هل ستفرض الأمم المتحدة إرادتها على المتمردين
السبت, 18 يونيو, 2016 - 05:03 مساءً

دخلت مشاورات الكويت مرحلة جديدة من المراوحة، التي تعني عدم إحراز أي تقدم وهي حالة لازمت هذه المشاورات منذ انطلاقتها في 21نيسان/ ابريل الماضي، وأسوأ ما فيها أنها عطلت خيار المواجهة العسكرية ومكنت الانقلابيين من الاستمرار في العبث والحرب وفي استغلال الفضاء الإعلامي لتسويق مواقف مراوغة.
 
هذه المرة بات الجميع ينتظر الموعد الذي سيطرح فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ الرؤية الأممية الملزمة للحل، وهي بحسب مصادر مطلعة حاولت المزج بين رؤيتي الحكومة والمتمردين، لكنها اقتربت أكثر من مضمون القرار الأممي رقم 2216 الذي يرفض المتمردون الحوثيون تنفيذه منذ صدوره، ولهذا سارعوا إلى رفض الرؤية، ونجحوا في حمل المبعوث الأممي على تأخير طرحها حتى اليوم.
 
لا يمكن لمشاورات الكويت باعتبارها صراع بين إرادتين متناقضتين في الطروحات والمطالب، أن تنجح في التوصل إلى سلام، مع أن ذلك كان يمكن أن يحدث لو أن الأطراف الدولية الراعية كانت التزمت بالعدالة في الضغوطات التي تمارسها على طرفي المشاورات.
 
الطرف الحكومي وحده هو من يتعرض للضغوطات ويحاول الرعاة الدوليون عبر سفرائهم المرابطين في الكويت، حمل الحكومة على الاقتراب من مطالب الحوثيين وحليفهم صالح عوضاً عن الضغط على المتمردين لحملهم على التقيد بقرار دولي ملزم وغير قابل للنقاش في مضمونه، فيما كان ينبغي أن تنحصر مشاورات الكويت في بحث الآلية المناسبة لتنفيذ هذا القرار، عبر الوسائل السياسية السلمية، وإلا فإن خيار القوة هو البديل.
 
أوثق التسريبات عن رؤية الأمم المتحدة بشأن الحل في اليمن، تشير إلى أنها حاولت أن تحدث مقاربة ذكية للقرار رقم 2216، فهي تشترط أن يبدأ الانسحاب وتسليم السلاح، من المنطقة (أ) والتي تشمل صنعاء وتعز والحديدة، وبالتزامن مع الانسحاب تعود الحكومة إلى العاصمة لممارسة دورها، وتالياً تشرع الأطراف في الترتيبات السياسية.
 
الرؤية الأممية بحسب التسريبات الموثوقة تحدثت عن ضرورة إلغاء ما يسمى “الإعلان الدستوري”، وما تسمى ” اللجنة الثورية العليا”وكل ما ترتب عليهما، وفي الحقيقة، هذا الأمر يمثل فخاً سياسياً للسلطة الشرعية، إذ ليس مطلوباً من جهة لا قيمة قانونية لها أن تتخذ قراراً حتى لو كان هذا القرار يلغي الانقلاب، لكي يحسب كما لو كان تنازلاً يستحق أن تقدم الحكومة مقابله تنازلاً مماثلاً.
 
لأن الحكومة الشرعية قائمة ومعترف بها دولياً وبالتالي الحكومة هي التي تمتلك الصفة القانونية لإنهاء كل الإجراءات غير القانونية التي اتخذت من قبل الميلشيا التي استحوذت على العاصمة بقوة السلاح.
 
إن منح الميلشيا صلاحية إلغاء ما كانت قد اتخذته من إجراءات وقرارات يعني اعترافاً ضمنياً لها بالوجود.. وهي مكافأة غير مستحقة للميليشا، أما المكافأة الثانية والأكثر أهمية التي ستحصل عليها الميلشيا أنها ستتجنب الخضوع لقواعد العدالة الانتقالية، وهو خطأ سيكون له أثر عميق على السلام والاستقرار في اليمن خلال المرحلة المقبلة.
 
تجنبت الأمم المتحدة بوسائل عدة الذهاب إلى فرض قراراتها الملزمة، على الانقلابيين وخصوصاً القرار الأخير الصادر تحت الفصل السابع، وتعمدت في بعض الأحيان الإساءة إلى دور التحالف الذي تحمل عبء تنفيذ هذا القرار، وها هي اليوم بعد أن حصدت الخيبة من مشاورات يبدو أنه لا أفق لها، ها هي تعود لفرض إرادتها ولكنها الإرادة التي لا تتطابق بالكامل مع القرار الأممي، ومع ذلك لا يمكننا اليقين بأن المنظمة الدولية ومن خلفها الرعاة الدوليون الآخرون سيفرضون الإرادة الدولية على المتمردين.
 
لم يعد هناك شيئ يمكن انتظاره من مشاورات الكويت سوى الرؤية التي من المقرر أن يعرضها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، على طرفي المشاورات.
 
لهذا فإن الرهان معقودٌ على جدية الأمم المتحدة ومدى استعدادها لإملاء إرادتها على طرف المشاورات بعد نحو ستين يوماً من الإخفاق في التوصل إلى نتيجة تعيد اليمنيين إلى طريق السلام.
 

التعليقات