يحتدم الجدل في السودان حول المهمة العسكرية لقواتهم في اليمن، ورئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، أكد أن حكومته ستجري خفضاً تدريجياً لهذه القوات ليصل قوامها إلى خمسة آلاف بدلاً من 15ألف حالياً.
هذا شيء جيد بالتأكيد، والمفروض أن يجري سريعاً سحب كامل القوات السودانية من اليمن، لأن من شأن إجراء كهذا أن يضع التحالف بقيادة الرياض، أمام تطور يفترض أن يلتف معه هذا التحالف نحو الجيش الوطني الذي جرى تهميشه عمداً حتى لا تنتهي المعركة إلى ما يتطلع له اليمنيون.
مع تقديرنا العالي للتضحيات التي قدمتها القوات السودانية الشقيقة في بلدنا، انطلاقاً من قناعتها بأنها تساعدنا على استعادة دولتنا، فإننا على يقين أن هذه المهمة لم تكن للأسف الشديد سوى جزء من مخطط تعطيل الدور المفترض للجيش الوطني الذي يمتلك كافة الاستعدادات القتالية لدحر الانقلاب واستعادة الدولة.
الرياض كما هي ابوظبي، من خلال جلب قوات عربية إلى اليمن، أرادا أن يظهرا أن تدخلهما العسكري في اليمن يأتي ضمن تحالف عربي واسع لتجنب مواجهة هزيمة قد تنجم عن غرق محتمل في المستنقع اليمني. ولا أرى أن هناك مستنقع أصلاً سوى ذلك الذي يصنعه الطفح القذر من مخلفات السلوك السياسي والعسكري السعودي الإماراتي في شكل انقلابات واتفاقات وتفاهمات داخل الغرف المغلقة ضد كل ما له علاقة بالدولة اليمنية ومصالح الشعب اليمني وتطلعاته المشروعة لاستعادة دولته الموحدة.
لا يحتاج المرء إلى بذل المزيد من الجهد لإدراك ما خفي من الأهداف الأنانية السيئة لهذا التدخل العسكري والتي تتبدى على نحو ما نراه اليوم من هندسة وقحة لمشهد سياسي عنوانه إضعاف الدولة وتفكيك الجغرافيا والنوايا المفضوحة للاستحواذ على أجزاء حيوية من التراب الوطني.
اليمنيون لا يحتاجون لقوات سودانية أو سعودية أو إماراتية لتقاتل نيابة عنهم، وإنما يريدون نوايا حسنة وإسناد تسليحي والأهم من ذلك كله، يريدون لحكومتهم أن تقوم بدورها كاملاً وأن تستفيد من الموارد الاقتصاد المتاحة لتأمين السلاح والنفقات التشغيلية.
فهذه الموارد تعاني منذ خمس أعوام من التعطيل المتعمد من جانب هذا التحالف، ما تسبب في وقف الإنتاج النفطي وتحويل منشآت حيوية مثل مصنع تسييل الغاز الطبيعي في بلحاف ومطار المكلا(الريان) إلى سجون سرية للتغييب والتعذيب والقتل الممنهج للمناضلين اليمنيين.
* نقلا عن صفحة الكاتب من الفيسبوك