فعل الانتقالي وأتباعه في عدن ذكَّرني بالمثل الشعبي القائل : اشتي لحمة من كبشي واشتي كبشي يسير " .
طيب يا جماعة الخير ما تركب رجل في معاشيق ورجل في جولدمور ، فإمَّا أن تكونوا جزءًا من حكومة معين عبد الملك وإمَّا أن تستقيلون .
نعم ما قد حصلت أن يكون حزب أو جماعة أو مكون ضمن حكومة ومن ثم تُحرِّض وتدعو لإسقاطها .
وأكثر من ذلك تستغل حاجة الناس وظروفهم القاسية الناتجة في الأصل عن سوء إدارة أو قولوا إخفاق سياسي انت مشارك فيه ، ومن ثم تتبرأ منه فتركب موجة السخط والغضب الشعبي بزعم طُهرك من غلاء الاسعار وفقدان الخدمات وتدهور الأوضاع الحياتية اليومية .
لكم قلنا بإن المحافظات المحررة لا متسع فيها لسلطتين متناقضتين ومتصادمتين سياسيًا وذهنيًا وعمليًا وواقعيًا ، وبرغم تحذيراتنا من تعدد السلطات في عدن وجوارها فإننا لم نلمس أي جديد يوحي بأن المشكلات والأزمات في طريقها إلى المعالجة والتعافي .
أتعجب واتساءل كيف يستقيم الظل والعود أعوج ؟ فإمَّا أن الانتقالي وأتباعه يتوجب عليهم مراجعة حساباتهم وتصويب أدائهم ونهجهم وخطابهم أو أن الحكومة تستقيل وتغادر عدن وتعلن لليمنيين اسباب اخفاقها وفشلها في تطبيع الأوضاع الاقتصادية والخدمية والعسكرية والأمنية .
سيحدثك البعض عن دول التحالف وتحديدًا السعودية والإمارات ، وبل ويحملهما البعض الآخر مسؤولية تردي الخدمات وتدهور الإقتصاد أو ما ترتب عنه من مشكلات حياتية بلا حصر .
وهؤلاء معهم بعض الحق ، فلو أن الدولتان صدقتا في تعاطيهما مع الحالة اليمنية ؛ لما طال أمد الحرب ولما بقت الشرعية مغتربة في الرياض ، ولما رأينا الجغرافيا المحررة بهذه السوءة والتأزم .
ومع هذا وذاك ، ومع كل ما يقال هنا أو هناك ، المعضلة في شركاء الداخل الذين لم ولن يرتقوا لمصاف اللحظة التاريخية وتحدياتها الماثلة ، فجميعهم ، للأسف ، رهنوا قرارهم السياسي وشاركوا في ذبح شعبهم ووطنهم وعلى ما يشتهي الوزَّان مثلما يقال .
والمؤكد أن عدن وجوارها لن تتحرر من مشكلاتها القائمة في ظل كيانين سياسيين مختلفين ومتصادمين نظريًا وواقعيًا ، وإنَّه لمن السذاجة القول أن لدينا في عدن حكومة مناصفة ، بينما هي من الناحية العملية غير قادرة مزاولة أي نشاط سياسي أو اقتصادي يعبر عنها ويجسد سلطتها ونفوذها ورؤيتها .
والحقيقة المُرة هي أن الحكومة ظلت طوال الأعوام الفارطة مجرد رهينة في معاشيق ومهمتها لا تزيد عن لقاءات برتوكولية وأوامر روتينية عادية لا تتعدى التيسير للإنفاق والمصادقة على القرارات والمقترحات .
حذرنا مرارًا من وجود سلطتين في عدن أو سواها من المحافظات المحررة ، كما وطالبنا بإنضواء كافة المسميات والاسماء في كيان الشرعية .
حالة غريبة وشاذة ويستحيل علاجها بسلطتين وبرأسين ورؤيتين ، فدون وجود سلطة واحدة ، ستبقى هذه المحافظات ترفل بالازمات تلو الأخرى ، فإمَّا أن تكون هناك حكومة تجسد رؤية السلطة الشرعية المعترف بها دوليَّا ، وإمَّا أن تُفرض سلطة الأمر الواقع خاصة بعد سيطرتها وتحكمها بمعظم الشؤون الأمنية والعسكرية والإدارية والايرادية ، باستثناء موارد النفط والغاز ، وعلى أهميتها .
دعكم من الشطحات الثورية المزايدة ولنتكلم وبصدق ، فلابد من جهة تكون مسؤولة ونافذة ، ففي هذه الحالة يمكن تفهم أي مطالبة لمسآلة الحكومة أو إسقاطها إذا ما دعت الحاجة لذلك .
وإذا كان هنالك من مشكلة لها صلة بالحكومة ورئيسها ، فهي قبولها أن تكون مجرد مُشجب لتعليق أخطاء جميع الأطراف بما في ذلك دول التحالف ، وعليها أن تتحمل تبعات قبولها بسلطات ونفوذ محدودين وحصريين ، وفوق ذلك تحت رحمة الشريك الخصم .