تعود العلاقه بين ضفتي البحر العربي وخليج عدن إلى مرحلة ما قبل الميلاد، حيث تدل المكتشفات الأثرية إلى معرفة الصوماليين بخط المسند العربي القديم، واشتراك الصوماليين مع اليمنيين القدماء في المعبودات القديمه كآله القمر"عم"، ويبدو أنها كانت عادة قديمة درجت عليها الأمم السابقة.
حيث انتسبت القبائل والشعوب في العصور القديمة إلى الالهة كانتساب الاغريق إلى زيوس، وانتساب بعض أهل الكتاب إلى الله "تعالى الله عما يصفون"، كما جاء في الآية: اذ قالت اليهود نحن ابناء الله واحباءه.
إن تشابه بعض التراكيب والمصطلحات اللغويه مثل الغنم يطلق عليها في اللغة الصومالية "ارو" يقابلها في المهرية "حارون"، والبقر "لو" يقابلها بالمهرية "لى" وغيرها من المصطلحات التى لها الأثر الواضح في الأصول المشتركة.
إن الأساليب المعيشية والألبسة والعادات والتقاليد لها الأثر الواضح في انتقال تلك الأساليب من جنوب الجزيرة العرببة "المهرة" إلى القرن الافريقي مثل ارتداء المعوز "الازار" والصبيغه والقمصان.
وعلى سبيل الانشطه الحياتية نجد التشابه يكاد يصل حد التطابق، وذلك لتشابه طبيعة الأرض والتقارب النفسي بين المهرة وخاصه قبائل الدارود "ابناء العم" وخاصه اقتناءهم ومحبتهم للإبل وصيد الأسماك وجمع اللبان وصناعه البخور وكذلك الفخاريات وغيرها.
كل هذا التشابه ألقى بضلاله على العيش المشترك، وصنع رابط تاريخي واجتماع كبير بين قبائل المهرة وقبائل الدارود، وترجم من خلال الهجرات المتبادله بينهما، حيث عاش الكثير من أبناء الدارود في أرض المهرة قديما، ولاتزال قبائل الصواخرون وعلي سليمان وريري عمر ودشيشيه لها تواجد وبصمة واضحة في الذاكرة الجمعية لابناء المهرة وحضرموت، وذلك من خلال التبادل التجاري والثقافي والاجتماعي، حيث كانت التزواج والتصاهر القبلي بين هذه القبائل وقبائل المنطقة، كما يلقى أبناء الدارود قبولا مجتمعيا ولم يشعرو بانهم غرباء في هذه الأرض.
وهذا ما حصل حديثا أثناء الحرب الأهلية في الصومال، حيث وفدت جماعات من أبناء الدارود إلى أرض المهره التى تقبلت وجودهم بسبب الإرث الثقافي والتاريخي والاجتماعي المشترك.
أيضا تواجدت قبائل المهرة في الصومال مثل عرب محمود صالح وبن نيمر ومشولي وعفرار وغيرها من القبائل، وكان لها القبول في المجتمع الصومالي، وخاصه المجرتين وعموم قبائل الدارود.
إن العادات القبليه والمهن المشتركة بين القبيلتين ساهمت بنوع من الانصهار المهني والاجتماعي بينهم، ويمارس الدارود في أرض المهرة نفس المهن التي مارسها أجدادنا مثل الاصطياد واستخراج وجمع اللبان، وكذلك جمع السردين "العيد" وتجفيفه وبنفس الاساليب المتبعه لدى أهالي المنطقة.
إن الانتماء إلى القبيلة وممارسة الشروع والعادات القبيلة وروابط النسب والقربي جعلت قبائل المهرة والدارود أكثر تقبلا لبعضهم البعض في جميع المراحل التاريخية.
وتشير المصادر التاريخية إلى نجدة المهرة للصومال خلال مرحلة الكشوف الجغرافية واحتلال البرتغاليين لسواحل جنوب الجزيرة العربية والقرن الافريقي، ويشير المؤرخ الحضرمي شنبل في تاريخه المسمى"تاريخ حوادث السنين" إلى هجوم البرتغالين في القرن العاشر على مدينة مقديشو واستعانه الصوماليين بقبائل المهرة بقيادة السلطان بودجانه وتحريرها من براثن البرتغاليين باسطول مكون من عشرات السفن.
ويذكر بافقيه في كتابه المسمى "تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر" دور المهرة في مساعدة الصومالين في مقاومة البرتغاليين.
كذلك الجيزاني في كتابه "تحفه الزمن في فتوح الحبشة" ذكر دور قبائل المهرة بقياده أحمد بن سليمان المهري وسعيد بن صعبان المهري ومساعدة الدارود في حربهم مع الحبشة، والدور الذي قامت به قبائل المهرة لتحرير الصومال من الاحباش.
الروابط الاجتماعية والتاريخية وأواصر القربى والتعاون بين المهرة والدارود ضاربة في عمق التاريخ، واستمد الحاضر من الماضي، حيث أن من عادات تتويج ملوك الدارود تتطلب مراسمه أن يتواجد ال عفرار في حفل تنصيب الملك، وهذه العادات تأتي في اطار موروث قديم له قيمته التاريخية والثقافية لما للمهرة والدارود من ارتباط وثيق منذ القدم.
*مقال خاص بالموقع بوست.