السعودية التي أكلت الثوم وأساءت لجيرانها
الاربعاء, 17 يوليو, 2019 - 04:40 مساءً

الى اين تريد السعودية ان تصل بمغامرتها العسكرية المنفصلة في محافظة المهرة اليمنية؟
 
سؤال فرضه الظهور المثير للاهتمام لمحافظ المهرة الذي دفع الى مقابلة مع قناة الحدث السعودية التي تبث من دبي.
 
الأسئلة التي قدمت للمحافظ باكريت أوضحت بجلاء الهدف من هذه المقابلة، لقد ارادت الرياض ان تصرف الأنظار عن جوهر المشكلة في المهرة؛ فهي تريد ان تقول ان الآلاف من قواتها المنتشرة في المهرة جاءت لتسد ثغرة أمنية خطيرة مرتبطة بتهريب "المخدرات والأسلحة".
 
على مدى عامين تقريبا لم تعلن السعودية عن عملية واحدة أحبطت فيها محاولة تهريب سواء عبر البحر او عبر المنافذ الحدودية الرسمية مع سلطنة عمان، علما بان الحدود البرية بين اليمن والسلطنة محصنة بسياج حديدي ونظام رقابة فعال ولا تسمح باختراقات من هذا النوع.
 
الحقيقة الناصعة التي ارادت الرياض التغطية عليها عبر التصريحات الخطيرة لمحافظ المهرة صاحب الخبرة الطويلة في الأنشطة التخريبية، هي في حقيقة الامر ذات طابع جيوسياسي مرتبط بالوضع الناشئ عن الاحتلال العسكري المباشر لمحافظة سقطرى اليمنية المسالمة والبعيدة عن مسرح العمليات العسكرية بنحو 800 كم.
 
الوجود العسكري السعودي الذي يتطور بشكل متسارع ليصبح احتلالا مكتمل الأركان هو مبتدأ المشاكل في المهرة ومنتهاها، فهو الذي قوض ويقوض كل مظاهر الحياة والاستقرار والسلم الاجتماعي في المحافظة، ومارس السعوديون عبر ه كل أشكال النفوذ المباشر في دلالة واضحة على النزعة التوسعية التي لازمت الدولة السعودية طيلة العقود الماضية من تاريخها الى حد كل الدول المجترة لها تحتفظ بملف أزمة حدودي مع السعودية.
 
الى جانب نهجها العدائي الذي كان ولا يزال يتغذى من المذهب الوهابي المتشدد وذي النزعة العنفية المتطرفة..
 
انتهجت السعودية في المهرة اسلوبا يختلف قليلا عن النهج الاماراتي في بقية المحافظات الجنوبية، فقد اختارت ان تنجز مشروعها التوسعي على حساب السيادة اليمنية في المهرة، تحت علم الجمهورية اليمنية ونشيدها والتعليمات الرئاسية التي تصدر من المقر الرئاسي المحاصر في دار ضيافة خاص بالرياض.
 
وما نراه اليوم هو ان السعودية طوعت رأس السلطة الشرعية ليبدو حضورها العسكري السعودي المنفصل عن سياق الأزمة والحرب في اليمن، شرعيا وجزء من مهمة التحالف العسكري السعودي الاماراتي، لا يحتمل اي اي تأويل آخر.
 
دفعت المذيعة المحافظ بتكريت دفعا لينطق بالعبارة التي صاغتها المخابرات السعودية، وهي ان عمان تدعم الحركات الاحتجاجية في المهرة.
 
في البدء حاول المحافظ التخفيف من حدة الاتهام الموجه الى السلطنة ليبدأ باتهام قطر ويلجأ الى التبعيض فيما يخص الدور العماني، قبل ان يخضع لإملاءات المخابرات السعودية التي تمت عبر هذه المقابلة التلفزيونية، وينفي صفة الحياد عن الدور العماني.
 
انا هنا لست معنيا بما تريد السعودية قوله او تثبيته ضد دولة قطر او سلطنة عمان، ما يهمني هو ان هذا التصعيد السعودي الذي يغامر بتفجير المواقف والخلافات مع جيرانه الأقربين، لا يفعل كل ذلك لأجل ان يحظى بفرصة لمواصلة "مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة" عبر المهرة، استنادا الى ذريعة ثبت زيفها بالدليل القاطع خصوصا مع كل محاولة لربطها بالجارة الشقيقة سلطنة عمان.
 
السعودية تفعل كل ذلك لانها توجه كل عاصفة حزمها للاستحواذ على محافظة المهرة بكل السبل الممكنة، تماما كما تفعل الامارات في ارخبيل سقطرى، ولهذا تسعى الرياض بكل ما أوتيت من حيلة ومكر الى اجهاض التحركات الشعبية التي يقودها ابطال المهرة وفي مقدمتهم اللواء علي سالم الحريزي.
 
هذه الاعتصامات هي التي تُبقِي المنافذ الحدودية البرية بين اليمن وسلطنة عمان مفتوحة ومتنفسا لملايين اليمنيين، ولهذا لا نستغرب ان يكون أحد أهداف التصريحات الأخيرة لمحافظ المهرة الموالي للسعودية هي التلويح بإغلاق المنافذ.
 
ان اجراء كهذا سوف يضيق من خيارات اليمنيين ويجعلهم رهن الترتيبات السعودية الاماراتية بشأن مستقبلهم وهي ترتيبات تعبر عن حجم العداء الذي تكتنزه هاتان الدولتان تجاه اليمن وخياراته السياسية، والأهم من ذلك انها تعبر عن مخططات خطيرة للاستحواذ على أراضيه عبر استغلال الظرف الراهن الذي تمر بها البلاد.
 
لكن اخطر التداعيات لأي محاولة لاغلاق الحدود ستتجلى في تصعيد لا سابق له من جانب ابناء المهرة ومن خلفهم الشعب اليمني، وحينها سنرى ستدير السعودية- التي اصيبت مطاراتها الجنوبية في الشلل وهي في طريقها للقضاء على الحوثيين كما تزعم- حرب ضد شعب يطالب بحريته وكرامته على ارضه، وهي تواجه كل أصناف الفشل في تحقيق أهدافها المعلنة التي سوغت لوجودها على ارض اليمن.

*نقلا عن صفحة الكاتب من الفيسبوك
 

التعليقات