الأحزاب اليمنية وضرورة اللحظة الراهنة
الإثنين, 10 يونيو, 2024 - 11:28 صباحاً

في خضم معركة اليمنيين اليوم أمام مشاريع يراد منها العودة بالوطن إلى عصور التخلف والقهر الإمامي والتشطير والهيمنة الخارجية، هناك الكثير من المعارك الداخلية -إن صح التعبير -التي لابد من أن تنجز أولا، وأبرزها معركة إصلاح الأدوات والكيانات التي من المفترض أن تقوم بتلك المهمة التاريخية العظيمة، أي مهمة مقاومة الإمامة الهادوية والتشطير وهيمنة الخارج الذي لا يريد للوطن الاستقرار أو التنمية والتطور.
 
وأهم تلك الأدوات هي الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية التي من المفترض أن تقوم بواجبها الدستوري والأخلاقي بالتعبئة الفكرية والسياسية تحت قيادة الدولة الشرعية في مواجهة تلك المشاريع المتخلفة.
 
هذه الأحزاب مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإصلاح أعطابها الداخلية، كي تتمكن فعلا من المواجهة وامتلاك المشروعية والثقة الشعبية الجماهيرية، وقبل ذلك امتلاك ثقة أعضاءها وقواعدها التنظيمية.
 
لا يكفي أن يكون للحزب أعضاء كثيرون، ولا أن يكون لديه برنامج عصري حديث، فمن دون الإدارة الحزبية التي يتحول العضو بها وفيها إلى وحدة نشطة مؤثرة، فإن التنظيم يصبح مقبرة لدفن الأحياء، أو بالأصح يصبح آلية لكبت الهمم وإراقة الطاقات.
 
علما بأن النشاط ليس مجرد إعطاء الأعضاء الحق في الاستقطاب وتكليفهم تنفيذ مهام التنظيم، بل هو في جوهره دفع العضو للمشاركة في رسم هذه المهام، وترتيب الأولويات.
 
إنه وكما تقول الدكتورة بلقيس ابو أصبع -وهي من أهم المتخصصين في الشأن الحزبي اليمني - «يزداد الإدراك بأن ثمة علاقة حميمية بين الحياة الداخلية للأحزاب وبين دورها في المجتمع وسلوكها في السلطة».
 
وعلى ذلك فالحل يبدأ أولا من عمق الأحزاب، ويتوجب على الأحزاب اليمنية -خاصة الكبيرة والمؤثرة منها - أن تقف أمام أداء إدارتها التنظيمية، وأظنها قادرة لو اقتنعت بأهمية ذلك، مالم فإنه سيصح على تلك الأحزاب الكبيرة ما كان يقوله الأستاذ عمر طرموم- رحمه الله _ أحد رجالات الرعيل الأول للحركة الإسلامية في اليمن، مبكرا عن الأحزاب الديناصورية ذات الجسم الكبير والرأس الصغير، وهي معادلة - رأس صغير لجسم كبير - تؤدي بالكائن للهلاك، والرأس هنا هو الإدارة كآلية لا أشخاص.
 
ولن يكون سهلا الخروج، دفعة واحدة من إرث القديم والمفاهيم التنظيمية السابقة، بيد أن محاولة تضييق هذا الإرث، فضلا عن كونها ملحة فهي ممكنة ايضا.
 
ولا يجب أن يحمل الأمر أي شعور بامتهان التجربة الماضية، فتلك مرحلة بحسناتها ومساوئها وحققت الكثير، ولسنا أمام محكمة للماضي، بل أمام استشراف المستقبل، ولكل فصل ملابسه المناسبة، وهذا هو «مقتضى العدل والإحسان» المأمورين به دينا، والإحسان للماضي والحاضر، لا يتحقق إلا بالعدل حاضرا ومستقبلا.
 

التعليقات