ثورة 11 فبراير ليست شمّاعة!
الأحد, 11 فبراير, 2024 - 03:50 مساءً

نحن في  الذكرى الثالثة عشر لثورة 11 فبراير التغييرية السلمية.
 
الثورة التي كشفت وعرّت الحاكمين والنخب على حد سواء.. كشفت ضعف الدولة ورخاوتها وهشاشتها.. وكشفت الأحزاب وأحقادهم وثاراتهم..وأخرجت الإماميين من مخبأهم، وبينت تغلغلهم في الدولة العميقة وحتى في الأحزاب!
 
  وأظهرت ثورة فبراير  صدق توجه الشباب ونقائهم.. أظهرت تطلعاتهم للتغيير، فاستوردوا وقلدّوا.. وقد يُحسب لهم أو عليهم عدم امتلاكهم لرؤية ناضجة وبدائل عملية قُبيْل الخروج للساحات، لكنهم بصبرهم وتضحياتهم ونضالهم ارغموا الجميع على الجلوس على طاولة الحوار دون اقصاء لأحد..اجتمعت  فسيفساء اليمن كلها، فأنتجوا الرؤية (وثيقة الحوار الوطني).
 
شباب أطهار أنقياء مؤمنين بالتغيير،غير انهم كانوا لا خبرة لهم في  إدارة وبناء دولة عصرية ديمقراطية حديثة!؛فاستدرجوا وسلّموا للاحزاب، فتم احتوائهم!
 
ثورة فبراير  لا ينبغي جلدها وسلقها ولا تسفيهها وتعنيفها،  ولا يعاب شبابها ولا يوبخون ولا يُسخر منهم ولا يجرمون ولا يُتنمّر عليهم، فمعظمهم كانوا رجالاً وقادتهم الميدانيين  كانوا أشجع الناس، فلاقوا الموت من أجل ان يحي اليمانيون، وأغلبهم قد قضوا نحبهم بصدور عارية أو بمواجهات مع المنقلبين على الشرعية .
 
بل ينبغي التركيز وتوجيه كل اللوم والشجب والاتهام  على من احتوى وتأسد وأبدع ليس بإقامة دولة ناجحة، وانما بكيفية احتواء شباب التغيير.. فكان لهم ذلك..  فتم الاحتواء، وجردوا  الشباب من سلاحهم السلمي.
 
 ونصٌب الأحزاب أنفسهم  أوصياء على شباب الثورة.. فتحدثو باسمهم، وتفاوضو باسمهم، وتنازلو باسمهم وتناصفو باسمهم، واعطو الحصانة باسمهم..وكثير منهم يحكم اليوم باسمهم!
 
ومن يتسابقون  على حكم اليمن المكلوم اليوم،  يقبلون ان يتصارعوا  على إدارة  كانتونات، ولا يشكل غياب الدولة عندهم  مشكلة.. هم ذاتهم من انضموا لثورة الشباب ليس من أجل التغيير للآسف، وإنما لأنه كان عندهم مشكلة مع الرئيس الاسبق (علي عبد الله صالح)، فأرادوا التخلص منه لا من نظامه، فاستغلوا ثورة الشباب لترحيله!
 
كل اولئك هم من  يتحملون وزر المرحلة وما وصلت اليه البلاد من التشظي، ومن حكم الميليشيات، وتغييب الدولة ولو بعنوانها، وهي  التي كانت تقدّم بعض الخدمات مع الاعتراف بهشاشتها وسيطرة المتنفذين على مواقعها!
 
ويا أيها الناقدون المتحاملون.. وجهوا سهامكم عليهم ووبِّخوهم،  لا بل حاكموهم إن أردتم على كل ما مضى!
 
 أما ثورة فبراير فيكفي منها أنها انتجت لكم رؤية (وثيقة الحوار الوطني الشامل) لمن يريد ان يبني دولة يتعايش بها الجميع.. دولة  لكل ابنائها يسود فيها التوزيع العادل  للسلطة والثروة.
 
ويكفي منها كذلك أنها قد أثبتت أن الجميع عاجزون وفاشلون في الاستفادة مما خرجت به ثورة الشباب على الأقل من موجّهات في مخرجات الحوار الوطني للخروج الى مستقبل ديمقراطيّ واعد، تنتهي فيه المحسوبيات وخالي من الفساد، ومن  الشللية والميليشيات، ويحترم فيه الدستور والقانون وإعماله.
 
ثورة 11فبراير ينبغي ألا تكون شماعة  للأخطاء،  ولا للجرائم المرتكبة،  ولا للانقلاب وتفكيك الدولة ولا للفشل!؛
 
بل ينبغي إحياء روحها وتفعيل مطالبها وأهدافها من جديد، واشراك من تبقى من قادتها ومناصريها في تحمّل المسؤولية في المرحلة الانتقالية.
 
وينبغي استمرار النضال لتمكيّن كل مكوّناتها احزاباً(الغائبون المغيبون اليوم)، ومجتمع مدني( نقابات،  اكاديميون،متخصصون، مثقفون، نشطاء، نساء وشباب وقبائل، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة).
 
تحية لثورة 11 فبرار التي ايقظت النائمين،وغرست بناء  دولة في نفوس المتقائلين، وفضحت المتستّرين، وابدعت في انتاج رؤية للبانين.
 
الرحمة والخلود لشهداء ثورة 11فبراير.. وحتما أن التغيير آت، آت.
 

التعليقات