هل أخطأت حركة النهضة التونسية حين قدما مرشحها في الانتخابات الرئاسية ؟!
الجمعة, 09 أغسطس, 2019 - 08:00 مساءً

مؤخرا دفعت حركة النهضة التونسية بالقيادي البارز فيها الشيخ عبد الفتاح مورو للترشح للانتخابات الرئاسية في تونس لكن السؤال الذي يتبعه تساؤلات هو : هل تقديم حركة النهضة التونسية للشيخ عبد الفتاح مورو مرشحا للانتخابات الرئاسية قرار صائب أم خطوة في غير محلها ؟
 
وهل ينطبق الوضع في مصر على وضع تونس أم الأمر مختلف في تونس ؟
 
 مؤخرا نصح المفكر الكويتي الشهير الدكتور عبد الله النفيسي- في تغريدة له-  النهضة التونسية بعدم تقديم مرشح الرئاسة وذكرهم بما حدث في مصر حيث انقلبت الدولة العميقة على التجربة الديمقراطية التي جاءت بالرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي رحمه الله .
 
فإلى اي مدى كان الدكتور النفيسي موفقا في نصيحته ؟
 
وهل ما يزال فوز رئيس من الإسلاميين مدعاة لاستنفار دول اقليمية وجهات عديدة للتكالب على هذه التجربة وافشالها ؟!
 
صحيح ان أهل تونس أدرى بشعابها وهم أخبر بواقعهم لكن لابد من نقاش الأمر وإثراءه بمقاربات موضوعية فالتجربة التونسية ملهمة ومؤثرة ..
 
البعض من المراقبين يرون بأن قرار النهضة بترشيح الشيخ عبد الفتاح مورو غير موفق فالرجل وان كان شيخ وداعية معروف لكنه قليل الخبرة في الناحية السياسية وقد بلغ من العمر مبلغه ولو انهم دعموا ترشيح الرئيس السابق المنصف المرزوقي فهو أمر جيد فالرئيس المرزوقي له بصمات ونجاحات رائعة خلال فترة رئاسته وله جمهور كبير وسمعة طيبة بتونس وان لم يكن من الإسلاميين أو لو أنهم قدموا شاب من ذوي الخبرة والكفاءة لكان أفضل .
 
هناك تساؤلات كثيرة حول هذا القرار وهل هذا الترشيح مبدئي وسينسحب لصالح مرشح اخر في وقت لاحق أم انه نهائي ولا رجعة فيه ؟
 
أم انه لقياس جمهور النهضة والحفاظ على اصوات أعضاءها من الذهاب لمرشح آخر ؟
 
 التفكير في الخيار الأخير في حال صحته سيكون من الخطأ برأي الكثير من المراقبين اذ ينبغي على الإسلاميين أن لا يكون همهم الحفاظ على أصوات جمهورهم عبر مرشح رئاسي سواء نجح أو فشل بل من الذكاء ان يقفوا خلف مرشح رئاسي يحقق لهم ولو الأدنى من مطالبهم وبرنامجهم أفضل من الدفع بمرشح للرئاسة والفوز برئاسة دولة عربية في هذه الظروف وتصدر الواجهة في بلد تحيط به الاضطرابات والتجاذبات وتتركز عليه الأنظار من كل جانب بل ويعيش تحديات كبيرة وجسيمة لن يتم التغلب عليها الا باصطفاف وطني واسع وحكومة تنكوقراط وسلطة غير محسوبة على الإسلاميين .
 
هناك من يختلف مع هذه الآراء ويرى انه على الاسلاميين تجاوز الخوف من الرئاسة وتصدر الواجهة وعليهم ان يكونوا ذوي شجاعة وجسارة ويتحملوا المسؤولية ويقودوا بلدانهم إلى ما فيه نهضتها رغم كل العوائق والتحديات الداخلية والخارجية ويكسروا المخاوف منهم وهذا رأيي له بعض الوجاهة ونحترمه ونقدره أيضا وان اختلفنا معه .  
 
قناعتي ان التيار الإسلامي بحاجة لمزيد من الخبرة السياسية وفهم وادراك ألاعيب الخصوم وسبل مواجهتها وتأثير القوى الدولية والإقليمية في الشأن المحلي وينبغي ان لا تكون رأس السلطة هي كل همهم وغاية أمرهم بل ينبغي عليهم صياغة مشروع وطني تنموي أو العمل على صياغة مشروع وطني تنموي ناجح بمشاركة كافة التيارات وإقناع السلطة اي سلطة والضغط عليها لتنفيذه والاستفادة من التجارب التنموية الناجحة في المنطقة والعالم والبناء على ما تحقق من بنية تحتية وخطط تنموية سابقة اذ لابد ان يكون هم النهوض بالوطن هو الهم السائد وليس من يقود ويتصدر الواجهة .
 
كما ان تجربة حزب العدالة والتنمية بتركيا يمكن ان تستفيد منها النهضة فتبدأ بالتدرج في السلطة من المحليات والبلديات ثم المجالس النيابية " البرلمان " ثم الحكومة ثم الرئاسة بعد ذلك فيكون الصعود بشكل هرمي بعد بناء قاعدة صلبة وتقديم نجاحات كبيرة وكسب تأييد الشعب .
 
يمكن لمرشح مثل المنصف المرزوقي لو تحالفت معه النهضة ودعمته ان يقود تونس لبر الأمان ويعمل على النهوض بها واحداث تنمية واصلاحات كبيرة فيها وسيكون على الإسلاميين دعمه ومساندته والوقوف خلفه وان لم يكن محسوبا عليهم فالتحالفات اليوم هي اللغة السائدة في عالم السياسية في العالم ..
 
ثم إلى اي مدى يمثل تقديم مرشح من النهضة أولوية لها ؟!
 
وما هي المصالح والمفاسد المترتبة على فوزه أو خسارته ؟
 
أو دعم النهضة لمرشح آخر ؟
 
وهل تم دراسة مثل هذه الأمور دراسة جادة ثم جاء قرار ترشيح مورو عقب حدوث مثل هذه الدراسات أم أنه قرار ارتجالي ومتسرع ؟!
 
الاسلاميون بحاجة إلى مراجعات وقراءات ودراسة عميقة لواقعهم وتقييم لجهودهم والاعتراف بأنهم بشر اي انهم اصابوا واخطاوا فعلى الصعيد الشخصي منذ ربع قرن لم اسمع يوما لمرجع إسلامي بارز يقول " نحن أخطأنا " .
 
الإسلاميون بحاجة ماسة لمراكز دراسات وأبحاث تمدهم بدراسات وتوصيات ليستفيدوا منها ويتحركوا وفقها شأن الكثير من الدول والحكومات في العالم التي تتحرك وفق دراسات رصينة وخطط عملية ومشاريع استراتيجية بعيدا عن العاطفة والارتجال ومبدأ الثقة قبل الكفاءة الذي كان وما يزال يحكم تفكير الكثير من الإسلاميين والذي اهدر عليهم الكثير من فرص النجاح بالمؤسسات والهيئات والمشاريع التابعة لهم للأسف الشديد ..
 
 واذا عدنا إلى التساؤلات التي لم تتوقف منذ ترشح مورو فكثير من المتابعين يتساءلون: ماذا سيقدم الشيخ عبد الفتاح مورو لتونس لو فاز بالرئاسة وعمره فوق السبعين عاما ؟!
 
لقد ذهب نشاط الشباب وحماسته وجهده وجاءت الشيخوخة بكل متاعبها والامها وظروفها .
 
هناك بالطبع من سيرد على تساؤل كهذا بقوله : وهل الرئاسة والإدارة بالسن ام بالعقل فهاهو مهاتير محمد في منتصف التسعينات وما يزال يقود ماليزيا إلى آفاق واسعة من التقدم والنهوض الحضاري ؟
 
 واذا كنا لن نتجاهل خبرة الشيوخ وتجاربهم فإلى متى ايضا يظل الشباب طاقة معطلة في عالمنا العربي عند كافة التيارات ؟
 
وما المانع ان يكون مرشح النهضة شابا ثم يستفيد من خبرة الشيوخ وتجاربهم ويستمع لمشورتهم ؟!
 
البعض أشاد بموقف الشيخ عبد الفتاح مورو ومشيه خلف جنازة الرئيس التونسي ال
 
البعض أشاد بموقف الشيخ عبد الفتاح مورو ومشيه خلف جنازة الرئيس التونسي الراحل الباجي السبسي وتصويره على انه رجل الانفتاح والحكمة والعقلانية والبعض هاجمه بشكل نسف اي فضيلة له وقد كتبت عن هذا الأمر مقالا اوضحت فيه رأيي واتمنى ان يأتي يوم تدرس التيارات الإسلامية واقعها وتدرك أولوياتها وتستعين بمراكز الأبحاث والدراسات ويعترف قادتها أنهم بشر يصيبون ويقعون في الخطأ ايضا .
 

التعليقات