تحتفل الحكومة الإيرانية بمرور أربعة عقود على قيام الثورة في 1979، ومنذ ذلك الحين وهي تصدر العنف المزعزع للأمن والاستقرار إلى لبنان وسوريا والعراق وإلى بلادي اليمن، إن هذه الحكومة ترعى الهجمات الإرهابية في معظم قارات العالم، وقد أثرت القيادات في إيران على حساب شعبها، ونشرت الرعب والقلاقل بما يتجاوز حدودها، بالفعل هي الذكرى السعيدة الأربعون.
ولكن دعونا من هذا كله، في الأعوام الأربعة الاخيرة نُكب اليمنيون بالحرب التي عجلت بها الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران بالانقلاب الذي استولت به على البلاد.
وقد أكد الرئيس عبدربه منصور هادي محقّاً بأن اليمنيين لا يريدون أن تكون لهم أي صلة بالثورة الإيرانية، هم يريدون حكومة تستجيب لمطالبهم هم لا للحرس الثوري الإيراني.
لطالما مقت اليمنيون الطائفية، ونحن نرفض النموذج الإيراني الذي يؤلب الجماعات ضد بعضها، قد يكون اليمنيون متواضعو الحال، ولا يتمتعون بموارد كتلك التي لدى جيرانهم، وهم لا يبيتون أي طموحات لخوض اللعبة الجيوسياسة بين القوى الكبرى.
ولكن لدينا اعتزاز بذاتنا وباستقلاليتنا وبموروثنا الثقافي الغني ، اليمن موطننا نشأت فيها إحدى أقدم حضارات العالم ويعود العرب بأصولهم وجذورهم إليه . منه انطلقت القوافل التجارية بسلام الى أقصى مقاصدها، ومنه أتت القهوة الشهيرة المسماة ب (موكا) نسبة إلى ميناء تصديرها.
قبل نشوب هذه الحرب كنّا على يقين بأن القادم من الأيام سيكون أفضل، وكنا قد أنجزنا انتقالاً سلمياً للسلطة في العام 2011 ، وتبعه مؤتمر وطني للحوار أسمع كل اليمنيين فيه صوتهم، وتلقينا درساً قاسياً مرده إلى أن هذا الجمع الشامل لم يكن ليتسق أبداً مع النزعة التوسعية الإيرانية، وفقاً لما صرح به مسؤول إيراني كبير لرويترز بالقول أن الفوز في المعركة باليمن سيساعد في تحديد توازن القوى في الشرق الأوسط.
لم تشاورنا طهران عندما اختارت اليمن ليكون المسرح القادم لحملتها الثورية، بل وأساءت إيران إلى اليمنيين عندما راحت تتباهى بضم صنعاء إلى بغداد وبيروت ودمشق بصفتها العواصم العربية التابعة للثورة الإسلامية الإيرانية .
ماذا مثلت لعبة القوة الإيرانية لنا في اليمن؟ لقد وجهت البنادق الإيرانية الى صدور اليمنيين وزرعت الألغام الإيرانية في مزارعهم وعلّم الخبراء الإيرانيون المتطرفين كيف يستخدمون ابناء اليمن كدروع بشرية لهم ، وقصفت الطائرات الإيرانية المسيرة العروض السلمية، وأطلقت الصواريخ الإيرانية من ارضنا على الدول المجاورة.
لقد تعلمنا بما لا يدع مجالاً للشك بأن السلام وثورة إيران لا يلتقيان ، الحكومة الشرعية لليمن تنشد السلام ولبلوغ هذا الهدف يمكن لها أن تتجاوز فظائع لا تحصى بل وتحتوي الحوثيين ضمن حوار سياسي جديد.
نحن نتبنى وبكل إخلاص جهود الوساطة التي يقوم بها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيثس ، كنّا قد حققنا اختراقاً في ديسمبر الماضي عندما وافق الحوثيون على الانسحاب من ميناء الحديدة والسماح للدعم بان يصل الى محتاجيه في اليمن، ولكن عوضاً عن المغادرة أرسلوا التعزيزات، واخترقوا اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 400 مرة ووضعوا مسؤولي الامم المتحدة وموظفي الإغاثة في وضع حرج.
لم تضغط إيران على الحوثيين للتمسك بالاتفاق بل برزت دلائل أكثر هذه الفترة تبين كيف تُذكي إيران شعلة الصراع.
لأجل ابناء اليمن لابد من حدوث تغيير ، على العالم أن يمارس الضغوط على الحوثيين وداعميهم الإيرانيين ، اليمن بحاجة إلى حوار يستند إلى أفعال حقيقية ، وإلى حوار سياسي حقيقي ، نحن بحاجة إلى التوافق والتعايش ، وما لا نريده مطلقاً هو ثورتك يا إيران.
د- أحمد عوض بن مبارك - سفير اليمن في واشنطن.
المقال نقلاً عن صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.