خلال عامين تلت انقلاب العصابة الحوثية الإرهابية كان الاعلام الأجنبي يُسوّق -على استحياء- أن ما يجري في اليمن حربٌ شيعية-سنية، زيدية-شافعية، وكانت نواعم وأدوات الحوثية تقدم نفسها في المحافل الدولية كأقلية مُضطهدة ومظلومة.
ما يجري في اليمن هي معركة سياسية بين شعب وعصابة ارهابية، بين حكومة شرعية معترف بها دوليا وجماعة متمردة انقلابية خارجة عن الدستور والنظام والقانون. هكذا يقول الواقع ويؤكده التوصيف الدولي والقرارات الأممية.. ليست معركة مذهبية ولا جغرافية؛ بل قضية شعب له الحق في الحياة والحرية وفي تقرير مصيره ومصالحه وله حق اختيار من يحكمه وشكل نظام الحكم، شعب يخوض معركة اضطرارية مع حركة حوثية إرهابية سطت على مؤسسات الدولة باستخدام السلاح وتمردت على الاجماع الوطني وتريد الاستحواذ على السلطة بالسيف والقوة دون الوسائل السلمية والديمقراطية، عوضا عن ارتكابها جرائم وانتهاكات ضد الانسانية وجرائم حرب بحق اليمنيين.
في الآونة الأخيرة ينحدر البعض نحو معارك جانبية تنطلق من الأنساب والألقاب والأحساب، وتبني مصطلحات ومسميات لتصنيف المجتمع وفق الدم والدين، وهي أفخاخ لتجزئة القضية الأصلية وفي نتاجها تمثل خدمة لمشاريع تمزيق وتفتيت النسيج الاجتماعي وتهديد السلم المجتمعي.
هناك انجذاب لتحجيم القضية اليمنية وحصرها مع (الهواشم)، ويتعدى ذلك الطرف الارهابي المتمرد ويشمل (الهاشميين) في صف الشرعية المناوئين للعصابة الحوثية والعودة لتقسيم المجتمع إلى سادة وقبائل وعبيد.
يصطف اليمنيون بكل أطيافهم تحت ظلال مشروع وطني جامع ومظلة الشرعية دفاعا عن مؤسساتها ومكتسباتها وبحثا عن دولة مستقرة وآمنة لجميع تضمن العدالة والمساواة لجميع اليمنيين وتكافوء الفرص وعدالة المشاركة في السلطة والثروة تذوب تحتها الأنساب والانتماءات، والبعض يذهب نحو اعادة احياء نعرات عرقية ويتخندق تحت هويات عنصرية أو جغرافية بعيدا عن الهوية اليمنية الأم.
المعركة والمصلحة تقتضي دعوة جميع (الهاشميين) من من هم في صف عصابة الحوثية للانضمام للشرعية؛ يتم استهداف من هم في صف الشرعية كما لو أن الهدف دفعهم للعودة إلى أحضان الحوثية وتقديم نماذج خاربة وتجارب طاردة تشجع الذين في صف الحوثية للتمسك بها أكثر وتقليص خياراتهم وتعقيدها أكثر، عوضا عن المساعدة في تفكيك كتلة الشرعية وهز خطوطها الدفاعية.
ظهور تصنيفات (الهاشمية) والتطرف في الترويج لها تلاه ظهور مسميات (الأقيال والقومية والعباهلة) كما لو أنها ردة فعل متطرفة، مع أن كلا التصنيفين تحركهما غالبا ماكينات واحدة وتتقاطع عندهما مخططات أطراف متعددة لها مصالح من تمزيق اليمن وعدم استقراره.
تجزأة القضية اليمنية والتخندق وراء تصنيفات ضيقة يعزز محاولات ماكينات الحوثية لتضليل المجتمع الدولي وادعاءاتها بأن هذه العصابة أقلية تتعرض لتطهير عنصري وابادة عرقية وادعاءاتهم بأنهم (السكان الأصليين) وفق نظريات تسوقها خلايا رضية وأمل.
على خط هذه المعارك الفوضوية تطفو على السطح شماعة (الهوشمة) لتستهدف الشرعية والقوى المساندة لها في نسخة تتطابق مع شماعة (الأخونة) التي ساعدت في تمهيد الطريق أمام الحوثية الإرهابية لإسقاط صنعاء والتمدد إلى المناطق والمحافظات.
كيمنيين؛ بيدنا قضية وطنية وانسانية علينا أن نتوحد تحتها ونتمسك بها وعدم الانزلاق في أفخاخ تجزأتها وتمزيقها والانتقاص من القضية وعدالتها.. عجز وفشل الدبلوماسية اليمنية ومؤسسات الشرعية في نقل وتسويق القضية للعالم لا يعني الاستسلام والهروب نحو مزيد من الهاوية والهويات الصغيرة.