كما لم يحدث من قبل، يحترق اليمنيون بانهيارات مخيفة ومتسارعة للعملة الوطنية، فتبدو الحكومة الشرعية المقيمة في الخارج وكأن الكارثة لا تعنيها، لا تُبدي شعوراً أو استشعاراً بمسئولياتها الوطنية والأخلاقية!.
يفزع اليمني بأخطار إضافية تهدد حياته وقوت أولاده؛ وحكومته غارقة في الترف والتيه، يُصبح المواطن عاجزا عن شراء رغيف خبز ويحترق بغلاء الأسعار بينما حكومته تتنزه في عواصم الشتات وتغترف من خزينة الشعب بلا حساب ولا رقيب!.
يتعدى سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز ال600 ريال يمني، يصرخ اليمنيون ويستنجدون بحكومتهم وقيادتهم الشرعية، وبن دغر في فلة فارهة مملوكة لوزير من مقربيه في أحد أحياء القاهرة يستقبل قيادات من المؤتمر الشعبي العام قدمت من عمّان وعُمان وابوظبي بدعوة كريمة منه وعلى نفقته الشخصية بهدف مناقشة مستقبل الرجل في قيادة المؤتمر وترتيب جلوسه في أعلى هرم قيادة الحزب.
لا يبدو أن الرجل يكترث بمصالح الشعب ومصائر المواطن، يُريد فقط تحقيق مصالحه الذاتية ولو على حساب الوطن ومستقبله. في مواقف مفصلية ولحظات فارقة يتعامل الرجل من منطلق انتمائه الحزبي وليس باعتباره مسئولاً عن جميع اليمنيين، مسخراً مقدرات البلاد لخدمة طموحه الحزبي وطمعه في بناء نفوذ خاص داخل حزب تتقاطع بعض المصالح في ضرورة اعادة بعثه وعودة جريان الدم في عروقه المعلولة.. قرارات ومواقف الرجل تُعيد الصراع على قيادة المؤتمر إلى الواجهة.
مطلع العام الحالي 2018 أعلن بن دغر برنامجاً هزيلاً لحكومته، يُشارف العام على الرحيل والأولويات العشر على علّاتها لم تتحقق، باستثناء بعض الانجاز في بند (استيعاب كوادر المؤتمر الشعبي العام)!، نعم ورد هذا البند في برنامج حكومة بن دغر وتم اعلانه رسميا، ولا غرابة، بينما معظم الموظفين النازحين في الداخل لم يتسلموا مرتباتهم للعام الرابع وآلاف النازحين من غير المؤتمريين لم يلقوا ذلك الاستيعاب الرسمي!.
يُدير بن دغر حكومة شبه افتراضية، مُتباعدة الولاء والتواجد، يُسيّر أعمالها عبر الجيب والجوال، بلا برنامج ولا خطة، بلا رقابة ولا محاسبة، يضع خزينة البنك المركزي داخل قصر المعاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن، واستحدث مكتبا مُتنقلاً، سفري لوزارة المالية في جناح خاص بأحد فنادق الرياض ولّاه لواحد من حضرموت يتصرف الرجل بأموال اليمنيين وفق الهوى والهوية، يستقبل مليارات العملة الجديدة تطبع في سويسرا بلا غطاء ودون سحب الأوراق القديمة والتالفة وملايين المساعدات والقروض وواردات محلية وعوائد ما يربو عن مليون برميل نفط يتم تصديره من المسيلة شهريا، جميعها يتم بعثرتها في نفقات خارج متطلبات المعركة ومقتضيات المرحلة.
خلال زيارته الأخيرة للقاهرة ترأس هادي لقاء ضم قيادات من الصف الأول للمؤتمر الشعبي ضمن جهود لملمة الحزب الذي احتكر صالح رئاسته زهاء 35 عاما. غاب بن دغر عن اللقاء ولم يُبارك مخرجاته.
تزامن لقاء القاهرة مع لقاء مماثل ترأسه في الرياض نائب رئيس الجمهورية الفريق علي محسن، ضم قيادات المؤتمر بمحافظة حجة. محسن كان أعلن قبل أشهر تنشيط عضويته في الحزب الذي كان أحد مؤسسيه بعد انتفاء مانع الانتماء الحزبي للرجل خلال مسيرته العسكرية.
يتعامل هادي مع الداخل والخارج باعتباره رئيسا للمؤتمر، مُستنداً إلى واقع فرضته التطورات؛ وشرعية تنظيمية مرجعيتها مخرجات آخر مؤتمر عام عقده الحزب ديسمبر 2005م أُنتخب فيه هادي نائبا لرئيس الحزب، ومخرجات اجتماع اللجنة الدائمة للحزب نوفمبر 2008 التي أُعيد فيها انتخابه نائبا لرئيس المؤتمر وأمينا عاماً، ومتكئا على نص آخر في اللائحة الداخلية للحزب على أن "رئيس الجمهورية اليمنية هو رئيس المؤتمر الشعبي العام".
لا يُخفي بن دغر طموحه في خلافة صالح على زعامة الحزب، ومع صعوبة تجاوز واقع وجود هادي وضع الرجل عينه على منصب الرجل الثاني للحزب ويعمل ليل نهار لتحقيق حلمه.
بعد أيام من لقاء هادي بالمؤتمريين توجه بن دغر إلى القاهرة ليظهر في مقطع فيديو بثّه ناشط سيئ السمعة مقرب من أحمد علي صالح، كان الرجل يضحك بارتياح بينما كان الناشط المعتوه يُثرثر برسائل مُسيئة للرئيس هادي، بدا ذلك كما لو أنه يشير إلى الامتعاض من لقاء هادي.
في (نوفمبر2014) اتخذ صالح قرارا حزبيا ضد هادي تم اخراجه عبر من بقوا مع صالح من اعضاء اللجنة الدائمة وتضمن إقالة هادي من منصبيه في المؤتمر، وتعيين أحمد بن دغر نائبا لرئيس الحزب وعارف الزوكا أمينا عاما، بالمخالفة للوائح وانظمة الحزب. كما تم اقالة الراحل عبدالكريم الارياني من منصبه كنائب ثاني لرئيس الحزب وتعيين صادق ابوراس بدلا عنه.
البيان الانقلابي تلاه يومذاك بن دغر عبر قناة اليمن اليوم، وبدأ ممارسة عمله في المنصب وقبل بالتمرد الحزبي على فخامة رئيس الجمهورية، ولا يزال مستمرا حتى اليوم!.
في (18 اغسطس2015) نشر موقع الميثاق نت التابع للمؤتمر تصريحا لمصدر مؤتمري وصفه بالمسئول ولم يكشف عن اسمه قوله بأنه قد تم احالة كلاً من: عبدالكريم الارياني، وبن دغر ورشاد العليمي إلى هيئة الرقابة التنظيمية "بسبب تحالفهم ودعمهم للعدوان"، لكن صالح لم يعين أي بديل لبن دغر كنائب أول طوال الفترة الماضية!.
بعد أشهر من تعيينه رئيسا للحكومة خلفا لبحاح (3ابريل 2016) ترأس بن دغر اجتماعا لأعضاء من اللجنة العامة للمؤتمر في الرياض (12اكتوبر 2015)
باعتباره نائب رئيس المؤتمر. أقر الاجتماع ابعاد صالح من رئاسة الحزب واحالته للهيئة الرقابية، وتكليف بن دغر برئاسة الحزب. بعد أسبوع من ذلك الاجتماع استدعى الرئيس هادي بن دغر واعضاء من اللجنة الدائمة والعامة للمؤتمر وعقد اجتماعا مطولا معهم خرج ببيان أكدوا فيه "رغبة فروع المؤتمر الشعبي العام في مختلف المحافظات وكافة الأطر التنظيمية المختلفة للحزب بتولي فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي رئاسة المؤتمر الشعبي العام" وتنفيذ قرارهم بعزل صالح، وإحالته للمحاسبة التنظيمية.
الاجتماع أعقبه اجتماعا موسعا لقيادات المؤتمر في المحافظات الجنوبية احتضنته عدن (29 مارس2018)، أقر فيه أكثر من ألف في الحزب تولي هادي رئاسة الحزب.
تجري تفاهمات لتنصيب هادي رئيسا للحزب وعلي محسن نائبا أول. كان هادي سابقا نائبا لرئيس الجمهورية باعتباره جنوبيا لرئيس شمالي، ونائبا جنوبيا لرئيس شمالي للمؤتمر وباعتباره نائبا لرئيس الجمهورية والمؤتمر ايضا.
يجتهد بن دغر لازاحة علي محسن من منصب الرجل الثاني في الحزب، المنصب المفترض أن يكون، ويعمل للجلوس بدلا عنه في قيادة الحزب وفي السلطة ربما.
يُجري الرجل استقطابات داخل التيار المؤتمري المناهض لتولي هادي زعامة الحزب، ويتبنى مشروع اعادة استيعاب أبناء وأقارب صالح في هياكل المؤتمر إن لم يكن في قيادة الحزب، ولو كان ذلك متناقضا مع موقف الشرعية ومكوناتها ويتعارض مع المرجعيات الأساسية والمبادرة الخليجية التي جاء بن دغر وحكومته بالمخالفة لجوهرها التي نصت على أن تكون رئاسة الحكومة للمشترك وقوى الثورة وحقائبها بالمناصفة بين المؤتمر والمشترك. بن دغر وحكومته جاءوا بموجب "اتفاق السلم والشراكة" الذي فرضه تحالف الحوثي وصالح بعد انقلابهم على الحكومة الشرعية التي تتمسك بالمرجعيات وتطالب العالم الالتزام بها وأعلنت بطلان كل الاجراءات والقرارات التي بنيت على انقلاب باطل!.
لا يُبالي بن دغر بنقض قرارات مجلس الأمن التي وضعت أقارب صالح تحت الفصل السابع لتورطهم في جرائم بحق الشعب وعرقلة التسوية السياسية!، سبق أن نادى الرجل برفع العقوبات عن أحمد علي صالح المدرج تحت العقوبات الدولية!!.
القيادات المؤتمرية التي استقبلها بن دغر مؤخرا في القاهرة وحجز لها في فنادق فخمة وصرف لها الدولارات كبدل سفر وضيافة، كان بينها قيادي من عمران كوسيط وحلقة وصل بين بن دغر وأحمد علي المقيم في ابوظبي.
من بين ما طرحه الرجل عليهم هو العمل على مقايضة الرئيس هادي بقبول توليه رئاسة المؤتمر مقابل أن يكون بن دغر نائبا أول للحزب، ورشاد العليمي نائب ثان، على أن يقوم هادي برفع العقوبات عن أحمد علي، ووعدهم بأنه سيذهب لمحاولة اقناع هادي بذلك.
يصيح اليمني: أُريد الريال، ويرد بن دغر: أُريد المؤتمر!!.