بالأمس قرأت بيان الأحزاب السبعة وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام (فرع الرياض) والتجمع اليمني للإصلاح، واتحاد الرشاد السلفي، واليوم أعدت قراءة هذا البيان الذي لم يوقع عليه الناصريون والاشتراكيون، بتمعن شديد.. ووجدت أن البيان حمال أوجه، فهو في صيغته الحالية لا يتطابق مع أهداف الامارات إن لم يتصادم مع مخططاتها المباشرة على الأرض، لذا الحزبان القريبان منها لم يوقعان على البيان.
البيان جريء لكنه يستوجب التوقف عند النقاط التي أثارها ومنها إعادة صياغة اتفاقين أحدهما بين الرئيس والتحالف والثاني بين الشعب اليمني والتحالف..
الاول يريد تثبيت الرئيس في موقع لا يمكن لأي تسوية أن تتجاوزه والثاني، يتعلق بتحديد شكل العلاقة بين اليمنيين والتحالف في منتصف الحرب، وهذا يعني أنه في جزء منه قد يكون المغزى منه تصفير عداد أخطاء وكوارث التحالف، والبناء على الأخطاء التي أصبحت حقائق على الأرض ومن بينها التشكيلات المسلحة ومشروع الانفصال والطموحات السعودية في المهرة والطموحات الإماراتية في سقطرى.
لكن دعونا نحسن الظن في الأحزاب الموقعة على البيان، فقد أُجبرت على قول الكثير من محاسن التحالف وإلقاء كل اللوم على الحوثيين فيما يتعلق بالمآل السياسي والأمني والاقتصادي الذي أصبحت عليه البلاد، وهم بالفعل أساس البلاء، ولكن التحالف أضاف بلاء على البلاء بل هو الذي خطط لمجيئ الحوثيين إلى الساحة بهذه القوة وبهذه الإمكانيات.
فالبيان يؤيد الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة ولا يطالبها بالاستقالة، ويطالب بعودة إلى اليمن، وينتقد المجلس الانتقالي ويطالبه بالتحول إلى طرف سياسي، بالإضافة أن مباركة الأحزاب للحراك الوطني واسع النطاق الذي يمتد من تعز إلى المهرة تشكل أو تغطية سياسية ذات معنى من قبل الأحزاب المرتبطة بالشرعية، وهو تطور مهم في سياق دعم هذا الحراك باعتباره الخيار الأكثر أولوية في مواجهة مخططات تفكيك الدولة اليمنية وإضعاف السلطة الشرعية وتشتيت مكونات المجتمع اليمني.
ما من شك أن السعودية قد أملت الأحزاب على البيان جانباً مهما من مضمونه، أو أن الأحزاب صاغت هذا البيان بالحد الأدنى وبما لا غضب الرياض دون شريكتها في هذا التحالف|، وفي كلتا الحالتين يبرز التساؤل: لماذا لم يوقع عليه الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وهل يكشف هذا الغياب عن تباين في موقفي الرياض وأبوظبي.
في الواقع لدي اعتقاد راسخ بأن السعودية والإمارات ليسا على قلب رجل واحد فيما يتعلق بمصالحهما في اليمن بمعنى أنها ليست مصالح يمكن تقاسمها، لكن من المستبعد القول إنهما غير منسقان فيما يخص المضي في تحقيق أهدافهما المنفصلة كلية، فتفكيك الدولة هدف مشترك وإضعاف اليمن بمكونه الموحد أو المجزأ هو طموح حقيقي لهذا التحالف.
كمراقب مهتم بما يجري في بلدي أعتقد أن أقرب الطرق لخروج سعودي مشرف من اليمن هو الإسراع في بناء جبهة سياسية واسعة الطيف على رأسها السلطة الشرعية، للتعاطي مع المرحلة المقبلة والمضي قدماً في استكمال بقية الأهداف العسكرية.
أما المضي وفق مخطط الإمارات والرؤية الغربية التي تريد أن تكافئ الحوثيين فلا يعني سوى هزيمة مؤجلة للسعودية التي ستكون أضعف من أي وقت مضى ولن تستطيع إيقاف أي تقدم باتجاه عمقها الجغرافي سواء كان عبر جيش دولة أو ميلشيات.