ملف مكافحة الإرهاب يثير جنون أبوظبي
الجمعة, 07 سبتمبر, 2018 - 07:46 صباحاً

تناقلت الصحف لقاء رئيس الاركان اليمني مع قائد عسكري أمريكي في قصر معاشيق في عدن، مشيرة الى أنه جرى مناقشة التنسيق في مسألة مكافحة الإرهاب، وهو اللقاء الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب في اليمن بين قائدين عسكريين يمني وامريكي، الا ان هذا الامر سيثير غضب الامارات بعد ان وضعت نفسها كوريثة لهذا الملف مع انهيار الدولة في اليمن، ليشهد الملف تنسيق عالي بين واشنطن وأبوظبي، فهل هو تلويح بانعدام ثقة واشنطن، ربما إقرار بفشل ابوظبي، او انه ايضاً اشارة لدعم امريكي للحكومة المعترف بها دولياً خلال أزمتها مع فصائل مدعومة اماراتياً.

ومن الواضح ان ابوظبي اعلنت تصعيد آخر مع الحكومة اليمنية، من خلال محافظ حضرموت فرج سالمين البحسني، وهو رجلها باعتباره أيضا قائد النخبة الشبوانية المدعومة اماراتياً.

هدد محافظ حضرموت بوقف تصدير النفط اذا الحكومة لا تلبي طلبات المتظاهرين. ويحمل خطابه تحريض قوي، والمحافظ هو قائد النخبة الحضرمية المدعومة من الإمارات، لكنه اتى كرد على التظاهرات التي حدثت في المكلا وشهدت شعارات مناهضة للإمارات.

إنه تلويح مباشر بالتمرد، ويتخفى وراء مطالب الناس ومعاناتهم. وهي إشارة للاستمرار في التصعيد بعد عملية المجلس الانتقالي المدعوم اماراتياً في الضالع واعلان سيطرته على المدينة ومنع نقل المواد الغذائية الى المناطق الشمالية.

لكن كيف نفهم اللعبة القذرة التي تقوم بها الامارات، وهي عملياً لعبة فيها جزئية تنسيق مع حل علي صالح، وبالعودة الى ما جرى في المكلا، عندما سقطت بيد القاعدة عام 2015 ودون اي مواجهة مع الجيش رغم وجود معسكرات واسلحة ثقيلة قادرة على حماية المدينة. فمن الواضح أن ثمة تواطؤ، ولا يعني هذا انه إنكار لوجود القاعدة والتقليل منها.

واستراتيجية نظام صالح كان استخدام القاعدة كفزاعة أمام المجتمع الدولي، للحصول على دعم. وهي ادوات فقدت اجندتها، الا أن الامارات عملت على وراثة هذا الملف من نظام صالح، وخلال السنوات الثلاث كان مستوى التنسيق عاليا مع الولايات المتحدة.
وقامت الامارات بتوظيف ملف القاعدة بأبشع الوسائل؛ وقامت بتصفية حساباتها مع خصومها من خلال تلفيق تهم القاعدة.

واعتقلت مئات المواطنين في سجون سرية باعتبارهم عناصر قاعدة. وهي غالباً ما تكون إجراءات ملفقة.

وعندما تم تحرير المكلا من مقاتلي القاعدة، حدث الأمر بسلاسة بعد اتفاق مع مقاتلي أنصار الشريعة عبر وسطاء، وادارت الامارات هذا الملف، لكن لماذا تم ابقاء القاعدة أكثر من عام يحكمون المكلا عاصمة حضرموت. فالمسألة استمرار لإدارة تلك الفزاعة وتوظيفها ضمن التنسيق العالي مع العالم لمكافحة الإرهاب، ومن ثم تمرير اجندة خاصة.

كيف تم السكوت طوال تلك المدة لوجود القاعدة، وكان وزير النقل في عام 2016 تحدث عن أن القاعدة كانت تجني يومياً 5 مليون دولار من تهريب المشتقات النفطية. وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام في العالم، بما فيها اعلام دول التحالف المشاركة في الحرب اليمنية، بأن ذلك ما تجنيه القاعدة من المتاجرة في النفط، واشارت الى ان القاعدة كانت تبيعه للحوثيين، وهي معلومات ربما تحدث عنها وزير النقل السابق دون معرفة؛ إلا أن الطرف الذي قدم له تلك المعلومات كان يريد هذا التضخيم.

ولا يعني أن القاعدة لم تحصل على الكثير من الأموال خلال تواجدها في المكلا، الا ان ما كان يتم تداوله ليس صحيحاً، لأن الذين كانوا يقومون بعملية استيراد المشتقات النفطية الى المكلا، هم تجار محليون، وعملية تهريبه الى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين كانت تتم بطريقة غير مباشرة، حيث يقوم تجار النفط ومالكي المحطات في صنعاء وغيرها من المناطق بشراء مشتقات نفطية من المكلا.
وبحسب ما اخبرني احد التجار، كانت القاعدة تحصل على 20 ريال على كل لتر، وربما تحصلوا على مبالغ اخرى، لكنها لن تصل الى تلك الحدود.

الا ان تضخيم الصورة هو جزء من إدارة الملف بمتطلباته المثيرة للرعب. وبالنسبة للإمارات فإن أكثر ما أثار استفزازهم هو لقاء رئيس الأركان اليمني في عدن مع قائد عسكري أمريكي، وناقشوا مسألة التنسيق حول مكافحة الإرهاب، وهو ما جن جنون ابوظبي ربما اكثر من خروج متظاهرين في حضرموت يمزقون صور خليفة ومحمد بن زياد رئيس الدولة ونائبه، اضافة الى دوس اعلام اماراتية. لإن ذلك ما تم اتهام حزب الاصلاح به، وربما تشهد حضرموت عمليات انتقامية ببعض المتظاهرين من خلال اخفاءهم أو حبسهم او اتهامهم بالقاعدة.

لكن أن تخسر الامارات تنسيقها الأمني مع واشنطن في مكافحة الارهاب، فهو أمر لن تقبله، و لهذا ستظل الامارات جزء من التحالف وفي نفس الوقت عامل تهديد للحكومة اليمنية عبر حلفائها. ودفع محافظ حضرموت، هو من ناحية الإشارة الى أن الحكومة تقوم بتصدير النفط، رغم انها عملية غير منتظمة كما هو معروف، والتلويح بدعم تمرد في أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة، والتي تنتج اعلى كمية من النفط في اليمن حالياً.

*نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك.
 

التعليقات