حجم الخسائر المعنوية والمادية التي خسرها السلاليون في اليمن حتى الآن ليست قليلة. وهي مرشحة للزيادة بصورة كارثية إذا وقعت الفأس في الرأس. والذي يمنع وقوع الفأس في الرأس حتى الآن هم الأمريكان بالدرجة الأولى، وربيبهم الإماراتي بالدرجة الثانية. وهناك أسرار عسكرية في هذا الصدد يتكتم عليها حتى طرف الشرعية خوفاً من إغضاب التحالف والأمريكان.
السلاليون يحظون برعاية دولية غير معلنة، يعرفها من كان له خبرة بسيطة بالسياسة والتاريخ الأمريكي. الجيش الذي أسقط صدام واعتقل بن لادن لن يعجزه غلام صعده وشيعة الشوارع لو كانوا يريدون إنهاء الفتنة.
ليست القضية هنا، بل في ذلك السؤال الذي يحتاج إلى تأمل: لماذا يغامر السلاليون - أو عامة الهاشميين - بكل هذه الخسائر والمخاطر في سبيل سلطة لا يعرفون حقيقتها المستقبلية؟. ما قيمة هذا الملك المحاط بالخسارة من كل نوع ومن كل اتجاه؟. لقد ورطوا أنفسهم وذرياتهم في عداوة مع اليمنيين لن تنتهي بسهولة. وهم يعلمون أن الأيام دول، كما قال القرآن والتاريخ.
نحن ندرك ما يدور في أذهانهم اليوم، فهم بالتأكيد يطرحون على أنفسهم هذه الأسئلة ويتخوفون من المستقبل أكثر من غيرهم. لأنهم يعلمون أن اليمنيين لن يغفروا لهم جرائمهم في حقهم، وأن الانتقام سيكون مؤلما وطويلاً. ولهذا يعولون على الزمن في تسوية القضية.
يقولون في أنفسهم: إذا أحكمنا قبضتنا على الدولة لمدة من الزمن فإن بإمكاننا تغيير هوية اليمنيين وتحوليهم إلى شيعة لنا عبر عملية غسيل دماغ واسعة للأجيال الجديدة. يرافقها تحسين لأوضاع الناس المادية إلى الحد الذي ينسون فيه أيام الجوع والمهانة ويخافون فيه من عودتها. وستنشأ مع الوقت شريحة اجتماعية تفضل النظام الملكي الإمامي على النظام الجمهوري.
وقد بدأت ملامحها في الظهور فعلا، بل إن هذه الشريحة كانت موجودة من أيام الخائن الأكبر عفاش، الذي هيأ اليمنيين لفكرة الملكية والتوريث من زمن. وما عليهم إلا استثمار رأس المال هذا.
السلاليون يعولون على الزمن في محو آثار الجريمة المروعة التي ارتكبوها طوال هذه الفترة. وهذا ما تريده الإدارة الأمريكية أيضاً، لأنها تفضل الملكيات المطيعة على الجمهوريات المشاغبة في المنطقة.
الجمهوريات تجلب الصداع لأمريكا، من جمهورية عبد الناصر، لجمهورية صدام، لجمهورية القذافي، لجمهورية الأسد، لجمهورية البشير، وغيرها. حتى لو أن بعض هذه الجمهوريات قد تخادم مع الإدارة الأمريكية ذات يوم، لكنها تظل أقل انصياعا واستسلاماً من الملكيات. وهي تفضل أن تكون الجزيرة العربية نادي ملكيات، فكل الملكيات العربية في علاقة جيدة مع إسرائيل!.
إنهم يعولون على الوقت، ونحن نعول على مكر الله الذي جربناه طوال العقود الماضية. ومكر الله يعمل من خلال القوانين الطبيعية. قوانين الصعود والسقوط.
* من حائط الكاتب على فيسبوك