في زمن اللامنطق ، في حين اصبح العرب على الهامش بتقرير مصيرهم ، تحول التطبيع مع اسرائيل من الحكام الى الشعوب ،ظاهرة متنامية وخطيرة على المدى البعيد ، بفعل الإعلام المسيس الذي يسعى بكل الوسائل ، لطمس ذاكرة الشعوب ، وتحويل التطبيع لفعل اعتيادي ، والقبول بدولة محتلة لأرض عربية ، وبهذا سينعكس سلبا في قادم الأيام على الأجيال تباعا..
نجد اليوم الكثير من الشباب يبررون تواجد إسرائيل وتعامل البلدان العربية معها كدولة ، بطريقة ساذجة سوى بقصد او دون قصد ، ويعبر عنها انها فرضت تواجدها وقوتها ، وعلينا احترامها ، وعقد سلام دائم معها..
متناسيين او متجاهلين عمدا حقيقة أنها مغتصبة ، ومحتلة ، لأرض عربية ، والحقتها بإحتلال الجولان الأرض السورية ، تواجد اسرائيل طعنة في خاصرة الشرق الأوسط ، والجزيرة العربية ككل..
واليوم يتم مهاجمة كل من يحمل ويدافع عن القضية الفلسطينية ، بإعتبار مناصرتهم مبالغة وإستغلال للقضايا القومية ، ولم يقدم لها الا الشعارات الصارخة..
قد نتفق او نختلف بطرق المقاومة والأساليب المتبعة ، في ظل تكالب عالمي على كل من يدافع عنها ويقف معها ، لكن هذا غير مبرر للسكوت عن مايفعله الإحتلال او حتى التفكير بالقبول به في ارض عربية ، او مهاجمة من يقاومون الصهاينة واتهامهم بالتخلف..
لايدرك الكثير أنه حتى لو توصلت الشعوب الى سلام مع اسرائيل فهو سلام شكلي وخاوي ولن يستمر ، انها خطر على القومية والنهضة والحضارة على المدى البعيد ، خطرها ليس آني ، وحروبنا معها حرب وجودية ، وليست وليدة اللحظة ، او سياسية مؤقتة كإيران وغيرها..
تغليب خطرها بإيران او مساواتها معها ، تقييم عاطفي ناتج عن إنفعالات اللحظة منها بسبب سياستهم الخارجية ، وإغفال عن الخطر الجغرافي الذي تمثله اسرائيل فوجودها اكبر طعنة تأريخية في جغرافيا العرب..
ومن هذا المدخل ندرك أهم أسباب الحرب على اليمن ، إن حرب اليمن ليست طائفية ، او صراع سلطة ، او إقليمية فقط..
انها حرب دولية ، بإيادي إقليمية ، لخلق حالة من الفوضى طويلة الأمد ، وبث روح الكراهية بين الشعب وزرع الطائفية لتستمر الحروب الأهلية..
لتصبح الشعوب منشغلة بنفسها ، غارقة بألامها متناسيين قضيتهم الأزلية..
كل الذي يحدث في اليمن وسوريا وليبيا والعراق ، خلفة إسرائيل مع حليفتها أمريكا ، بأيادي مرتزقتها من الحكام واصحاب القرار من العرب ، فهي تقتات من تدمير الشعوب..
لتحافظ على تواجدها في جغرافيا العرب ، فتواجدها مرتبط بفوضى الشعوب ، وصرف انظارهم عن القضايا الأخرى.. بمساعدة الإمارات والسعودية ، وقد صرح ترامب بكل وضوح ، حيث قال لولا السعودية لما بقيت إسرائيل..
وهكذا تم إستهداف كل من يتبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية ، واولها اليمن التي تمردت ورفضت بيع القضية كالدول الأخرى..
وقد شكلت مركزا مهما في مقاومة إسرائيل وأمريكا بأذرعهم الإقليمية ، فواجهة قوى الإستكبار ، بكل شموخ ، وحافظت على وهج وروح المقاومة والمواجهة بذات الوقت ، وتصدت لمشاريع التقسيم لتحافظ على إستقلالية قرارها وسيادتها وجغرافيتها رغم الجراح.