ذلك الصراع بين الحياة والموت، بين الفن والرصاص، بين الثقافة والقبيلة، كانت قوى –عادت الان متناسية ماضيها - تتكتل دفاعا عن العار الكبير، عن الخطيئة التي ثار ضدها شعب، بكل ما اوتيت من قوة.
أتذكر السلفي -الذي أضحى ثائرا الان- يرمي علينا في مداخل ساحة الحرية مطبوعات تتحدث عن تحريم الخروج على ولي الأمر "صالح"، وعقوبة الله التي تحل بالمجتمع الذي يرفض الطاعة العمياء لحاكمه.
 
لم يكن الأمر عقائديا وإلا لانتقل لاحقا إلى طاعة ولي الأمر الجديد "هادي" لكنه كان موقفا سياسيا، وتنفيذا لأوامر الرجل الأول "صالح"، الذي انشأ ودعم الجماعة المتطرفة في دماج، لاستخدامها كما يشاء، وليا للأمر إلى الأبد..
 
أخرجهم من دماج في أول معركة لهم مع الحوثيين في 2014، بعد معركة هزلية كان يرمي منها "صالح" استخدام هم في أدوار قادمة،، وحقق ما أراد.
 
انضمت الجماعة القادمة من أحلك بقع التأريخ الديني، إلى صف يقوده " ربيع 2011"، لتربك المشهد برمته وبدعم وتمويل من خصوم الربيع في تونس ومصر وليبيا وسوريا وهاهم وصلوا لليمن، من ذات ممولي صالح بكل أحوال تناقضاته السياسية حتى وهو يقف ضدهم علنا، لتقوى شوكة الجماعة الأصولية السلفية، وتبقى على عهدها، وفية لصالح ومشروعه حتى وهو يقاتلها، حتى وإن مات فما زال ربه وربهم حيّا في الرياض وابوظبي.
 
وُزعت رموز الجماعة في الجنوب لقتال الحكومة الشرعية و "ولي الأمر" حسب تعريفها الأصولي، وجاء من نصيب تعز رجل يقال له "ابو العباس" بنسخة هي الأقبح على الإطلاق؛ وذلك لكون الرجل وكتائبه الملثمة داخل مدينة كـ تعز.
 
ينتمي "ابو العباس" وجنوده الملثمين إلى كتب الفقه الإسلامي الصفراء، الكتب الملغمة، المعادية لكل جمال في الأرض.. وتنتمي تعز إلى المشاقر ورقصة "الشرح"..
 
ينتمون إلى زمن حرام فيه التقاط صورة.. وننتمي إلى حدقات عيون صبايا حوض الأشراف..
 
ينتمون إلى القتل لمجرد القتل.. وننتمي إلى "إن أتى رشد رآنا رشدا ،، أو أتى غيٌّ مضى فينا سدى " ..
 
ينتمون إلى السواطير والسحل والصلب.. وننتمي إلى عبد الرقيب عبدالوهاب..
 
ينتمون إلى مسدسات كاتمة الصوت.. وننتمي إلى حنجرة ايوب طارش..
 
ينتمون إلى نظام بائد.. وننتمي إلى فبراير
 
ينتمون إلى الماضي.. وننتمي إلى المستقبل..
 
ينتمون إلى دهس الأطفال  في الشوارع للعبور بسرعة نحو بيت الله.. وننتمي إلى رقصة السامبا..
 
الهوة واسعة يا "ابو العباس"،، الفرق كلون الضوء والعتمة أيها القادم من أحلك بقع التأريخ،
 
 نفذ صبر المدينة أيها الورم السرطاني الخبيت؛ لا زال رجسك أضعف من أن يُسقط خصلة من شعرها.
 
 وستتقيؤك كخطيئة، ستبصق كل ذرات رمالها في وجهك، ستعود إلى هويتها مرة اخرى،،
 
 فارتقب إنا مرتقبون..
 

التعليقات