زار محمد بن زايد الرياض قبل يومين وبخل على تلميذه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بلقاء علني يحرره ولو مؤقتاً من عزلة دولية صارمة على ما يبدو، واكتفى بلقاء والده في قصر العوج بالدرعية لبحث موضوع له علاقة مباشرة بالحرب في اليمن التي شكلت أحد المداخل الرئيسة لمحمد بن سلمان من أجل بلوغ طموحه في ملك بلاده.
وأمس الاثنين اختار بن زايد أن يلتقي في ابوظبي وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت بحضور ممثلين عن دول وتيارات وأحزاب من الوطن العربي الذين تجمعوا في إطار منتدى مثير للاستغراب يبحث في "المواطنة الشاملة" التي إن اُنتهكت فلن تنتهك سوى في الامارات، وهو المنتدى نظمته وكالة ويلتون بارك البريطانية.
يبدو أن بن زايد يستميت في تجاوز عقدة العزلة الدولية التي وقع فيها شريكه بن سلمان في الرياض، لذا لم يتردد في استدعاء قيادة الإصلاح لزيارة لم يكن أكثر المراقبين تفاؤلاً يتوقعها، بعد أن شحنت الإمارات البيئة السياسية في اليمن بكراهية الإصلاح، وأحدثت الإنقسام على أساس الذي لا يتخذ موقفاً عدائياً من الإصلاح والإخوان، فليس مع التحالف.
نحن إذا أمام تطور نوعي يؤشر إلى أنه لم يعد أمام تحالف الرياض-ابوظبي من خيارات لاستبقاء حرب اليمن كأحد الوسائل الفعالة لإعادة صياغة مستقبل المنطقة بما يتفق مع استراتيجية تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي الذي تتحكم فيه تل ابيب وواشنطن.
فالضغوط الهائلة على هذا التحالف والتي تعاظمت بعد مأزق مقتل خاشقجي الذي يلتف حول عنق الأسرة المالكة السعودية كحبل المشنقة، هو الذي يدفع بالتحالف إلى تثبيت الفارق الاستراتيجي في حرب اليمن لصالح هذا التحالف والمعسكر المرتبط به حتى لو كان ضمن هذا المعسكر أعداء من صنف الإصلاح والإخوان المسلمين والسروريين.
تقديري أن مبرر وجود رئيس الإصلاح وأمينه العام في لقاء بن زايد مع وزير الخارجية البريطاني الذي جاء اصلاً لبحث ملف الحرب في اليمن ما يستدعي لقاء مغلقاً في الأساس، هو حاجة بن زايد لأن يظهر بأنه يحارب في اليمن ومن خلفه كل المكونات بمن فيهم قادة حزب الإصلاح الذي استأجر بن زايد قتلة إسرائيليين وأمريكيين لاغتيالهم في عدن وتعز والمحافظات الجنوبية.
ومن يدري فلعل إحدى دوافعه أيضاً إبقاء هذه الجريمة تحت السيطرة، من خلال إخراج الإصلاح من دائرة الاتهام الاماراتية السعودية له بالأخونة، وإطلاق سراح قادته عبر إضافة عاصمة عربية جديدة يمكن أن ينتقلوا عبرها ضمن المساحة المتاحة لهم في مرحلة الحرب.